شمال غزة- كمال عليان
مما لا شك فيه أن المساجد كانت أحد الأهداف لجيش الاحتلال الصهيوني خلال حربه الأخيرة في قطاع غزة، فمنذ اليوم الثاني بدأت مدفعيات وطائرات الاحتلال باستهداف المساجد من جنوب القطاع إلى شماله.
وتحول أكثر من واحد وأربعين مسجدا إلى أثر بعد عين بعد أن سويت بالأرض وفي أقوى صور الهمجية الإسرائيلية كان استهداف مسجد الشهيد إبراهيم المقادمة شمال غزة وبداخله المصلون يؤدون صلاة المغرب والعشاء جمعا.
بدورها توجهت "الرسالة نت" إلى مسجد المقادمة الواقع في مشروع بيت لاهيا شمال غزة والتقت بإمام المسجد ورواده من المصلين .
شاهد على الجريمة
الشيخ عماد قرموط "أبو اسلام" إمام المسجد يروي لنا حكاية المجزرة بقوله:" كنت يومها إمام بالمصلين في صلاتي المغرب والعشاء جمعا بسبب ظروف الحرب"، مشيرا إلى أنه وأثناء موعظة كان يلقيها أحد المشايخ أطلقت الطائرات حمم صواريخها على باب المسجد مما أدى لاستشهاد ستة عشر مصليا وأصابت العشرات منهم.
ويؤكد أبو إسلام على أنه رأى بأم عينه جثث الشهداء وهي متناثرة على أعتاب المسجد، منوها إلى أن العدو لم يلجأ لقصف المساجد إلا لأنه يعلم أنها صانعة الرجال والأبطال.
وأضاف إمام المسجد :" لقد فشل العدو بكل ترسانته العسكرية في مواجهة أبطال المقاومة الذين تربوا في كنف المساجد فصب حمم غضبه عليها ظنا منه أنه يستطيع إخماد صوتها"، مشددا على أن المساجد بقيت تصدح بصوت الله أكبر رغم القصف.
ويعود أبو إسلام بذاكرته إلى الوراء وهو ينظر إلى جنبات المسجد ويتابع:" لقد كان عدد المصلين في ذلك اليوم أكثر من العادة رغم أنهم كانوا يعلمون بأن القصف يطال المساجد"، مؤكدا على أن عددهم تجاوز الـ 250 مصل أنهوا صلاة العشاء مع المغرب جمعا.
ولازالت آثار شظايا الصواريخ الصهيونية منقوشة على جدران وباب المسجد لتبقى شاهدة على مجزرة بشعة تضاف إلى المجازر السوداء التي ارتكبها العدو بحق الفلسطينيين.
محرقة المساجد
ويقول أبو محمد أبو ندى (45عاما) وهو أحد الشهود على المجزرة:" كنا نستمع لموعظة بعد صلاة العشاء جمعا فإذا بصاروخ يسقط على باب المسجد فأخذ الناس يهرعون"، مبينا أنه رأى العديد من الجثث والأشلاء المتقطعة وجرحى يصرخون ودماء قد تناثرت على باب وجدران المسجد.
وأوضح أبو محمد أنه حاول إسعاف الجرحى لكنه لم يستطع من هول المنظر آنذاك، مشيرا إلى أن جيران المسجد هرعوا للمكان وأسعفوا الجرحى عبر السيارات المدنية حتى جاءت طواقم الإسعاف وانتشلت 16 شهيدا ارتقوا وهم داخل المسجد.
وأما أبو محمد السيلاوي (50 عاما) والذي كان يصلي مع أقاربه الخمسة داخل المسجد يومها قبل أن يفقدهم جميعا في هذه المجزرة فلازال يذكر ذلك اليوم بكل قوة وكأنه حفر في ذاكرته دون نسيان.
وتابع صبح: فزع المصلون خوفا من هول ما جرى لهم وأخذوا يلملمون أشلاء الشهداء الذين سقطوا في تلك المجزرة البشعة وينقلون الجرحى لمستشفى كمال عدوان القريبة من المسجد في ظل تخوف سيارات الإسعاف والدفاع المدني من الاقتراب من مكان الحادث تحسباً من استهدافهم من قبل الطائرات.
وقال صبح بأن الشهداء والجرحى اللذين سقطوا في تلك المجزرة جميعهم من المنطقة, نافياً الذريعة الإسرائيلية بتواجد مسلحين بالمنطقة ".
وبين أنه كان يومها يعلم أن العدو يستهدف المساجد وقد حاولت زوجته منعه من الذهاب للمسجد إلا أنه أصر على ذلك وخرج مع أقاربه ولكنه لم يكن يعلم أنه سيعود وحيدا، متمتما بقوله:" إنا لله وإنا إليه راجعون".
و يشدد السيلاوي على أنهم رغم كل هذه المجازر إلا أنهم ثابتين وصامدين فوق أرضهم، مفتخرا بأن مسجده قد قدم هذه الكوكبة من الشهداء من خيرة شباب المسجد "فهم يحبون الشهادة فهنيئا لهم هذه الشهادة المباركة".