في ذكرى النكبة الـ64

يافا والرملة.. حبهما باق في قلوب الفلسطينيين

من الارشيف
من الارشيف

غزة - ياسمين ساق الله

الخامس عشر من مايو.. تاريخ ما زال محفورا في ذاكرة الفلسطينيين الذين هجروا من قراهم ومدنهم قسرا بفعل جرائم الاحتلال (الاسرائيلي) ضدهم عام 1948.

وتعرض الشعب الفلسطيني في عامي 48 و76 لمأساتين كبيرتين عرفتا باسم "النكبة" و"النكسة"، وتسببتا بطرد الفلسطيني من بيته الذي ورثه عن آبائه وأجداده، وترحليه إما للخارج أو لقطاع غزة، وذلك عقب هزيمة الجيوش العربية التي دخلت لتحرير فلسطين.

"الرسالة نت " تسلط الضوء في هذا التقرير على معاناة الغزيين بعد مرور 64 عاما على النكبة، فالتقت عددا من اللاجئين وحاولت نبش ما بالعقول من تفاصيل حول رحلة التشرد.

أمنيات ..

ويقول أبو حسن "75 عاما" وهو متزوج ولديه أحد عشر فردا ويقطن في مخيم البريج: "لا أدري من أين أبدا حديثي، فما مررنا به خلال هروبنا من مدينتي زرنوقة التي تقع قضاء الرملة لا يوصف"، مؤكدا أن حياتهم هناك كانت جميلة على عكس الحياة اليوم.

ويضيف وهو يحاول نبش ذاكرته: "عندما رحلنا من زرنوقة كنت أبلغ من العمر عشر سنوات", مطالبا بريطانيا بإعادته لأرضه لأنها -باعتقاده- السبب في نكبة الشعب الفلسطيني وتهجيره.

وتقع زرنوقة في الشمال الشرقي من يبنا والجنوب الغربي من مدينة الرملة، وتبعد عن مدينة يافا 25 كم، وترتفع 50 مترا عن سطح البحر ولها مساحة قدرها (68) دونما.

"

تعرض الشعب الفلسطيني في عامي 48 و76 لمأساتين كبيرتين عرفتا باسم "النكبة" و"النكسة"، وتسببتا بطرد الفلسطيني من بيته الذي ورثه عن آبائه وأجداده، وترحليه إما للخارج أو لقطاع غزة

"

ونهاية عام 2011 بلغ عدد الفلسطينيين 11.2 مليون نسمة منهم 4.2 مليون في الأراضي الفلسطينية، و1.37 مليون في أراضي 1948.

ويشير أبو حسن إلى أن طفولته كانت تحمل في ثناياها كثيرا من المواقف الجميلة والحزينة التي عايشها برفقة أصدقائه في ذلك الوقت، لافتا إلى أن اقتحام الاحتلال لمدينته من أجل الاستيلاء عليها كان من أصعب اللحظات التي مرت عليه.

ويضيف: "ما أقسى تلك اللحظات!.. (إسرائيل) قصفت منازلنا كالوحش المسعور ولكننا استطعنا بحمد الله الخروج من بيوتنا والوصول إلى البحر لأنه الوسيلة الوحيدة التي كانت متوفرة لإنقاذنا من هذه الجريمة"، ويتابع: "عندما ركبنا البحر كنا سنحتمي بالمجدل ولكن وجود اليهود فيها دفعنا للتوجه نحو غزة".

ويتمنى أبو حسن العودة إلى مسقط رأسه، مؤكدا أنه لن يتنازل عن حلمه مهما كان من زمن، "فحق العودة من الثوابت الفلسطينية".

وتؤكد المعطيات والشواهد التاريخية أن تهجير الفلسطينيين من ديارهم كان عملية مدبرة منذ وقت طويل، فقد تشرد أكثر من 800 ألف فلسطيني إلى الضفة والقطاع والدول العربية المجاورة، وفي المقابل أعلن قيام كيان (إسرائيل) على أنقاض الشعب الفلسطيني.

حرمان ..

الحال لم تختلف كثيرا عند سهام قشطة "70 عاما" التي هجرت عائلتها من المدينة التي كانت تعتبر نافذة فلسطين على البحر المتوسط، وإحدى بواباتها المهمة, فهي تتمنى العودة إلى يافا وتحديدا منطقة المنشية مسقط رأسها؛ لتشاهد ما حرمت منه حين كانت في سن السادسة.

"

نهاية عام 2011 بلغ عدد الفلسطينيين 11.2 مليون نسمة منهم 4.2 مليون في الأراضي الفلسطينية، و1.37 مليون في أراضي 1948

"

وتقول: "لحظة الهجرة حلت علينا كالصاعقة، فقد هربت برفقة حوالي 290 شخصا عن طريق البحر من قوة الضرب والقصف الذي تعرضت له المدينة".

وأوضحت أن المركب الذي كان يقلهم كاد يغرق أثناء رحلة التشرد مما اضطرهم لإلقاء بعض الأثاث في البحر من أجل النجاة والوصول إلى رفح، منوهة إلى أن بعض عائلات يافا هربت إلى الأردن عبر طريقي اللد والرملة.

وأضافت: "أجمل ما في يافا بحرها، فقد كنا نقضي معظم أوقاتنا ونحن على شاطئها، ولكن الاحتلال حرمنا من هذه اللحظات الجميلة", مؤكدة أنها ما زالت تذكر شوارع المدينة وأزقتها وأسواقها بكل تفاصيلها الجميلة، ومتسائلة: "كيف يمكن أن أنسى يافا التي تربيت في داخلها؟".

يذكر أن ليافا تاريخ يمتد منذ (4000 ق.م)، وقد بناها الكنعانيون وكانت مملكة بحد ذاتها، وغزاها الفراعنة، والآشوريون، والبابليون، والفرس، واليونانيون، والرومانيون، ثم فتحها القائد الإسلامي عمرو بن العاص بالإضافة إلى أنها ضمت سبعة أحياء رئيسية هي: البلدة القديمة، وحي المنشية، والعجمي، وأرشيد، والنزهة، والجبلية، وحي هريش.

كما كانت تلعب يافا دورا مهما في ربط فلسطين بالعالم الخارجي لوقوعها محطة رئيسية تتلاقى فيها بضائع الشرق والغرب، وجسرا للقوافل التجارية, حيث يعتبر ميناء يافا ميناء فلسطين الأول من حيث القِدم والأهمية التجارية والاقتصادية.

البث المباشر