لا يكاد يمر يوم إلا وتنطلق صرخات الفلسطينيين شاكية ظلم المحتل، ولعل أصدحها وأكثرها إيلاما تلامس باحات مسرى رسول الله ومآذن حيفا وقباب صفد وأسوار عكا، فهناك يعيشون على أرضهم مظلومين "منكوبين" بممارسات يومية تهدف لترحيلهم مرة أخرى.
ولا شك أن الفلسطيني الذي رفض التهجير عام 1948 وبقي في أرضه لا تساويه كل كنوز الأرض، ولكنه ما زال حتى الآن يدفع ثمن صموده وحفاظه على هويته، حتى بات يعيش في دوامة حقد "إسرائيلية" تلازمه أينما ذهب.
وفي هذا السياق يقول الخبير المقدسي جمال عمرو بأن" الاحتلال يحاول صنع نكبة جديدة كالتي أحدثها قبل 64 عاما من خلال تسليط كل أسلحته ضد المقدسيين من اجل طردهم من أرضهم".
واعتبر الخبير في تصريح لـ"الرسالة نت" بأن ممارسات الاحتلال في القدس والأراضي المحتلة عام 1948 توضع في إطار ممنهج منظم ضمن سياسة مخطط لها على كل الصعد من أجل طرد من تبقى من الفلسطينيين، حيث أن أبرز تلك السياسات تتعلق بحزمة من القوانين العنصرية أقرتها سلطات الاحتلال ومن ثم تنفيذ واقعي لها.
"الاحتلال يحاول صنع نكبة جديدة كالتي أحدثها قبل 64 عاما من خلال تسليط كل أسلحته ضد المقدسيين من اجل طردهم من أرضهم"
"
وأضاف عمرو بأن سياسات هدم المنازل ومصادرة الأراضي والاستيلاء على العقارات وفرض الضرائب الباهظة وإغلاق المؤسسات واعتقال الشخصيات وإبعادها وإهمال الخدمات كلها تندرج في إطار تنفيذ الاحتلال لنكبة بحق المقدسيين وأهالي الداخل المحتل.
من جهته يرى عضو المكتب السياسي في الحركة الإسلامية داخل الأراضي المحتلة عام 1948 توفيق محمد بأن الاحتلال وعبر قوانينه العنصرية يحاول أن يلحق المقدسيين بركب اللاجئين في الشتات، حيث تنص تلك القوانين على طردهم بوسائل غبر مباشرة.
ويقول محمد في تصريح لـ"الرسالة نت" :" الاحتلال يحاول تجديد نكبة الفلسطينيين من خلال هدم المنازل ومصادرة الأراضي وسرقة العقارات".
ويضيف:" الفلسطيني في الداخل يعيش تحديات كثيرة، فهو يحاول أن يحيا عزيزا رغم كل محاولات الإذلال بحقه ".
هل تتحقق النكبة؟
وفي ظل الممارسات العنصرية تلك يتخوف الفلسطينيون من حدوث نكبة أخرى جديدة في القدس والداخل المحتلين، فتلك لا يمكن أن يحتملها أحد ولا أن يعتاش معها يوميا، فهل يمكن أن يتحقق الهدف "الإسرائيلي"؟
"سياسات هدم المنازل ومصادرة الأراضي والاستيلاء على العقارات وفرض الضرائب الباهظة وإغلاق المؤسسات واعتقال الشخصيات وإبعادها وإهمال الخدمات كلها تندرج في إطار تنفيذ الاحتلال لنكبة بحق المقدسيين
"
وهنا يقول الخبير عمرو بأن النكبة الأولى التي عاشها الفلسطينيون جعلت لدى المقدسي "مناعة" ضد التهجير، فهو أيقن بأن أي خطوة يخطوها نحو الرحيل من أرضه ستعيده للوراء ولن تكون الحل في إنهاء الظلم الواقع عليه.
ويضيف:" النكبة كانت ورقة سوداء في حياة الفلسطينيين وما زالت، ولكن اليوم يحاولون تخطيها وعدم تكرارها ولو كان السيف ملامسا لرقابهم، لذلك هم قرروا الصمود والثبات وأدركوا بأن من بقي في أرضه عام 48 يساوي مليون فلسطيني".
أما محمد فيرى بأن الممارسات العنصرية لدولة الاحتلال هي من تعزز صمود الفلسطينيين في الداخل، فالاحتلال هو من صنع لديهم التحدي بعد أن حاول محوهم عن أرضهم.
ويقول إن الصمود الأسطوري للفلسطينيين في الأراضي المحتلة في ظل كم هائل من العنصرية الموجهة ضدهم أصبح يؤرق الاحتلال ويهزمه شيئا فشيئا، لذلك اتخذوا قرارا بالبقاء ولو كلفهم ذلك أعمارهم.