حسمت حركة فتح قرارها "المنفرد" بإجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية دون قطاع غزة، وهي بذلك تخالف الإجماع الوطني الذي جرى بين الفصائل والقوى الفلسطينية في اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة بضرورة التوحد على كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني.
حركة حماس والحكومة الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية، عبرت من جانبها عن الرفض التام لـ"الخطوات المنفردة التي تقوم بها حركة فتح وسلطتها في الضفة بشكل يعكر ويعطل مسار المصالحة ورفض تطبيق الاتفاقات الموقعة".
وأكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي، توجه حركته والسلطة برام الله إلى إجراء انتخابات محلية في الضفة الغربية حتى لو لم تجر في قطاع غزة، مشيراً إلى أن إجراءات التحضير لهذه الانتخابات بدأت بعد حسم القرار من قبل قيادة فتح والسلطة.
وزعم زكي في حديث لـ"الرسالة نت" أن الانتخابات المحلية بالضفة تعطي الشرعية الانتخابية للبلديات بعد مضى سبع سنوات على تشكيل المجالس المحلية الحالية، لافتاً إلى أنه لا يجوز أن تتعطل مصالح المواطنين والبلد أكثر من ذلك، وفق تعبيره.
وقال "شعبنا تواق لأن يختار على الأقل مجلسه البلدي إذا لم يتاح له ممارسة حقه في الانتخابات التشريعية والرئاسية إلى حد الآن"، مضيفاً "إذا لم يتاح لشعبنا اختيار قيادته السياسية فأقلها أن ينتخب ممثليه في الخدمات".
ويرى زكي بأن اعتراض حركة حماس على إجراء الانتخابات المحلية في غزة في الوقت الراهن "لن يمثل مشكلة بالنسبة لهم"، وقال متهكماً " لسنا كغزة محكومة بحزب واحد، لكن عندنا عدة أحزاب تحكم في الضفة وديمقراطية واسعة ..!".
وتساءل زكي "هل ننتظر عشر سنوات أخرى حتى تُنجز المصالحة..؟"، واسترجل في حديثه بالقول "كما شاركت حماس في انتخابات مجالس الطلبة في الضفة فإنها سوف تشارك في الانتخابات المحلية في الضفة".
"زكي: سنتوجه للانتخابات بالضفة حتى لو لم تجر في قطاع غزة
"
استحقاق يحتاج لتهيئة
الزعم الأخير لزكي نفاه بالمطلق النائب عن كتلة التغيير والإصلاح فتحي قرعاوي، مؤكداً أنه لا يمكن لحركته المشاركة في خطوات انفرادية من شأنها أن تعزز الانقسام. وقال " حماس لا تخشى صناديق الاقتراع".
وبالرغم من ذلك فقد أشار قرعاوي لـ"الرسالة نت" إلى أن الانتخابات استحقاق لا بد منه ليس على مستوى المجالس المحلية وحسب ولكن على مستوى التشريعي والرئاسة، مستدركاً " غير أن أية انتخابات لا بد أن يجري التحضير لها جيداً من جميع الأطراف ولا بد من تهيئة الأجواء لها سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة ".
وشدد قرعاوي على وجوب توفير حرية الكلمة على الأقل في ظل مصالحة مقبولة من جميع الأطراف حتى يأمن المواطنين أن ينتخبوا من يمثلهم بشفافية ونزاهة"، مؤكداً أن الضفة الغربية يصعب فيها إجراء الانتخابات في الظرف الحالي، علماً بأن عدد كبير من مواطني الضفة الذين تسببوا بالفوز الساحق لحماس في الانتخابات التشريعية والمحلية السابقة "قد جرى ملاحقتهم و اعتقالهم و انفصلوا من وظائفهم "، وفق قرعاوي.
"قرعاوي: كلما يئست فتح من المفاوضات تلجأ لخطوات داخلية
"
تعبير عن اليأس والفشل
وأوضح قرعاوي أنه كلما يئست "سلطة فتح" من موضوع المفاوضات فإنها تلجأ إلى اتخاذ خطوة داخلية من جانب واحد للتغطية على فشلها، لافتاً إلى الأخيرة لجأت في مرات سابقة إلى إجراءات من هذا القبيل وعاودت التأجيل أو التراجع عنها تحسباً من عدم استعدادها وتخوفها من الفشل.
ونصح قرعاوي حركة فتح بعدم الإفراط في التفاؤل النابع من فوز "بعض" تكتلاتها الطلابية في انتخابات جامعات الضفة، لافتاً إلى أن هذا التفاؤل ربما دفعهم إلى استغلال الفرصة وتطبيق التجربة على المجالس المحلية ظناً بأنهم سوف يفوزوا بأية انتخابات قادمة.
وقال "من قرأ التحليلات التي صدرت مؤخراً عن الكثير من القيادات الفتحاوية، يرى أنهم يوهمون أنفسهم بأن فتح أعادت تنظيم نفسها ويعتبروا ذلك تنوع من النجاح والالتفاف الجماهيري حولهم وذهبوا إلى ضرورة استغلال هذا الوهم في خطوات لاحقة غير محسوبة".
ولم يستبعد قرعاوي أن تقوم "سلطة فتح" بإجراءات أخرى لاحقة على الصعيد الداخلي من ضمنها إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة دون غزة، علماً بأن عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لفتح ألمح إلى توجه السلطة لإجراءات داخلية بالضفة في المستقبل القريب. وعلق قرعاوي على حديث الأحمد فقال "من خطط وقرر وأجل الانتخابات السابقة هي حركة فتح ورغم ذلك خسروا والآن هم يعيدوا نفس السيناريو".
وأشار قرعاوي إلى أن حملة الاعتقالات والملاحقات والضغط على المقاومة في الضفة، جعل أنصار حماس يصمتوا خلال تلك الفترة، غير أن المناسبات الوطنية الأخيرة وخاصة معركة الأسرى "أثبتت أنهم في مقدمة الصفوف عبر التضامن والإضراب مع الأسرى"، مؤكداً بأن
حركة حماس رغم كل ما أصابها من "بلواء" من الاحتلال والسلطة فإنها مازالت موجودة في كل مكان في الضفة الغربية.
وكان ما يسمى "عاميت يمين" مسئول العمليات في جيش الاحتلال في الضفة قال "إن حماس تعيد بناء وتعزيز قوتها في مناطق الضفة رغم عمليات الملاحقة والاعتقال ضدها"، لافتاً النظر إلى أنه تم خلال شهر آذار (مارس) من العام الحالي اعتقال نحو 320 فلسطينيًا، وتم تحويلهم إلى الاعتقال الإداري، مقابل 220 أسير فقط في نفس الشهر من العام الماضي.
"خريشة: معظم الهيئات المحلية بالضفة معينة من أجهزة السلطة
"
هيئات محلية معينة
من ناحيته، فقد قلل النائب المستقل حسن خريشة من أهمية الانتخابات المحلية بالمقارنة مع الانتخابات السياسية-التشريعية والرئاسية-، مبدياً تأييده لها باعتبارها حق للمواطن العادي في تحسين ظروف خدماته.
وبرر خريشة تأييده لـ"الرسالة نت" بإجراء الانتخابات، بأن معظم الأعضاء الحاليين للهيئات المحلية في الضفة الغربية "معينين من قبل أجهزة السلطة وبالتالي يجب على المواطنين عزلهم عبر الانتخابات"، مذكراً بأن الانتخابات المحلية السابقة عام 2004-2005 كانت على مراحل، كما بقيت ثلاث مدن كبرى لم تجري فيها الانتخابات مثل "نابلس والخليل وغزة".
وبالمقابل، فقد اعتبر خريشة أن اقدام حركة فتح على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في الضفة دون غزة "تعميق للانقسام وبمثابة طلاق سياسي مرة واحدة وإلى الأبد"، منوهاً إلى انتخابات مجالس الطلبة في الضفة "ليست معياراً يوهم حركة فتح بقوتها في الضفة لأن هذا الفوز المزعوم محدود جداً ولا يمكن أن يفرز القادة الحقيقيين للشعب الفلسطيني".
تجدر الإشارة إلى أن الانتخابات الطلابية في عددٍ من جامعات الضفة "شهدت تزويراً وتدخلاً أمنيًا"، الأمر الذي اعتبرته فصائل المقاومة والمراقبون مؤشر "يشكك في نزاهة أي انتخابات مقبلة ويثير القلق حول دور الأجهزة الأمنية في مصادرة الحريات وفرض نتائج الانتخابات".