قائمة الموقع

الشاب عاشور.. فقد ساقيه ولم يفقد الأمل في الحياة

2009-12-29T17:00:00+02:00
الشاب فرج عاشور

غزة-خاص الرسالة نت

يجلس الشاب فرج عاشور على كرسيه المتحرك ينظر من بعيد إلى أصدقائه الذين يركضون في الملعب خلف الكرة، لكن ملامح التشجيع غائبة عن وجهه القمحي. 

ويعجز الشاب عاشور في التاسعة عشر من عمره، عن ممارسة هوايته المفضلة (كرة القدم) بعد أن أفقدته الصواريخ الإسرائيلية خلال الحرب على غزة قبل عام، ساقيه، ولا تمثل الكرة له الآن سوى ذكريات.

ويسكن فرج وهو يتيم الأب مع والدته وأخيه الذي يصغره سنا في بيت متواضع في حي الزيتون شرق مدينة غزة.

وباتت تسديد رمية بالقدم حلم صعب المنال بالنسبة للشاب فرج، الذي أصيب في الرابع من يناير الماضي، وهو اليوم الثامن من أيام الحرب الأخيرة على غزة.

يروي فرج صاحب الساقين المبتورتين ما حل به من مأساة قائلا: "عندما شعرت بأن خطر الاحتلال يقترب من بيتنا أجريت اتصالا هاتفيا على سائق لسيارة أجرة لتقلني وأمي وشقيقي وابنة شقيقتي، إلى مكان أكثر أمانا".

وتبدو اللحظة الحاسمة في تاريخ فرج، بعد دقائق من الاتصال الذي أجراه، حين خرج إلى ناصية الشارع لانتظار السيارة، ففوجئ بابنة شقيقته حنين تقترب منه في وقت غار فيه الطيران مسقطا حمم صواريخه الحاقدة.

يعود فرج بذاكرته عاما إلى الوراء ويقول: "لم نكن نتوقع أن يستهدفنا الصاروخ (..) نحن لم نكن نحمل لا صاروخا ولا سلاحا".

ثوان معدودة كانت كافية لان تفصل ما بين مشهدين مختلفين تماما، فقد تغير ملامح الجسد النحيف وأصبح فرج مخضبا بدمه مقطع الساقين، فيما سقطت شقيقته حنين مغشى عليها وساقها مبتورة وملقاة بجانبه.

لم يغب فرج بتاتا عن الوعي فقد رأى كل ما يدور حوله بوضوح-هكذا هو يقول- ويضيف: "كان الصراخ مدويا .. الجميع كان ينادي على مسعف".

حضرت سيارة الإسعاف المحملة بالمصابين لتزيد عليهم مصابا جديدا وهو فرج أما حنين فلم يكن لها متسع في سيارة الإسعاف، فكانت سيارة الاجرة التي سبق وأن طلبها فرج على موعد مع الوصول، فأقلتها ومن معها ليس إلى مكان آمن كما رجت وإنما إلى المشفى.

ويقول فرج: "عندما استيقظت من غيبوبة العملية الجراحية وجدت نفسي بلا سيقان..موقف لن ينسى".

واستكمل فرج علاجه في جمهورية مصر العربية، حيث خضع لعملية استئصال الشظايا التي استقرت فيما تبقى من ساقه وكذلك لتجميل موضع البتر.

لم يفقد فرج الأمل بسبب إصابته البالغة فقد اجتاز امتحانات الثانوية العامة، وحصل على معدل 72% رغم انقطاعه عن الدراسة ما يقارب الأربعة أشهر.

طموح الشاب فرج اليوم محدودة، فهو يتطلع لتركيب أقدام اصطناعية، لكن يبدو أن هذا الطموح لم يتحقق لاسيما أن تقييم الأطباء لحالته تؤكد أنه يصعب استخدامه للأطراف الصناعية.

ولم يمكن البتر الكبير في ساقي فرج، بالإضافة إلى نحافة جسده من تحمل ثقل الأقدام الاصطناعية.

وعن أكثر الأيام قسوة مرت على فرج خلال العام هو ذاك اليوم الذي زفت فيه شقيقته، ويقول: "تمنيت حينها لو أني أقوى على السير حتى ولو على قدم واحدة لكي استطيع أن أقف مع شقيقتي وأساعدها كما كنت في السابق".

ويظل حلم فرج بسيطا كحياته البسيطة، فهو يتمنى أن يدخل الجامعة سيرا على الأقدام حتى وإن كانت أقداما اصطناعية.

ولكنه يؤكدا أن أحدا لم يمد له يد العون أو يساعده في تحقيق غاياته، إلا أن إرادة الحياة بالنسبة له تدفعه دوماً للصبر على هذا الابتلاء.

ويقول الشاب فرج : "مر عام كامل على معاناتي ولكن لم يقدم لي أحدا أي مساعدة".

فرج عاشور ليس الحالة الأولى أو الوحيد التي تعاني من ويلات الحرب، وإنما هو قصة من بين آلاف القصص التي تبحث عن بصيص أمل وسط العتمة.

 

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00