الوجوه الباسمة والأيدي المتشابكة المتجهة إلى المحاكم الشرعية تعود بحاجبين مقطّبين ونظرة استهجان عندما يصطدمون بإضراب الموظفين عن العمل ! .
لم يكن بالحسبان أن كل الترتيبات المعدّة مسبقاً لدى العروسين ستصطدم بإضراب الموظفين المفاجئ .
وتدور جلبة داخل رواق ديوان القضاء الشريعي بغزة فيما تتشابك عبارات عشرات الموظفين المحتجين على خصم مكافأة عقود الزواج "85 شيكل" من وراتبهم .
هناك شرعوا في تحليل ومساوئ تلك الخطوة المفاجأة معددين هموم الحياة والتزاماتها المالية غير المنتهية .
ويحصل موظفو المحاكم الشرعية منذ عشرات السنين على مكافأة شهرية تتراوح ما بين 150-250 شيكل تقريباً من ريع عقود الزواج من مبلغ قيمته "85 شيكل" لكل عقد زواج .
وكانت القيمة الإجمالية للمبلغ توزع سابقاً على موظفي المحاكم لكن الحكومة منذ عدة سنوات قسمتها مناصفة لتغطية نفقات المحاكم وتشغيل بعض الموظفين وإضافة البقية لرواتب الموظفين.
قرار حديث
وفي هذا السياق يقول محمود الحليمي قاضي محكمة خان يونس الشرعية إن الموظفين في المحاكم أضربوا منذ أسبوع احتجاجاً على خصم المكافأة من رواتبهم .
وأضاف:"صدر قرار في مارس من مجلس الوزراء ووزع حديثا عبر السيد حسن الجوجو بخصم 85 شيكل التي كانت تجبى من عقود الزواج ويحول نصفها للمحاكم ونصفها للموظفين" .
وأوضح أن الحكومة اعتبرت هذه المكافأة الثابتة خارجة عن راتب الموظف وقررت تحويلها لوزارة المالية .
واستهجن الحليمي حجب هذه المكافأة عن الموظفين حيث جرى العرف على إقرارها منذ العهد العثماني ما أثار غضب الموظفين كافة.
وتابع: "لا يوجد الآن موظف على مكتبه ومن يأتي لكتابة عقد زواج لا يستطيع والمضطر يحوّله قاضي المحكمة لمأذون خارجي والمشكلة الآن مطروحة على جلسة الحكومة اليوم للنظر فيها".
نفقات ومكافآت
وتتراوح رواتب معظم الموظفين الذين قابلتهم"الرسالة نت" ما بين 1200-2000 شيكل ما يعني أن غياب تلك المكافأة الثابتة تتسبب في ضائقة مالية بالنسبة لهم .
ويبلغ عدد موظفي المحاكم الشرعية قرابة 250 موظف إضافة إلى عشرين آخرين يعملون على بند البطالة .
خالد الصليبي رئيس قسم الإرشاد والإصلاح الأسرى في محكمة دير البلح الشرعية تساءل بدوره، عن الغاية من حجب الـ"85 شيكل" عن موظفي المحاكم .
وأضاف:" أعرف أن ريع الـ85 شيكل منذ الخمسينات أو قبل يؤول مناصفة للموظف والمأذون حيث يأخذ المأذون 85 شيكل من العقود ويعاد توزيعها للموظفين في المحاكم ومؤخرا جرى تقسيمها مناصفة لتغطية نفقات المحاكم وإضافتها لراتب الموظف" .
وأوضح أن مجمل تلك المبالغ تغطي نفقات أكثر من 20 موظف تحت بند البطالة إضافة لتغطية نفقات المحاكم حيث تعاني المحاكم من انعدام التوظيف في مقراتها نظراً لضائقة مالية –كما يقال .
وخسر ديوان القضاء الشرعي بدءاً من رأس الهرم وانتهاءً بأصغر موظف مكافأة مالية ثابتة كانت أسوةً لهم ببنود مالية مشابهة في وزارات أخرى.
ويقدّر الصليبي تلك المبالغ بما يعادل 15% من رواتب الموظفين وغالباً ما تتراوح قيمة كل مكافئة ما بين 150-300 شيكل حس قوله .
امتياز مؤّقت
يربّت أمين صندوق النفقة في إحدى مؤسسات ديوان القضاء الشرعي براحتيه على مكتبه معدداً الامتيازات المالية لموظفي الوزارات التي حرم منها موظفو المحاكم .
واشترط الموظف عدم الإفصاح عن اسمه قبل أن يقول:"هناك بدل مخاطرة لموظفي الصحة ومكافآت لموظفي التعليم أما نحن فما هي امتيازاتنا؟! مع أن معظم القطاعات لها امتيازات وساعات إضافية" .
ويرى الموظف في مكافآت عقود الزواج أنها نافذة لتحسين رواتب الموظفين في ظل انخفاض رواتبهم.
أما زميله الموظف كـ"كاتب ضبط ومناب عقود الزواج" فتساءل عن جدوى خصم المكافأة لموظفين يتقاضون راتب هو الأدنى في معظم المؤسسات الحكومية .
التحق الموظف الذي رفض ذكر اسمه بالعمل سنة 2004 وهو معيل لسبعة أفراد حيث يكفيه راتبه لنفقات البيت ومصاريف أبناءه الجامعية-كما قال .
ومن المقرر أن تطرح مشكلة موظفي المحاكم الشرعية في جلسة مجلس الوزراء بغزة اليوم حيث يأمل الموظفون في إعادة المكافأة وعدم التصعيد سلباً نحوهم .