بظهور النتائج غير الرسمية للجولة الأولى من انتخابات الرئاسة المصرية قفزت إلى الساحة العديد من التساؤلات عن مسببات ودوافع التقدم الذي حققه المرشح أحمد شفيق، ومبررات تجاوزه لباقي المرشحين الذين كانت استطلاعات الرأي تمنحهم مواقع متقدمة قبيل الانتخابات.
وبالرغم من الهجوم الذي استهدفه انطلاقا من كونه أحد رموز نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، فإن شفيق نجح في الحصول على أكثر من 4.4 ملايين صوت بنسبة تجاوزت 24%، وراء مرشح الإخوان المسلمين، محمد مرسي الذي حاز على ثقة أكثر من 27% من الناخبين المصريين.
وفي قراءة لهذه الأرقام قال رئيس تحرير مجلة "وجهات نظر" أيمن الصياد إنها لا تعني أن الشعب المصري عاد لاختيار شفيق بعد أن رفضه كرئيس للوزراء معين من قبل مبارك، واستدل على ذلك بأن مجموع الأصوات التي حصل عليها المرشحون المحسوبون على الثورة تتجاوز ثلاثة أضعاف ما حصل عليه شفيق.
وأوضح الصياد أن انقسام مرشحي الثورة أدى إلى تفتيت الأصوات وهو ما فسح المجال لتقدم شفيق، مشيرا إلى أن التصويت في الانتخابات التي شهدتها مصر نهاية الأسبوع الماضي كان في أغلب الأحيان وفقا لمبدأ "النكاية في الطرف الآخر"، ذلك أن قطاعات واسعة من الشعب المصري أقلقها سلوك بعض المنتسبين إلى التيار الإسلامي خلال المرحلة الماضية وهو ما دفعهم إلى التصويت على الطرف المقابل الذي تجسد في شفيق.
وقبيل إجراء الانتخابات كتب رئيس تحرير مؤسسة "روز اليوسف" السابق عبد الله كمال أن حملة الهجوم المتواصلة التي استهدفت شفيق من مجلس الشعب وجماعة الإخوان المسلمين جعلته يبدو أمام المجتمع بصفته المرشح المضطهد الذي يريد الكثيرون إبعاده من السباق، إما بقانون العزل، أو بتقديم البلاغات التي تتهمه في ذمته، أو بالهجوم الإعلامي المتواصل عليه.
وساهم التسويق لشفيق على أنه رجل الدولة الحازم القادر على استعادة الأمن والدفاع عن الجيش الذي تعرض لهجمات عديدة خلال الفترة الماضية، فضلا عن خبرته في مجال تسيير أمور الدولة التي يفتقدها منافسوه، في دعمه وجذب اهتمام مزيد من الناخبين إلى صفوفه.
وفي مقابل ذلك أكد أيمن الصياد أن إطالة أمد المرحلة الانتقالية، وافتعال العديد من الأزمات المعيشية وتصويرها كنتائج للثورة، إضافة إلى حملات التشويه التي طالت الثوار والاتهامات الموجهة إليهم بتلقي تمويل خارجي والارتباط بجهات خارجية، أوصلت قطاعا من المصريين إلى الضجر والنفور من الثورة.
وبخصوص الحديث عن دور الأقباط في ترجيح كفة شفيق، قال الصياد إن إثارة فزاعة الإسلاميين أدت إلى تخويف الأقباط ودفعت بقطاع مهم منهم وبمجموعة لا يستهان بها من المسلمين إلى اختيار شفيق بهدف الحد من انتشار التيار الإسلامي، وحذر من أن القول إن كل الأقباط صوتوا لشفيق قد يقود إلى حالة استقطاب شديدة ستصب في مصلحة رئيس الوزراء السابق في النهاية.
من جانبه نبه نقيب الصحفيين ممدوح الولي إلى مساهمة المرتبطين بالنظام السابق والمنتفعين منه في دعم تقدم شفيق.
وأشار إلى أن "الثورة المناوئة للثورة" تكتلت خلف المرشح وذلك خوفا على مصالحها وخشية من الوقوع تحت طائلة المحاسبة في حال وصول مرشح آخر إلى سدة الحكم.
وأوضح الولي أن قيادات سابقة في الحزب الوطني الديمقراطي تجندت لخدمة شفيق، وهو ما يفسر -وفقا لتقديره- حصوله على نتائج كبيرة في عدد من المحافظات التي لم يزرها أصلا خلال حملته الانتخابية.
واعتبر أن مصر دفعت خلال الانتخابات الماضية "ضريبة تأخير المحاسبة"، وذلك عبر عدم الحسم في قضايا الفساد التي تورط فيها رموز النظام السابق.
وتحدث الولي من جانب آخر عن شكوك بشأن مصلحة المجلس العسكري في تقدم شفيق بشكل يضمن له خروجا آمنا من السلطة.
المصدر: الجزيرة نت