عند دخولك للوهلة الأولى في صالة إعداد الطعام وتجهيزه للمرضى في مستشفى دار الشفاء وسط مدينة غزة, تشعر وكأنك في أحد المطاعم الراقية التابعة لـ "فنادق 5 نجوم" التي تقدم وجبات للزبائن تصل تكلفتها بضع دولارات.
مطعم "لاتيرنا" واحد من أشهر مطاعم الخاصة بمدينة غزة, فاز في مطلع يناير من العام الجاري بمناقصة إعداد وتجهيز الطعام لمرضى مستشفى الشفاء, بعد توجه وزارة الصحة في الحكومة الفلسطينية لشراء الخدمة من القطاع الخاص.
"الرسالة نت" وصلت إلى قاعة تجهيز الطعام تزامناً مع موعد الغداء وتتبعت خطوات إعداده وتقديمه للمرضى, كما رصدت ردود الأفعال حول خدمات المطعم وجودة الوجبات التي يستفيد منها المريض.
خالد الراعي مريض بالكلى ويرقد في أحد أقسام المستشفى يقول لـ "الرسالة نت" ما يهمني أن تحضير الطعام يتم من خلال جدول منتظم يوجد به تفاصيل عن الطعام والفواكه التي ستقدم للمريض ومدى تأثيرها على صحته.
ويتابع: "كوني مريض بالكلى فإني أنظم أكلي من خلال حمية غذائية وفق برنامج منتظم, وهو ما توفره لي إدارة المستشفى, سيما بعد شراء خدمة الطعام من إحدى المطاعم الخاصة, الأمر الذي يشعرني بالطمأنينة على صحتي".
واعتبر أن توجه وزارة الصحة لمثل تلك الخطوة يشير إلى حرصها الكبير على صحة المرضى خاصة فيما يتعلق بمسألة الطعام, شاكراً إياها على الاهتمام البالغ الذي توليه للمواطنين ضمن مجهوداتها المتواصلة.
ولم يختلف الحال لدى الحاجة أم سمير النفار التي تعاني أمراضاً مزمنة وتحتاج إلى تنظيم غذائي يضمن لها كسب مزيد من الأمان على صحتها, معتبرةً أن الوزارة تلعب دوراً كبيراً في منح المرضى الثقة والاطمئنان.
وأعربت عن ارتياحها البالغ لما تقدمه المستشفى من وجبات تتناسب مع حالتها المرضية, سيما بعد أن صارت تحصل عليه من مطاعم خاصة, مشيرةً إلى أنها أصبحت تستغني عن إحضار الطاعم من البيت.
توجهٌ وزاري
حاتم أبو قوطة رئيس قسم التغذية بمستشفى الشفاء يقول لـ" الرسالة نت" إن توجه وزارة الصحة لشراء خدمة تقديم الطعام وتجهيزه من القطاع الخاص, جاء نتيجة تجربة الخدمة فيه ومقارنتها مع ما كانت عليه أثناء تأديتها من قبل الوزارة.
ويؤكد أبو قوطة وجود جهات رقابية تقيّم عمل القطاع الخاص, لقياس درجة القبول لدى المرضى حول الوجبات المقدمة لهم, لافتاً إلى أن إدارة المستشفى توزع استبيانات تستطيع من خلالها التعرف على نسبة رضا الموظفين والمرضى.
عدم وجود طاقم مؤهل لتوزيع الوجبات على المرضى كان من أبرز المشكلات التي واجهت إدارة المستشفى, إلا أنها تلاشت –وبسرعة- فور توجه وزارة الصحة الفريد نوعياً إلى شراء الخدمة من القطاع الخاص.
ولم يخفِ استغرابه جراء النسبة التي حصلت عليها الإدارة فيما يتعلق بالرضا عن خدمات القطاع الخاص في تقديم الوجبات, والتي وصلت إلى ما يقرب 80%, مؤكداً استمرار الجهود لزيادة النسبة بشكل أفضل.
"لاتيرنا" المسؤول
عطية ياغي مدير عام مطعم "لاتيرنا" المسؤول عن تقديم الوجبات لمرضى مستشفى الشفاء, يقول لـ "الرسالة نت" إن البداية كانت من خلال "مناقصة" شاركت بها العديد من المطاعم, تحت اشراف لجنة منظمة من وزارة الصحة وضعت شروطاً لضمان الحصول على الفرصة.
ويضيف أن تقديم الحصص الغذائية للمرضى يتم وفق جدول أسبوعي منتظم تضعه وزارة الصحة يراعى خلاله توصيات الطبيب وحالة المريض, بحيث يقدم للمريض ثلاث وجبات يومياً تحتوي كل واحدى على ستة أصناف من الغذاء.
نحو 1300 حصة غذائية تقدم للمرضى يومياً على ثلاث مراحل, تتشابه خلالها وجبتي الفطور والعشاء لدرجة كبيرة بما يتناسب مع حالة المريض, بينما تكون وجبة الغداء هي الرئيسية التي تعتمد على مواد غنية كالأسماك واللحوم, ويتم تقديمها بشكل راقي كما في المطاعم الراقية.
ويشير ياغي إلى أن الوزارة تزودهم بجدول يحتوي تفاصيل الأطعمة التي ستقدم للمرضى مع مراعاة مدى تأثيرها عليهم, فمثلاً مريض السكر نجنِّبه الوجبات التي تحتوي على السكريات, كذلك مريض القلب والكلى.
وفور الانتهاء من إعداد الوجبات وتجهيزها, فإن طاقماً متكاملاً من الموظفين يتبع لإدارة المطعم, يوزع الوجبات على المرضى داخل المستشفى, حيث أن هناك مضيفين يعملون في قسم الرجال, بينما يوجد أخريات يقدمن الوجبات للمرضى من النساء.
وعن مستوى الرضا, يعتبر مدير المطعم أن ذلك يتم من خلال المرضى أنفسهم, وعن طريق تقارير يومية يعدها الاداريين عما يقدم, مؤكداً على أن "حالة من القبول التام أبدتها وزارة الصحة وإدارة مستشفى الشفاء عن أداء المطعم وخدماته المقدمة وجودة الوجبات".
وذكر أن الوزارة تتوجه حالياً إلى إعادة تأهيل المكان المخصص لإعداد الطعام داخل المستشفى وتجهيزه بالمعدات اللازمة, بهدف زيادة فرص التحكم والرقابة, وكسب مزيدٍ من السرعة في تقديم الخدمات, لكن الطاقم والمواد الغذائية ستكون من متعهد خارجي .