بعيدا عن لغة التفاؤل والتشاؤم فإن الطريق إلى المصالحة لا تمر عبر لجنة الانتخابات فقط. كما أن التباطؤ في تشكيل حكومة الكفاءات, واصرار وفد حركة فتح على تغيير وتأخير مواعيد اللقاءات مع وفد حماس في القاهرة يضع علامات استفهام حول التكتيك التفاوضي الذي تتبعه حركة فتح في الجولة الجديدة.
مصادر مطلعة على مجريات الحوار تشير الى تقليص حركة فتح اعضاء وفدها الى اثنين فقط هما عزام الاحمد وصخر بسيسو رغم ان ملف الحكومة شائك ويحتاج الى متابعة فريق أكبر.
كما ان الحماسة السياسية في الضفة للإسراع بتشكيل حكومة الكفاءات تبدو خافتة, فيما كانت تأمل اطراف في الضفة الغربية ان تعرقل حماس عمل لجنة الانتخابات وتنفجر جولة الحوار الجديدة.
"اصرار وفد حركة فتح على تغيير وتأخير مواعيد اللقاءات مع وفد حماس في القاهرة يضع علامات استفهام حول تكتيكها
"
مصادر مطلعة في حركة فتح كشفت ايضا عن استياء داخل الاطار القيادي المتابع لملف المصالحة, جراء موافقة عزام الاحمد على اتفاق القاهرة في العشرين من الشهر الجاري الذي تضمن سبع نقاط يجري تنفيذها بالتزامن مع حماس, وهو ما يعني ان تدفع الحركة بعض استحقاقات المصالحة قبل ان تكون مهيأة لها.
في حماس توقعوا ان تبادر فتح لتقديم اوراق حكومة التوافق سريعا الا انهم فوجئوا بجدول زمني يمتد الى نحو عشرين يوما, يفتح المجال امام مخاطر التخريب من اطراف ترى انها الخاسر الاكبر في حال تم تشكيل حكومة الكفاءات وتقدمت عجلة المصالحة.
الوسيط المصري الذي يدير الحوار يواجه ايضا حسابات الوقت والضغوط الداخلية, في ظل المتغيرات المتوقعة على ضوء جولة الاعادة للانتخابات المصرية والتوتر السائد جراء ذلك, فيما وصلت اشارات واضحة للمخابرات المصرية ان حماس متوجهة بشكل حاسم نحو انجاح مشروع حكومة الكفاءات, ما يضع الوسيط المصري في حرج في حال تلكأت فتح هذه المرة, خصوصا وان الوقت ليس في صالح الجميع.
المفارقة الغريبة في سلوك الطرفين (حماس وفتح) على ضوء خطوات المصالحة الاخيرة, ان حماس تقرأ المتغيرات الاخيرة خصوصا في مصر بشكل اكثر واقعية, وباتت لا تعلق ملف المصالحة –ومن بينها حكومة الكفاءات- على ما ستؤول اليه نتائج الانتخابات المصرية, بما فيها امكانية فوز مرشح الاخوان في منصب الرئيس.
"حماس تقرأ المتغيرات الاخيرة خصوصا في مصر بشكل اكثر واقعية
"
في المقابل يظهر تردد وتباطؤ حركة فتح, ان هناك حسابات داخلية, ابرزها مواقع النفوذ والقوة التي تركزت في الضفة مقابل غزة, ومستقبل الشركاء الرئيسين مع الحركة مثل سلام فياض وغيره من الوزراء والفصائل, الى جانب مخاوف فتح من مرحلة ما بعد حكومة الكفاءات التي يمكن ان تحرر حماس من اعباء سياسية ومادية وادارية, وتلقي بها الى حجر ابو مازن الذي استفاد طوال المرحلة القادمة من توزيع تبعات ازمة الحكم بينه وبين حماس.
الامر الاكيد ان ابتسامات حنا ناصر رئيس اللجنة الانتخابية خلال زيارته لغزة لا تحل المشاكل التراكمية التي تنتظر حكومة الكفاءات, كما ان ابتسامات موسى ابو مرزوق رئيس وفد حماس وعزام الاحمد رئيس وفد فتح, لن تفكك وحدها الالغام التي تنتظرهم عند كل منعطف لتنفيذ بند من البنود السبعة المتزامنة المتفق عليها في اتفاق القاهرة الاخير, فهناك -في الضفة الغربية- من يعد الصواعق ويجهز العبوات السياسية والامنية والتنظيمية لتنفجر فيه وجه فتح وحماس على قاعدة شمشوم (علي وعلى أعدائي).