خطوات متسارعة سار بها أحد موظفي بلدية الاحتلال في القدس ذات ليلة ليلحق بركب الطواقم العديدة المتجمعة في محيط المسجد الأقصى المبارك، وصل إلى المكان وبحوزته خرائط وأوراق تقود عمل الجرافات التي تحاول قدر المستطاع أن تنهي عملها قبل حلول الفجر.
ظن المقدسيون أن تواجد الجرافات بشكل دائم وامتداد الأشرطة البلاستيكية التي تمنع أي شخص من الاقتراب من المكان ووجود صفائح حديدية حوله إنما يغطي أعمال صيانة لأحد المواقع القريبة من المسجد الأقصى، ولكن قلوبهم الملأى بالجراح شعرت بأن جريمة جديدة تحاك بليل ضدهم، ليتبين أنها حلقة جديدة في سلسلة الأكاذيب "الإسرائيلية".
أخطر المشاريع
وتعتبر أوساط مقدسية أن زراعة القبور الوهمية للمستوطنين في أنحاء متفرقة من المدينة المقدسة أخطر المشاريع في القدس والتي تهدف إلى خلق تاريخ مزور للمستوطنين فيها ووضع اليد على مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين.
"زراعة القبور الوهمية للمستوطنين في أنحاء متفرقة من المدينة المقدسة أخطر المشاريع في القدس والتي تهدف إلى خلق تاريخ مزور للمستوطنين
"
ويقول الناشط المقدسي فخري أبو دياب لـ"الرسالة نت" إن الاحتلال يتعمد وضع خططه ضمن هذا المشروع بالقرب من المسجد الأقصى المبارك وتحديدا في منطقة الشياح شرق المسجد وامتدادا إلى الجدار العنصري، موضحا أن هدف الاحتلال من ذلك هو تزوير الحقائق ومحاولة إيجاد موطئ قدم له في فلسطين.
ويبين أبو دياب بأن الاحتلال سرق عشرات الدونمات في تلك المنطقة في الوقت الذي أصدرت فيه بلدية الاحتلال أوامر بهدم 100 مبنى يقطنها أكثر من ألفي مقدسي بحجة أنها غير مرخصة، فيما تنوي هدمها لأجل تنفيذ مشروع القبور الوهمية.
ويضيف:" تبين لنا بأن القبور التي يزرعها الاحتلال وهمية وليس بداخلها شيء، ولكن المخطط يهدف إلى ربط القبور الوهمية بالمستوطنات والبؤر المقامة في حي رأس العامود بسلوان وما يجاورها من قبور وهمية لمحاصرة المسجد الأقصى بحزام من المقابر المزعومة".
ويلفت رئيس لجنة الدفاع عن منازل سلوان إلى أن الاحتلال بدأ بتنفيذ هذا المشروع منذ عدة أعوام بعيدا عن مرأى المقدسيين، وأنه عمل بشكل متواصل وسابق الزمن لأجل إنجازه وإقناع العالم بأن المنطقة المحيطة بالمسجد الأقصى تحوي قبورا يهودية لا يمكن الاستغناء عنها.
بجوار المنازل
ولا يقتصر الأمر على طرد الفلسطينيين وهدم منازلهم وسرقة أراضيهم لتنفيذ هذا المخطط سيء الذكر، بل إن الاحتلال يتعمد إيصال قبوره إلى جوار منازل المقدسيين مع رزمة طقوس تلمودية بهدف إجبارهم على كره المكان والرحيل منه.
ويشير الخبير المقدسي جمال عمرو بأن الاحتلال يتعمد إنشاء مقابره بالقرب من منازل المقدسيين ويرسل المستوطنين إلى تلك الأماكن من أجل أداء طقوس غريبة يتم خلالها إحراق بعض المواد والنواح بصوت عال لإزعاج المقدسيين، ويتكرر هذا الأمر بشكل شبه يومي من أجل إجبار أصحاب الأرض على تركها.
ويضيف الخبير لـ"الرسالة نت" أن اليهود ورغم أنهم في زمن الدولة العثمانية منحت لهم مقبرة لدفن موتاهم إلا أنهم تجاوزوا المساحة المسموح لهم بها ودفنوا موتاهم في أماكن أخرى على بعد مسافات من المقبرة من أجل السيطرة عليها، كما أنهم يمارسون طقوسا خاصة عنصرية في دفن الموتى كإبعاد أي عربي عن المنطقة.
"بأن الاحتلال يتعمد إنشاء مقابره بالقرب من منازل المقدسيين ويرسل المستوطنين إلى تلك الأماكن من أجل أداء طقوس غريبة يتم خلالها إحراق بعض المواد والنواح بصوت عال لإزعاج المقدسيين
"
ويبين عمرو بأن الاحتلال صادر أرضا بالقرب في الزاوية الجنوبية الشرقية للمسجد الأقصى بحجة أن خبراء الآثار التابعين له وجدوا عظاما في المكان وزعم بأنها تعود للمستوطنين، مضيفا بأنها عظام على الأرجح تعود لمواشٍ وأغنام.
وعلى ضوء كل ذلك فمن غير القابل للشك أن الاحتلال يسعى إلى مصادرة الأرض الفلسطينية عبر مزاعم وجود مقابر تعود له، بينما الحقيقة أنها لا تحوي شيئا وأن عظام الفلسطينيين فقط هي ما تحتضنه الأرض المحتلة وتلفظ رفات الغاصبين.