قد لا يبدو المنتخب البرتغالي مرعبا قبل ساعات على انطلاق بطولة كأس أوروبا 2012 لكرة القدم، إلا أنه ما يزال يتمتع بهالة المنتخبات الكبرى نظرا لتواجد النجم الذي يحلم الجميع بإسقاطه.. كريستيانو رونالدو.
يبقى رونالدو رقما صعبا مهما كانت الظروف، وعندما تنطلق مباراة منتخب بلاده أمام ألمانيا السبت المقبل، سيحظى نجم ريال مدريد بفرصة مثالية لإثبات علو كعبه في محاولة لتفجير المفاجأة والمنافسة على إحدى بطاقتي التأهل إلى ربع النهائي عن المجموعة الحديدية الثانية التي تضم أيضا هولندا والدنمارك.
يريد رونالدو أن يبرهن للعالم بأنه الأفضل، والوصول إلى حدود قياسية من النجاح.. إنه الغرور المستفز الذي أوصله إلى ما هو عليه الآن، بغض النظر عن كراهية الناس له.
لماذا يتباهى رونالدو بنسمة الكبرياء هذه؟, ولماذا يرفض التصرف بتواضع النجوم الكبار؟، صحيفة "بيلد" الألمانية زارت مسقط رأس النجم البرتغالي في محاولة لكشف بعض الأسرار المتعلقة بذلك.
كانت والدة رونالدو دولوريس واقفة على ترس منزل فخم في ضاحية ساو غونكالو التابعة لجزيرة ماديرا، كان برفقتها حفيدها "رونالدو جونيور" الذي يبلغ من العمر عامين فقط، تباهت دولوريس كعادتها بابنها، لكنها لم ترغب بالتحدث عنه كثيرا، وقالت: "إذا تفوهت بعبارتين عنه، يتحول الأمر إلى قصة ضخمة".
ولم يكن يتوقع أحد وجود دولوريس (54 عاما) في ماديرا، فهي التي اعتادت العيش في مدريد مع ابنها لرعاية حفيدها الذي جاء نتيجة علاقة عابرة مع نادلة أميركية، وهذا المنزل الضخم لا يعبر حقيقة عن حياة رونالدو في مقتبل عمره، حيث لم ينشأ في ضاحية راقية، بل ترعرع في حي فقير يدعى "روا دي كوينتا دو فالكاو" وعاش في منزل شارف سقفه على الانهيار.
موهبة رونالدو كانت الأمل الوحيد في تحسين الحالة المادية والاجتماعية لعائلته، كان الجميع في ذلك الحي الفقير يدرك أن ابن الحي الصغير يمتلك قدرة خارقة في مداعبة الكرة، فلم يكن غريبا انتقاله إلى سبورتنغ لشبونة العريق وهو في الثانية عشرة من عمره، لينطلق بعدها بسرعة البرق إلى عالم النجومية، ويعمل تدريجيا على حل مشاكل أسرته الاقتصادية.
شقيقته إلما، كانت أكثر المنتفعين من شهرة رونالدو وثرائه الفاحش، فقد أسس لها أخوها الصغير ماركة ألبسة عصرية تحمل الاسم "سي أر 7"، وباتت تدير متجرها الخاص في وسط ماديرا.
وكشفت إلما (37 عاما) أن شخصية كريستيانو تبلورت بعد رحيله إلى لشبونة، وقالت: "عندما ترك المنزل في سن صغير، شعرنا جميعا بالحزن، كان يشعر بالحنين إلى الديار ويبكي بشدة عندما يتحدث معي على الهاتف، لكني شعرت في ذلك الوقت أنه سيجني ثمار معاناته يوما ما".
وبالفعل، صدقت نبوءة إلما، ففي سن السابعة عشرة، حصل رونالدو على فرصة اللعب تحت إدارة أليكس فيرغسون في مانشستر يونايتد الإنجليزي، وفاز معه بلقب دوري الأبطال الأوروبي العام 2008، وهو نفس العام الذي نال عنه جائزة أفضل لاعب في العالم.
وعلى مقعده الجلدي، جلس روس سانتوس في مكتبه الضخم والمزين بصور مختلفة على جدرانه، كان هذا الرجل رئيسا لنادي أندورينيا المتواضع الذي مارس فيه رونالدو كرة القدم للمرة الأولى، وقال سانتوس (51 عاما): "إنه علامتنا المميزة، هذا الفتى يستحق كل شيء، فقد أصبح معروفا في كافة أنحاء العالم، وهذا أمر رائع".
كان دينيس، والد رونالدو، يعمل مسؤولا عن اللوازم في نفس النادي، وهو الذي فارق الحياة في العام 2005، ويعتقد البعض أنه كان ضحية لإدمانه الكحول، إلا أن شيئا من هذا القبيل لم يتم إثباته.
وفي مقهى شعبي، يقضي مدرب الناشئين في نادي ناسيونال ماديرا بيدرو تالهينياس الذي درب رونالدو قبل رحيله إلى لشبونة، بعض الوقت لالتقاط أنفاسه وكان لدى تالهينياس العديد من الأسرار ليكشفها عن رونالدو، وقال: "كريستيانو كان قائدا حتى في صغره، كان يتفوق على الجميع سواء في التمارين أو في الحصص الدراسية".
وأضاف تالهينياس وهو يحتسي قهوة الأسبريسو المفضلة لديه: "رغبة الفوز لديه كانت استثنائية، كان يلعب بقوة ويتحمل الرضوض والخدوش، لم يستطع أبدا تقبل الخسارة، وكان شديد الغضب عندما لا يحصل على الكرة، وبعد الهزيمة كان يبكي ولا يتمكن أحد من مواساته".
وهكذا.. انتقل رونالدو بشخصيته الفريدة من جزيرة ماديرا.. إلى قمة العالم!.