تأثير الرئيس المصري المقبل لن يقتصر على المصريين الذين يحكمهم بل دائماً يمتد إلى أكثر من ذلك، فمصر العربية كانت دائماً دولة محورية لها تأثيرها على المنطقة بأكملها والعربية بشكل خاص ، والفلسطينيون ينتظرون كغيرهم من العرب على أحر من الجمر الطريقة التي يمكن أن يتعامل بها رئيس مصر المقبل مع قضيتهم ، وغالباً هناك تاريخ مشترك سيجمعهم.
ولن يكون ارتباط الرئيس المصري المقبل بفلسطين، بدعة فحكام مصر السابقين جميعهم كانت تربطهم بفلسطين روابط مختلفة لا سيما في التاريخ المعاصر وبدءًا من نكبة فلسطين وبداية قضيتها.
فالملك فاروق آخر ملوك مصر ارتبط اسمه بفلسطين ارتباطاً وثيقاً فلقد حارب الجيش المصري الذي أرسله بفلسطين ولكن الأسلحة التي تم تزويده بها كانت أسلحة فاسدة ، وكانت احدى أسباب الهزيمة في فلسطين وسبباً رئيسياً من اسباب النكبة .
في فلسطين حارب كذلك محمد نجيب الرئيس الأول للجمهورية بعد انقلاب 23 يوليو 1952م ، نجيب لم يستمر في سدة الحكم سوى فترة قليلة بعد إعلان الجمهورية (يونيو 1953 - نوفمبر 1954) حتى عزله مجلس قيادة الثورة ووضعه تحت الإقامة الجبرية بعيداً عن الحياة السياسية لمدة 30 سنة، مع منعه تمامًا من الخروج أو مقابلة أي شخص من خارج أسرته، حتى أنه ظل لسنوات عديدة يغسل ملابسه بنفسه، وشطبوا اسمه من كتب التاريخ والكتب المدرسية، وفي سنواته الأخيرة نسي كثير من المصريين أنه لا يزال على قيد الحياة حتى فوجئوا بوفاته.
والرئيس الثاني جمال عبد الناصر ، ارتبط جزء كبير من تاريخه بفلسطين الذي تعرض فيها لهزيمة قاسية في 1967م سميت بالنكسة .
ويعتبر عبد الناصر من أهم الشخصيات السياسية في الوطن العربي وفي العالم النامي للقرن العشرين والتي أثرت تأثيرا كبيرا في المسار السياسي. عرف عن عبد الناصر قوميته ، وأصبحت أفكاره مذهبا سياسيا سمي تيمنا باسمه وهو "الفكر الناصري" والذي اكتسب الكثير من المؤيدين في الوطن العربي خلال فترة الخمسينيات والستينيات. وبالرغم من أن صورة جمال عبد الناصر كقائد اهتزت إبان نكسة 67 إلا أنه ما زال يحظى بشعبية وتأييد بين كثير من مؤيديه، والذين يعتبرونه "رمزا للكرامة والحرية العربية ضد استبداد الاستعمار وطغيان الاحتلال". توفي سنة 1970، وكانت جنازته ضخمة خرجت فيها أغلب الجنسيات العربية حزنا على رحيله.
أما الرئيس الثالث محمد أنور السادات فخاض حرب أكتوبر 1973م ، وكاد أن يحقق نصراً كبيراً على (اسرائيل) لولا توقف قواته عند حدود معينة بعد عبور قناة السويس ، ولكن بعد ذلك عقد السادات اتفاقية سلام مع (اسرائيل) وتخلى عن القضية الفلسطينية بعدها .
وللرئيس حسني مبارك قصة أخرى حيث عزز علاقاته مع (اسرائيل) وعقد اتفاقات اقتصادية معها ، والأهم من ذلك مشاركته في حصار غزة بل وتورطه في الحرب عليها عندما شنت قوات الاحتلال عملية "الرصاص المصبوب" حسب التسمية (الاسرائيلية) أو ما تطلق المقاومة عليها "حرب "الفرقان" ، وسقط مبارك بعد ثورة 25 يناير وقبل اسابيع فقط تم الحكم عليه بالمؤبد لتورطه في قتل المتظاهرين.
تقلد الحكم في مصر رئيسًا للجمهورية وقائدًا أعلى للقوات المسلحة المصرية ورئيسًا الحزب الوطني الديمقراطي بعد اغتيال الرئيس أنور السادات في 6 أكتوبر 1981.
تعتبر فترة حكمه (حتى تنحيه عام 2011) رابع أطول فترة حكم في المنطقة العربية - من الذين هم على قيد الحياة حالياً، بعد السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان والرئيس اليمني علي عبد الله صالح والأطول بين ملوك ورؤساء مصر منذ محمد علي باشا.
والآن تنتظر فلسطين رئيس مصر القادم فالعلاقة مؤكدة ولكن تختلف الاشكال والممارسة ، فعلى أي نهج سيسير؟ هذا ما ستكشفه الايام القادمة ولكن على اية حال لن يكون بالتأكيد كمن سبقوه.