مع توالي الاضطرابات السياسية التي تعيشها مصر, تشعر (إسرائيل) بقلق متزايد, وتحركت بالفعل لتعزيز دفاعاتها في الصحراء وبدأت تراجع استراتيجيتها.
وبعد وقت قصير من إعلان جماعة الإخوان المسلمين فوز مرشحها بانتخابات الرئاسة المصرية محمد مرسي يوم الاثنين الماضي, عبر مسلحون مجهولون حدود (إسرائيل) مع سيناء المصرية وقتلوا عاملا (إسرائيليا).
وفي هذا السياق يقول إيلان مزراحي مستشار الأمن القومي (الإسرائيلي) السابق والنائب السابق لرئيس المخابرات الإسرائيلية (الموساد) "ما يحدث على الحدود يقلقني وأيديولوجية الإسلام السياسي في مصر تقلقني لهذا نحتاج إلى أن ننام وإحدى عينينا مفتوحة".
ويضيف مزراحي "يجب أن نتعامل بحساسية مع ما يحدث في القاهرة وأن نحاول أن نجعل مصر تفهم أن هذا يجب أن يتوقف". وتابع "إذا لم يحدث شيء فإنني أتوقع أن ترد بلادي بالطريقة التي أعرفها عنها وأن توقف هذه الهجمات على مدنييها", مشيرا إلى أن (إسرائيل) ستعبر الحدود لملاحقة أعدائها إذا اقتضت الضرورة ذلك.
وتواجه (إسرائيل) مأزقا له عواقب إستراتيجية كبيرة حيث يمثل اتفاق السلام الذي وقعته مع مصر حجر الزاوية للاستقرار الإقليمي كما أنه مورد اقتصادي لكلتا الدولتين ويرجع جزء من الفضل في هذا إلى المساعدات الأميركية السخية.
ولا يتوقع أحد أن تلغي القاهرة اتفاق السلام في أي وقت قريب حتى إذا استطاعت جماعة الإخوان تعزيز سلطتها في مواجهة الجيش المصري الذي يسعى إلى تأكيد هيمنته.
وتلتزم (إسرائيل) الصمت إلى حد كبير بينما تجاهد مصر في الانتقال الصعب من حكم الرجل الواحد إلى الديمقراطية بدءا من الثورة وانتهاء بصعود التيار الإسلامي. وقد أصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوامر لوزرائه بعدم الإدلاء بتصريحات عن الوضع في مصر خشية تفاقم التوترات, لكن هناك مؤشرات على تزايد الغضب الشعبي في الكيان.
وفي أغسطس/آب الماضي قتل ثمانية (إسرائيليين) بهجوم عبر الحدود ألقي باللائمة فيه على نشطاء فلسطينيين من قطاع غزة. وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي قالت (إسرائيل) إن صاروخين من طراز غراد أطلقا عليها من سيناء وهو اتهام نفته مصر.
وقد جاء تدهور الوضع الأمني في جنوب (إسرائيل) في وقت يشهد توترا متزايدا في الشمال مرتبطا بالأزمة السورية التي بدأت منذ 15 شهرا مع استمرار الاشتباكات المحدودة التي تتفجر من حين لآخر مع غزة.
نصيحة نتنياهو لباراك
وتعبيرا عن ذلك, صور رسم كاريكاتيري في صحيفة هآرتس الإسرائيلية التي تميل لليسار يوم الثلاثاء نتنياهو وهو يختبئ في خندق ومعه وزير الحرب إيهود باراك وتتطاير فوقهما الصواريخ القادمة من مصر. ويقول رئيس الوزراء لوزير دفاعه "احرص على ألا تضايق المصريين".
ويستبعد مسؤولون إسرائيليون حتى الآن التدخل المباشر في سيناء وحثوا مصر على أن تحل المشكلة بنفسها فسمحوا لجيشها بنشر عدد من القوات في شبه الجزيرة أكبر من المسموح به بموجب اتفاق السلام.
يأتي ذلك في حين تسرع (إسرائيل) من وتيرة بناء حاجز ارتفاعه خمسة أمتار في معظم المسافة البالغ طولها 266 كيلومترا من إيلات على خليج العقبة بالبحر الأحمر حتى قطاع غزة على البحر المتوسط. وهنا يقول تال حرموني قائد اللواء الجنوبي في قطاع غزة "نسابق الزمن لإغلاق الحدود".
ولكن كما اكتشف الإسرائيليون في غزة فإن السياج لا يمنع الصواريخ لهذا فإن على (إسرائيل) أن تعتمد على تدخل مصر إلا إذا اختارت التدخل المباشر. والحكومة (الإسرائيلية) على اتصال وثيق بجهاز الأمن المصري منذ سقوط مبارك ويقول مسؤولون في أحاديث خاصة إن العلاقات مع المجلس العسكري الذي يدير شؤون مصر لا تزال جيدة.
ومن المؤكد أن (إسرائيل) لم تنزعج حين أعلن الجيش المصري أنه سيقلص من سلطات الرئيس الجديد الذي سيكون على الأرجح مرشح الإخوان محمد مرسي. في مقابل ذلك, تقول واشنطن إنه يساورها قلق عميق وحثت الجيش على نقل السلطة بالكامل لحكومة مدنية منتخبة مثلما وعد من قبل.
وتقول صحيفة يديعوت أحرونوت "في المجمل فإن اللعبة التي جهزها المجلس الأعلى للقوات المسلحة ضد مرسي ليست سيئة بالنسبة لنا". لكن تحليلا في نفس الصحيفة حذر من أيام صعبة قادمة وكتب الصحفي الكبير ألكس فيشمان يقول: "لم تعد مصر كما كانت ليست نفس الحدود، واتفاقات السلام على فراش الموت والأفضل لنا أن نغير أسلوب تعاملنا".
المصدر/ رويترز