تبدو غزة ميدان اختبار لجيش الاحتلال, حيث تستطلع (إسرائيل) المواقف السياسية والتحولات العسكرية فلسطينيا وإقليميا.
التصعيد (الاسرائيلي) يتكرر بشكل شبه دوري على غرار مشاريع استطلاع الرأي التي تجريها المؤسسات البحثية, ويجري تقييم الاتجاهات والتطورات بناء على المتغيرات والمستجدات كما هو حاصل اليوم في منطقة الثورات العربية.
غزة تمثل البركان الخامد في المنطقة لكنه يثور بشكل تقطع ليعطي تحذيرات بأن الانفجار وارد في أي لحظة وان على الجميع الاستعداد لمواجهة الحمم التي يمكن ان تطال المنطقة برمتها.
في الايام الاخيرة جرى تناقل رسائل نارية بين الاحتلال وحماس من خلال العدوان المتصاعد ورد كتائب القسام الذي بدا خارج التوقعات بناء على سلوك الحركة الحذر خلال الشهور الماضية.
الفعل ورد الفعل يندرج في اطار تأكيد كل طرف على شروط التهدئة, لهذا حافظت (إسرائيل) والمقاومة حتى الساعة على مستوى نيران منخفض في اطار قواعد المواجهة المتعارف عليها منذ انتهاء الحرب على غزة 2009 .
ما يمكن قراءته في دخول حماس على خط المواجهة الاخيرة ليس الذهاب الى مربع جديد بقدر الحفاظ على التهدئة خشية تغيير الاحتلال لشروطها وبالتالي عدم القدرة على الالتزام بها.
ما يؤكد هذا التحليل اسلوب رد حماس المحسوب على تصعيد الاحتلال من خلال الاسلحة المستخدمة والنطاق الجغرافي الذي تستهدفه, وهي ردود تتسم بوتيرة تصاعدية بعيدا عن الارتجالية, وتبقى تحت السيطرة.
"الفعل ورد الفعل يندرج في اطار تأكيد كل طرف على شروط التهدئة, لهذا حافظت (إسرائيل) والمقاومة حتى الساعة على مستوى نيران منخفض في اطار قواعد المواجهة المتعارف عليها منذ انتهاء الحرب على غزة 2009 .
"
في المقابل نفت إذاعة جيش الاحتلال (الاسرائيلي) الأنباء التي تحدثت ونقلتها عدة وسائل إعلام (إسرائيلية) ودولية عن نيته استهداف قادة حركة حماس في قطاع غزة. وقالت الاذاعة ان الجيش سيركز على استهداف مطلقي الصواريخ على البلدات (الاسرائيلية) الواقعة في غلاف غزة.
وهذا التصريح يشير الى حرص جيش الاحتلال ايضا للمحافظة على قواعد الاشتباك التقليدية منذ "الرصاص المصبوب".
وفي نفس السياق أثار رد حركة حماس على موجة التصعيد (الاسرائيلية) الاخيرة قلق القيادة الامنية (الاسرائيلية) جراء هذا التطور وفقا لصحيفة هآرتس العبرية في عددها "الثلاثاء" الماضي.
واضافت الصحيفة "أن اتجاه تطور الاحداث في الايام القادمة غير واضح لكنه يثير حاليا نوعا من القلق لدى القيادة (الاسرائيلية) العليا خاصة وان الطرفين عرفا كيف يلجمان تطورات الاحداث خلال الجولات السابقة قبل ان تنزلق الى مواجهة واسعة".
وتساءلت الصحيفة "لماذا قفزت حماس من مرقدها؟" خاصة وان هذه المواجهة مرتبطة ولو بشكل غير مباشر بما حدث على الحدود المصرية.
وحاولت الصحيفة الربط بين ما يجري والانتخابات المصرية قائلة "يحدث كل هذا على خلفية اعلان الاخوان المسلمين فوزهم في انتخابات الرئاسة المصرية ما منح حماس وقيادتها شعورا بالثقة".
التحليل في "هآرتس" والقلق لدى القيادة الامنية سببه ليس فقط الرد الاخير.. ولكن الصمت السابق, ثم اختيار التوقيت وتحديد مستوى النيران من قبل الحركة, وهو تكتيك كانت تفتقر اليه المقاومة في الماضي وتسقط في فخ الفعل ورد الفعل.
"دولة الاحتلال ما زالت معنية باستمرار التهدئة, حيث لم تعد وحدها من يمتلك زمام المبادرة, ولم يعد بالإمكان توقع ثمن مغامراتها العسكرية.
"
والقلق (الاسرائيلي) ايضا من قدرة حماس على ضبط ايقاعها, وعدم توقع خطوتها القادمة او نوعية السلاح الذي تخفيه, ومتى يمكن ان تستهدفه.
ولهذه الاسباب لازالت دولة الاحتلال معنية باستمرار التهدئة, حيث لم تعد وحدها من يمتلك زمام المبادرة, ولم يعد بالإمكان توقع ثمن مغامراتها العسكرية.