تجسد المنطقة العازلة التي فرضها الاحتلال (الإسرائيلي) على طول الحدود الشمالية والشرقية لقطاع غزة، مصدر تهديد حقيقي على حياة الفلسطينيين، لاسيما المزارعين منهم الذين يخاطرون بحياتهم لفلاحة أراضيهم التي تقع في نطاقها.
وفرضت "اسرائيل" في 28 كانون أول 2005م المنطقة العازلة ضمن العملية العسكرية التي نفذتها ضد قطاع غزة، تحت اسم "السماء الزرقاء" وهي تمتد من بلدة بيت حانون شمالاً وحتى مدينة رفح جنوباً نحو 41 كيلومترا طولاً وما بين 1500 متر عرضاً.
استهداف المزارعين
على الأطراف الشمالية لبلدة بيت لاهيا، تقع ارض المزارع محمود عليان، الذي اكتوى بنيران الاحتلال في المنطقة العازلة، والتي حرمته في كثير من الأوقات من الوصول أرضه لزراعتها والعناية بها.
وقال لـ"الرسالة نت": "لن يثنينا الاحتلال على الوصول لأرضنا سأستمر في زراعتها مهما كلفنا ذلك من ثمن، فأرضنا غالية علينا ولن نفرط بها بسهولة".
وبين أن محاولات الاحتلال لسرقة أرضه تحت حجج أمنية لن تنجح في منعه من الوصول إليها مؤكداً أن الزراعة هي مصدر رزق مئات العائلات الفلسطينية.
ولم يخفي المزارع عليان الألم الذي يعتصر قلبه حين تحرمه دبابات الاحتلال وقذائفها من الوصول لأرضه، موضحاً أن الاحتلال حين يشاهد إصرار المزارعين للوصول لأراضيهم يرسل بآلياته باتجاه المنطقة العازلة لثنيهم.
ونوه عليان أن قوات الاحتلال تقوم بنصب كمائن للمزارعين لاعتقالهم، وقال:" فاجأتنا كثيراً القوات الخاصة (الإسرائيلية) المنتشرة في المنطقة العازلة، لاستهدافنا واعتقالنا".
مواجهة الاحتلال
من جهته, أكد صابر الزعانين الناشط في المقاومة الشعبية السلمية، في بلدة بيت حانون، على أن محاولات الاحتلال لفرض المنطقة العازلة لن تنجح أمام إصرار وصمود الفلسطينيين على مواجهة المخطط (الإسرائيلي).
وبين لـ"الرسالة نت" أن من حق الفلسطينيين الدفاع عن أرضهم، وحمايتها من الاحتلال، مشدداً على أن عناصر المقاومة الشعبية ساندوا المزارعين في زراعة أراضيهم وحصاد محصولها، رغم تهديدات الاحتلال باستهداف كل من يقترب من المنطقة العازلة شمال شرق بيت حانون.
واعتاد نشطاء المقاومة الشعبية، وعدد من المتضامنين الأجانب على تنظيم مسيرة أسبوعية تنطلق صباح كل ثلاثاء تجاه المنطقة العازلة في تحد للاحتلال وقواته التي تستهدف الفلسطينيين الذين يخترقونها للوصول الى أراضيهم الزراعية.
وكان العشرات من نشطاء المقاومة الشعبية أصيبوا بحالات اختناق نتيجة استنشاقهم للغاز المسيل للدموع الذي يطلقه الاحتلال باتجاه المسيرات التي كانت تنظمها المبادرة المحلية بيت حانون.
الآثار الكارثية
من ناحيته, حذر سمير زقوت الباحث في مركز الميزان لحقوق الإنسان، من الآثار الكارثية للمنطقة العازلة شمال شرق قطاع غزة، لافتاً في حديث خاص لـ"الرسالة نت" أن تثبيت الاحتلال للمنطقة العازلة، سيحرم المزارعين الفلسطينيين من الوصول الى أراضيهم الزراعية لرعايتها.
وأوضح زقوت أن مساعي (إسرائيل) لجعل المنطقة العازلة أمراً واقعياً، جعلها تتوغل بشكل شبه يومي في المنطقة الحدودية لتجريف الأراضي الزراعية وجعلها جرداء لتسهيل عمليات استهداف الفلسطينيين وأراضيهم الزراعية.
وبين أن قوات الاحتلال تهدف من خلال عمليات التجريف لإيجاد مسافة تصل الى 1500 متر على امتداد الحدود بشكل تدريجي، مندداً باستمرار الاعتداءات اليومية من قبل قوات الاحتلال في المناطق الحدودية.
وطالب زقوت المجتمع الدولي بالتدخل لضمان وقف هذه الانتهاكات واحترام قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.