اغتيل في إحدى ضواحي دمشق أمس كادر غير معروف في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هو كمال حسني غناجة (45 عاما). وسرعان ما اختلطت المعلومات المتضاربة عن شخصية الرجل وظروف قتله بالتأويلات المتعلقة بمقتله على الأرض السورية، حيث الانفلات الأمني غير المسبوق والصراع المسلح بين السلطة والمعارضة.
تفيد المعلومات المؤكدة بأن غناجة مولود في الأردن عام 1967، وأن عائلته المكونة من خمسة أبناء غير مقيمة معه، وأنه سينقل إلى الأردن كي يشيع هناك. أما عن عمله في حماس فالمرجح أن كثيرين داخل الحركة وخارجها لا يعرفون طبيعته, وثمة من قال إنه كان الساعد الأيمن للشهيد محمود المبحوح الذي قتله الموساد في دبي عام 2010، وهذا يزيد غموض دوافع قتله على غموضها.
تعذيب وحرق
أما كيف تم قتل غناجة فيذهب فريق سوري معارض يدعى مجلس قيادة الثورة إلى القول في بيان، إن بعض الثوار هرعوا إلى منزل غناجة بعيد اغتياله، وأكدوا العثور على آثار السجائر التي "استعملها القتلة في منزل المغدور"، ووجود آثار تعذيب على جسده، ومنها آثار حرق على اليدين، "مما يعني أن القتلة أخذوا وقتهم بالتعذيب، وهذه بصمة واضحة للنظام" وفقا للبيان.
غير أن معلومات منسوبة إلى مسؤولين في حماس لم تحدد هوياتهم، تشير إلى أن "المجرمين" خنقوه ووضعوه في زاوية داخل منزله وبجانبه مولد كهربائي حتى لا يتبين أنه تم قتله، وأن العملية كانت مدبرة بشكل دقيق للغاية، حتى أنه ظل لمدة 24 ساعة دون أن يعلم به أحد".
أما صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية فكررت ما تردد عن تقارير إعلامية عربية عن قطع رأس غناجة ووضع أجزاء الجثة في خزانة وإحراقها، "ولكن ليس قبل أن تؤخذ منها وثائق سرية"، وعنونت تقريرها "هذه وحشية أكبر من الموساد"، في تلميح إلى دور للنظام السوري في قتل غناجة.
حركة حماس لم تسارع عند حديثها عن القضية إلى اتهام أحد، فقد اكتفى مسؤول العلاقات الدولية بها أسامة حمدان في اتصال مع الجزيرة نت بالإشارة إلى هوية المستفيد الأول والأخير من اغتيال غناجة، مؤكدا أنه "الكيان الصهيوني".
وأكد في المقابل أن التحقيقات ما زالت جارية, وهو ما أكده بدوره عضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق. ولم يستبعد حمدان من جهته أن تفضي نتائج التحقيقات إلى أنه قتل في "عملية اغتيال".
إسرائيل من جهتها رفضت بلسان وزير حربها إيهود باراك الخوض في قضية اغتيال غناجة، واصفا إياه بأنه شخص "غير بريء"، وأن اتهامات حماس لإسرائيل لا تعني بالضرورة أن تكون وراء هذه العملية.
في المقابل نقلت صحيفة جيروزالم بوست الإسرائيلية اليوم عن موظف سابق في الموساد يدعى رامي أغرا، قوله "عمليا ليس من المعقول أن تقوم إسرائيل أو أي دولة غربية بتصفية حسابات مع مثل هذا الرجل في سوريا". وأضاف أن "غناجة ليس بالأهمية الكبيرة، وأن اغتياله سيكون معقدا كثيرا، ولا أعتقد بأن إسرائيل أو أي دولة على استعداد للمجازفة".
عملية سيناء
بموازاة ذلك لم يستبعد مصدر فلسطيني في دمشق خلال اتصال مع الجزيرة نت أن يكون جهاز الموساد قد تمكن وسط الانفلات الأمني السائد في سوريا، من إحداث اختراقات كثيرة فيها والوصول إلى غناجة بالتالي.
ويرجح المصدر أن غناجة قد يكون وراء الهجوم الأخير الذي استهدف إسرائيليين في صحراء سيناء الأسبوع الماضي. ويشير إلى أن كوادر كثيرة في حركة حماس بدمشق لم يكونوا يعرفون أنه كان من الكوادر العسكرية، وأنه كان مساعدا لمحمود المبحوح، وأن عمله كان سريا وكان يتم بمعظمه في الخارج.
في المقابل تنقل جيروزالم بوست عن الخبير الإسرائيلي في شؤون ما يسمى الإرهاب ترجيحه أن يكون النظام السوري ربما الكيان المرجح لقتل غناجة، "نظرا لأن الأخير متورط في تهريب أسلحة للمعارضة السورية، وخاصة الإخوان المسلمين". ويضيف "لن يكون صعبا بالنسبة لأي عصابة في دمشق ربما تعمل لصالح النظام السوري" القيام بذلك، مؤكدا أن إسرائيل ليست من يقف وراء اغتيال غناجة.
المصدر:الجزيرة