قضيتان أساسيتان تحدث بهما الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي حددت بشكل واضح السياسة المصرية الجديدة تجاه القضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة وذلك في خطابه الذي ألقاه السبت الماضي في حرم جامعة القاهرة بعد خطابين جماهيريين ألقاهما بعد إعلان فوزه لم يتطرق فيهما إلى الشأن الخارجي ومنه الملف الفلسطيني حتى ظن البعض ظن السوء معتقداً أن الموضوع الفلسطيني مؤجل، فجاء خطاب السبت موضحاً الخطوط العامة للسياسة الخارجية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
الرئيس مرسي عندما تحدث عن الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى حصوله على كل حقوقه المشروعة، موقف عبر بوضوح عن الموقف الشعبي المصري تجاه القضية الفلسطينية والذي كان مغيبا في ظل النظام السابق الذي ارتبط بشكل مباشر بالسياسة الأمريكية (الإسرائيلية) في التعامل مع القضية الفلسطينية وطريقة الحل للصراع الفلسطيني (الإسرائيلي) القائم على الاعتراف بـ(إسرائيل) وحقها في الوجود على حساب الحقوق الفلسطينية.
"الرئيس مرسي عندما تحدث عن الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى حصوله على كل حقوقه المشروعة، موقف عبر بوضوح عن الموقف الشعبي المصري تجاه القضية الفلسطينية
"
هذا الموقف المصري من الرئيس مرسي هو تأكيد على أن هناك سياسة مصرية جديدة منطلقة من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في التحرير والعودة وإقامة الدولة على كامل التراب الفلسطيني، موقف مرسي موقف عام تفاصيله تحتاج إلى تطبيق عملي على الأرض من خلال مواقف مصرية في المحافل الداخلية والدولية والعربية لوضع القضية الفلسطينية في مسارها الطبيعي والدفع نحو دعم الموقف الفلسطيني المبني على الحقوق والثوابت الفلسطينية المقرة قانوناً ومؤكدة تاريخاً وجغرافية وحضارة.
والقضية الثانية التي تحدث عنها الدكتور مرسي بشكل مجمل هو تحقيق المصالحة الفلسطينية، قضية هي في الأساس داخلية وحلها يعتمد على طرفي الانقسام فتح وحماس وأي تدخل خارجي هو تدخل توافقي من أجل تذليل العقبات التي قد تعيق المصالحة، الموقف المصري في السابق كان موقفا سلبياً حاول من خلاله نظام مبارك وجهاز مخابراته لي يد حركة حماس من خلال التهديد والوعيد والابتزاز والانحياز إلى جانب طرف على طرف؛ ودليل ذلك ما سمي بالورقة المصرية التي اعتبرها عمر سليمان مقدسة وعلى حماس أن تقبل بها كما هي رغم مخالفتها لما تم الاتفاق عليه، ولأن بعض ما جاء من تفاهمات خلال جولات الحوار بين القوى الفلسطينية لم يكن يروق للسيد محمود عباس وتوافق الطرفان المصري والعباسي على صياغة ورقة تتفق مع فهم عباس للمصالحة الأمر الذي رفضته حماس، هذا إلى جانب تأثر الطرفين المصري والعباسي بالمواقف الأمريكية (الإسرائيلية) الرافضة للمصالحة على أساس حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، فعطلت المصالحة فترات طويلة من الزمن تغيرت مع بداية الثورة ما أدى إلى فتح الورقة المصرية والأخذ بملاحظات حماس فكان اتفاق القاهرة والذي عطله غياب الإرادة السياسية الفلسطينية ووجود رهانات على الأطراف الخارجية، إضافة إلى الضغوطات الأمريكية والتهديدات (الإسرائيلية).
"الرئيس المصري يؤكد على أن مصر ستعمل على تحقيق المصالحة، وهذا يتطلب من السياسة المصرية الجديدة أن تقف على مسافة واحدة من طرفي الخلاف ( فتح وحماس)، وأن يكون المنطلق نحو المصالحة هو مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني وثوابته
"
اليوم الرئيس المصري يؤكد على أن مصر ستعمل على تحقيق المصالحة، وهذا يتطلب من السياسة المصرية الجديدة أن تقف على مسافة واحدة من طرفي الخلاف ( فتح وحماس)، وأن يكون المنطلق نحو المصالحة هو مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني وثوابته وليس تحقيق الرغبات الأمريكية (الإسرائيلية)، وأن يكون التعامل مع كل الأطراف الفلسطينية على أساس شرعياتها المكتسبة؛ فإذا كان محمود عباس هو الرئيس الشرعي لأنه انتخب من خلال الشعب الفلسطيني فحماس أيضا لها شرعيتها المكتسبة عبر صناديق الاقتراع والانتخاب الحر وكذلك اكتسبت شرعيتها عبر المقاومة، كما أن القوى الفلسطينية المختلفة لها شرعيتها المكتسبة من خلال مقاومتها ودفاعها عن الحق الفلسطيني، وهذا يعني أن الكل الفلسطيني له شرعيته، ويجب التعامل معه على أساس هذه الشرعية بمعنى ألا تمنح شرعية لطرف وتنزع من طرف آخر.
نحن بحاجة إلى مصر وهذه لا خلاف فيها، وعندما نقول نحن نقصد شعب وقضية، ونؤمن في نفس الوقت أن مصر عندما تعود إلى مكانتها الطبيعية كدولة قائدة هذا سيكون مردوده كبيرا على القضية الفلسطينية، ونعتقد واثقين أن مصر الثورة آخذه بالعودة للقيادة و الريادة، وهذا سيؤدي إلى الارتقاء بالموقف السياسي المصري والعربي والإقليمي وهذا الارتقاء سيشكل رافعة للقضية الفلسطينية ودعما للحقوق المشروعة كما أكد مرسي في خطابه أمام الدستورية.