قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: قرار صائب بطريقة خاطئة

قرار حركة المقاومة الإسلامية حماس تعليق عمل لجنة الانتخابات المركزية في قطاع غزة له ما يبرره، خاصة أن اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة والمؤكد في اتفاق الدوحة تعامل مع المصالحة كرزمة واحدة متفق فيها أن تسير في خطوط متوازية وألا يتم تغليب مسار على مسار. ولكن حقيقة الأمر أن اتفاق الرزمة هذا لم يتقيد به كل من حركة فتح ومحمود عباس رغم ما قامت به حماس تجاه لجنة الانتخابات على أمل ان تقوم السلطة بما تم وافقت عليه ، إلا أن الواقع على الأرض أكد أن عباس وفتح تعاملوا مع الاتفاق بانتقائية رغم تحذيرات حماس المتكررة والتنبيهات التي عبر عنها متحدثوها إلا انه ضرب بها عرض الحائط، فكان قرار التعليق.

هذا القرار هو قرار مؤقت وفق فهمي له، وهو مشروط بضرورة التعامل مع الاتفاق كرزمة واحدة، وأن هناك استحقاقات كان يجب أن تتم في الضفة الغربية فيما تعلق بالحريات العامة وحرية الرأي والتعبير وحرية الحركة ووقف الملاحقات والاستدعاءات والاعتقالات لأبناء وقيادات حركة حماس الأمر الذي يتنافى مع المصالحة الوطنية والتي أول مظاهرها إنهاء ما ترتب على الانقسام في الضفة الغربية.

حذرنا مرات عديدة من أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه في الضفة الغربية يوشي بأن عباس وفتح لا يريدان مصالحة حقيقية؛ لأن من يريد مصالحة حقيقية ستوجب عليه الالتزام بما تم الاتفاق عليه وأن تكون هناك إجراءات عملية على ارض الواقع أولها وقف حالة القمع الأمنية التي تقوم بها أجهزة الأمن وإشاعة أجواء الحريات العامة واحترام القانون والقضاء.

ها هو الواقع يقول أن المصالحة عادت إلى مربعها الأول أي إلى نقطة الصفر، والتراشق الإعلامي يتسع نتيجة عنجهية عباس وإصراره على أن ما تقوم به الأجهزة الأمنية في الضفة هو أمر ضروري لحفظ الأمن والنظام وأن الاعتقالات التي تجري في صفوف حركة حماس ليست سياسية وإنما لمخالفة المعتقلين للقانون الفلسطيني. استغفال واضح لكل المراقبين والمتابعين للشأن الفلسطيني ومخالف للعقل والفهم والمنطق، فكانت النتيجة أن المصالحة حتى قبل قرار تعليق عمل لجنة الانتخابات كانت غائبة ومهملة إلى حد التجميد.

ولكن الملاحظة التي نسجلها اليوم على قرار حركة حماس التعليق المؤقت لعمل لجنة الانتخابات والذي اعتبره البعض مفاجئا رغم بعض التحذيرات التي تمت على استحياء من الحركة الفترة الماضية ، هو أن حركة حماس خرجت بقرارها هذا دون أن تمهد له عبر وسائل الإعلام وتهيئة الرأي العام الفلسطيني وتبيان ان منحنى المصالحة في تنازل للأسباب التالية.... وأن تسرد حماس الأسباب والتداعيات بشكل واضح وترسل الرسائل التحذيرية إلى حركة فتح ومحمود عباس.

كما أن حماس لم تضع الأطراف المختلفة فلسطينيا وعربيا في صورة الواقع وما تقوم به السلطة في رام الله من عدم الالتزام بما تم التوقيع عليه عبر رسائل مكتوبة وأن هذا سيؤدي حتما إلى قيام حماس بإجراءات ما حتى تستجيب السلطة لمتطلبات المصالحة الحقيقية، وان تضع الجميع في حقيقة المجريات المختلفة حتى لا يكون القرار مفاجئا للبعض.

ونعتقد أن حماس أخفقت في تهيئة الرأي العام الفلسطيني والعربي قبل الإعلان عن قرارها المؤقت الذي شكل إرباكا في الساحة السياسية الفلسطينية وأفسح مجالا للمزايدات من البعض؛ وكان عليها أن تدير هذا الأمر بحنكة ودراية أكثر منطقية، ورغم صوابية القرار إلا أن طريقة إخراجه لم تكن موفقة مما أثار ملاحظات كثيرة ليس فقط لدى فتح ومحمود عباس وبعض القوى الفلسطينية بل على مستوى حركة حماس وبعض قياداتها سواء المؤيد منهم أو المعارض لطريقة إدارة ملف المصالحة.

ومن هنا ندعو قيادة حماس إلى ضرورة استخلاص العبر والاستفادة من الملاحظات التي نقدمها ويقدمها المحبون بدلا من تقديم التبريرات بعد الإعلان أو اتخاذ القرار بصورة اقل ما يقال فيها أنها ترقيعية، وحتى لا يكون الأمر مفاجئا للجميع.

البث المباشر