لازالت المصالحة الفلسطينية تراوح مكانها، وتتعرض للكثير من الصدمات، مما يدلل على هشاشتها.
وتعتبر الاعتقالات السياسية في الضفة والقمع ضد المواطنين من أكثر العراقيل التي واجهت المصالحة الفلسطينية منذ سنوات، مما دفع حركة حماس إلى تعليق عمل لجنة الانتخابات المركزية بسبب زيادة الاستدعاءات الأمنية بالضفة الغربية.
وترى حركة حماس أنه من الضروري توفير الأجواء الصحية اللازمة لضمان عملية تسجيل سليمة ومتوازية في غزة والضفة الغربية والخارج.
مراقبون دعوا حركة حماس للتراجع عن قرارها، وعدم التعامل بالمثل وتقديم حسن النية لكي لا تضيع جهود المصالحة وتعود للمربع الأول، في حين ذكرت الأخيرة أن قرارها مؤقت حتى انهاء القمع في الضفة.
تحيطه المناكفات
وتدل الأحداث المتلاحقة في الضفة الغربية وغزة أن ملف المصالحة لازال غير مكتمل، وتحيط به المناكفات حتى بات من الصعب تجاوزها.
ويرى مراقبون أن السلطة الفلسطينية لجأت لتضخيم خطوة حركة حماس في تعليق عمل لجنة الانتخابات للتغطية على انتهاكاتها الأخيرة ضد المسيرات السلمية برام الله.
وكانت حركة المقاومة الاسلامية حماس قد صرحت أن السجل الانتخابي في الضفة المحتلة "غير آمن"، بسبب استمرار ملاحقة أجهزة أمن السلطة ملاحقة أبنائها هناك.
وأكد الناطق باسم الحركة د. سامي أبو زهري أن قرار حركته تعليق عمل سجل الناخبين بغزة، هدفه إرسال رسالة لحركة فتح لتوفير الأجواء الملائمة بالضفة الغربية، لكي يتمكنوا من التسجيل في السجل الانتخابي.
"الاعتقالات السياسية في الضفة والقمع ضد المواطنين من أكثر العراقيل التي واجهت المصالحة
"
وقال خلال لقاء عقده مع عدد من الصحفيين بغزة:" قرار وقف عمل السجل الانتخابي خطوة اضطرارية رداً على ممارسات الأجهزة الأمنية بالضفة، واستمرار ملاحقتها لأنصار وأبناء حماس"، مستنكرا تنصل "فتح" مما تم الاتفاق عليه مؤخراً.
وأضاف أبو زهري :"يجب تنفيذ اتفاق المصالحة رزمة واحدة دون أي تأخير لأي بند منها، ولكن الأجهزة الأمنية بالضفة تعمل ضمن أجندة خاصة فيها بعيدة عن ما تم الاتفاق عليه، مما يخل بمبدأ التزامن".
وبين أن الاتفاق مع حركة فتح نص على التحضير لإجراء انتخابات المجلس الوطني، والانتخابات التشريعية رزمة واحدة، وليس التشريعية فقط كما تطالب فتح.
واتهم أبو زهري حركة فتح بوضع العراقيل في ملف المصالحة من خلال اشتراطها بإجراء الانتخابات قبل تشكيل حكومة التوافق المقرر تشكيلها للإشراف على الانتخابات.
وأدان اتهامات حركة فتح لحركته بربط قرارها بالأوضاع السياسية في مصر وفوز الدكتور محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية المصرية، مؤكداً ان دخول مصر للملف الفلسطيني يكون عبر المصالحة الفلسطينية.
واضاف ابو زهري الذي عرض تقريرا مفصلا اعدته حركته حول "انتهاكات" اجهزة الامن التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة المحتلة ان اجهزة الامن "اعتقلت 382 من كوادر وابناء حركة حماس وتم استدعاء 245 أخرين خلال النصف الاول من العام الحالي".
واشار الى ان اجهزة الامن "فصلت 12 موظفا على خلفية انتمائهم السياسي لحماس".
وبرر ابو زهري قرار حركته بوقف التسجيل الانتخابي في قطاع غزة الذي كان مقررا الثلاثاء الماضي ب"عدم تمكين ابناء حماس في الضفة من التسجيل الانتخابي او المشاركة في المراقبة على السجل الانتخابي بفعل الملاحقات الامنية وتجاوز اعلان الدوحة (الخاص بتشكيل حكومة توافق انتقالية) الذي يقضي بتزامن (الاعداد) للانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني (لمنظمة التحرير)".
العدول عن القرار
من جانبه قال المحلل السياسي حسن عبدو أن القرار الذي اتخذته حماس يأتي في إطار التعامل بالند وهذا منطق رفضته غالبية القوى الفلسطينية ، موضحا أن التعامل بذات المنطق في الكثير من المواقف ضيع فرص انهاء الانقسام.
وذكر أن بدء التسجيل برغم من انها خطوة متواضعة إلا انها أثلجت صدور العديد من المواطنين ، مطالبا حماس بعدم ربط مواقفها بما يجري في الضفة الغربية وأن تقدم حسن النية لكي لا يعود المواطنون لمربع التشاؤم وخيبة الأمل.
"مراقبون يرون أن السلطة لجأت لتضخيم خطوة حماس في تعليق عمل لجنة الانتخابات للتغطية على انتهاكاتها الأخيرة ضد المسيرات السلمية برام الله.
"
ودعا إلى عدم اتخاذ المواقف بناء على ردات الفعل ، مشيرا إلى ضرورة اتخاذ خطوات إصلاحية حتى وإن كانت من جانب واحد ، معتبرا أن حماس لن تكون بذلك خاسرة بل ستكسب ود الشعب الفلسطيني.
وحول السبب وراء إصرار حركة فتح في اجراء الانتخابات قبل تشكيل الحكومة قال :الشعب الفلسطيني لا يهتم بهذه التفاصيل ، ويجب الا تبعدنا التفاصيل عن الهدف الإستراتيجي.
ويشير إلى أن الجميع معني بالتوافق الوطني وعدم تضيع الفرص بالاستفادة من الربيع العربي والتغير الحاصل في المنطقة .
غير مهيأ
بدوره أكد د. يوسف رزقه المستشار السياسي لرئيس الحكومة الفلسطينية بغزة، أن الأجواء التي تحيط بمدن الضفة الغربية المحتلة غير مُهيئة لإجراء الانتخابات الداخلية بسبب قمع أجهزة السلطة للحريات.
وأوضح رزقه أن ما تقوم به أجهزة سلطة رام الله من قمع للحريات وتكميم للأفواه يؤثر سلباً على حرية المواطن الفلسطيني في الإدلاء بصوته، مشيراً إلى أن الانتخابات تحتاج لأجواء من الحرية والطمأنينة وهو ما تفتقره الضفة الآن.
ولفت المستشار السياسي إلى أن الوضع العام في الضفة يعاني الكثير من المناكفات داخلية والأمنية، وتفشي ملفات الفساد واستمرار لمسلسل الاعتقالات السياسية وقمع الحريات الشخصية والغلاء الفاحش.
وأضاف رزقه أن تعامل أجهزة الأمن مع المظاهرات التي خرجت بمدن الضفة احتجاجا على لقاء عباس وموفاز دليل واضح على عدم احترامها للرأي للفلسطينيين، مؤكداً أن مصير التسوية أصبح الآن مرفوضاً من كل أطياف الشعب الفلسطيني .
ودعا رزقه السلطة وأجهزة الأمن لاحترام الحريات العامة والشخصية، وتوفير الأجواء الإيجابية التي تساعد في نجاح العملية الانتخابية .