الحرب إن وقعت هذه المرة ستكون مختلفة عن كل سابقاتها من حيث مساحتها وكثافتها النيرانية وقدرتها التدميرية الإبادية، وستستهدف الجبهة اللبنانية أكثر من غيرها على خلفية الحساب المفتوح ما بين الدولة الصهيونية وحزب الله.
فالذي يتابع الأفكار والتصريحات والوقائع والخطط والمناورات والقرارات ومختلف الإجراءات (الإسرائيلية) اليومية يستخلص بأن الأمور باتجاه حرب أخرى، بل وكأن الحرب آتية واقعة غداً لا محالة..!
فالجيش (الإسرائيلي) في أعلى درجات الجاهزية القتالية منذ 10سنوات، حسب مصدر عسكري (إسرائيلي) مسؤول في منظومة العمليات لجيش الاحتلال (الإسرائيلي) الذي أضاف:" أن الجيش قادر على تنفيذ كافة الخطط العملياتية وتوصية المستوى السياسي بعدة احتمالات عمل لمواجهة أي سيناريو وأي طارئ"، مضيفا على موقع "يديعوت أحرونوت" أن الجيش أكمل إلى حد كبير عملية "إصلاح العيوب" التي ظهرت خلال حرب لبنان عام 2006 وأن قوات الجيش على أعلى درجات الجاهزية القتالية والكفاءة العسكرية منذ عشر سنوات للرد جواً وبراً وبحراً على أي اعتداء صاروخي من لبنان أو قطاع غزة أو سورية أو إيران وحتى من جميع هذه الجهات معاً".
وفي إطار هذه الجاهزية العسكرية العدوانية، تغص الصحافة العبرية مؤخراً بسلسلة تصريحات لقادة ومحللين عسكريين إسرائيليين تحمل التهديد والوعيد بالدمار والخراب والمذابح الجماعية ضد لبنان، فتحدث جنرالات وسياسيون كان لهم دور مركزي في العدوان على لبنان صيف/2006 عن "أن العقيدة الحربية (الإسرائيلية) الجديدة تجاه لبنان تحمل عنواناً واحداً هو "الدمار والتدمير" والتلويح باستهداف البنى التحتية للدولة اللبنانية والجيش"، والحرب الآتية تستهدف من وجهة نظرهم لبنان دولة وجيشاً ومقاومة، والمسألة بالنسبة لهم مسألة وقت وتوقيت فقط، فالدولة الصهيونية لا تنام، والمؤسسة الأمنية الصهيونية تترصد وتنتظر...؟!، والتقديرات الاستراتيجية تتحدث عن احتمالية قوية جداً بان تتدحرج هذه الحرب إلى مستوى حرب إقليمية، والتطورات على مختلف الجبهات اللبنانية والسورية والإيرانية النووية والغزية متشابكة..!
غير أن النوايا الصهيونية المبيتة تجاه لبنان تختلف عنها تجاه أي جبهة أخرى، فهي نتاج تفاعلات الهزيمة أمام حزب الله عام 2006، لذلك يتبارى جنرالاتهم وساستهم وخبراؤهم في ابتداع المزيد والمزيد من النظريات والعقائد العسكرية التدميرية ضد لبنان، كلها في المحصلة تجمع على استراتيجية جديدة ملخصها: ليس هناك المزيد من الفصل بين حكومة بيروت وحزب الله، كل حادثة مع حزب الله في (إسرائيل) أو في الخارج هي تحت مسؤولية لبنان كدولة، ولان حزب الله هو جزء من حكومة لبنان، فكل حرب ضد حزب الله تعني الحرب مع دولة لبنان، وفي هذا السياق الحربجي، يشن كبار جنرالات الجيش الصهيوني في الآونة الأخيرة، حملة تهديدات مرعبة تجاه لبنان، فقال العميد "هيرزي هاليفي" "سنقاتل بطريقة عدوانية جداً هي الأشد قوة وسيتم تدمير أي قرية لبنانية يخرج منها صواريخ لحزب الله"، وينضم هاليفي بذلك إلى عدد آخر من الجنرالات الذين يتوعدون لبنان بالويل والدمار، ولفتت صحيفة هآرتس العبرية: 06/7/2012 إلى أن تصريحات هاليفي تأتي للمرة الرابعة التي يدلي فيها ضابط كبير في قيادة الشمال العسكرية بتصريحات للصحافيين في الأيام العشرة الأخيرة، بما يشير إلى أنها ليست مجرد صدفة.
واعتبرت "هآرتس" أن أهمية تصريحات هاليفي تكمن في توقيتها، وذلك على خلفية التقديرات بأن (إسرائيل) قد تشن هجوماً في الشهور القريبة على المنشآت النووية الإيرانية"، وأشارت إلى أن الهدف من الرسائل هو ضمان عدم دخول حزب الله إلى الحرب لتجنيب لبنان دماراً لا تحتمله".
وبحسب الأدبيات الحربية الموثقة، فإن الجنرال غادي أيزنكوت قائد المنطقة العسكرية الشمالية في الجيش (الإسرائيلي)، كان أول من تحدث عن العقيدة العسكرية الجديدة في مقابلة مطولة مع صحيفة يديعوت أحرونوت قائلاً "في الحرب القادمة ستفعّل (إسرائيل) في لبنان "عقيدة الضاحية"، ضد أي قرية تنطلق منها صواريخ باتجاهها، وستعتبر كل قرية جنوبية "موقعاً عسكرياً"، مضيفاً: "إذا قصفوا من داخل القرى، فتلك هي خطة القيادة، نيران عنيفة جداً"، موضحاً: "ما حل بالضاحية الجنوبية عام 2006 سيحل في كل قرية تطلق الصواريخ على (إسرائيل)، وسنوجه إليها قوة غير متكافئة (تناسبية) ونلحق بها أضراراً ودماراً هائلين، من ناحيتنا سنعتبر تلك القرى قواعد عسكرية وليست مناطق مدنية، ولن نفرق كما في الحرب الأخيرة بين أهداف لحزب الله وأخرى للحكومة". ويؤكد آيزنكوت "أن ما أتحدث عنه ليس توصيات بل خطة مصادق عليها".
وحسب المعطيات فإن "استراتيجية الضاحية" باتت نظرية عسكرية تتجذر في الخطاب الأمني (الإسرائيلي)، لذلك فالحرب إن وقعت - والتصريحات والنوايا والأحداث والتطورات تتدحرج باتجاهها-، فإنها سترتقي إلى مستوى تدميري إبادي قد يتجاوز هيروشيما وناغازاكي، وما على لبنان والعرب إلا أن يستيقظوا، فهذه هي الطبيعة الصهيونية على حقيقتها، وتلك هي الدولة الصهيونية على حقيقتها، دولة قامت وتستمر على الحراب والحروب..!
صحيفة العرب اليوم الأردنية