يطمح الفلسطينيون بعد فوز مرشح الإخوان المسلمون د. محمد مرسي برئاسة الجمهورية لرفع الحصار الاقتصادي كليا عن قطاع غزة، وبالرغم من التصريحات المتلاحقة التي تشير إلى ذلك إلا أن الأمر لا يبدو سهلا في ظل التحديات التي تواجه الرئيس الجديد.
محللون أشاروا الى وجود نية لدى الرئيس مرسي برفع الحصار والذي سيعود بالفائدة على الجانبين، إلا أن مرسي مكبل بالعديد من الاتفاقيات والمشاكل الداخلية ، علاوة على أزمة النزاع على الصلاحيات.
رفع تدريجي
وكان مصدر مصري مقرب من الرئيس المصري، قد كشف عن قرب صدور قرار رئاسي يقضي برفع الحصار عن القطاع بشكلٍ كامل يُطبَّق تدريجيا خلال المرحلة المقبلة.
ونقلت صحيفة "الشرق" السعودية عن "المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه"، أن القرار لن يُنفَّذ بشكلٍ تلقائي بل سيكون على مراحل لضمان عدم الوقوع في الأخطاء القانونية أو وضع جمهورية مصر العربية في حرج مع المجتمع الدولي.
وأشار إلى وجود نقاش لدراسة إقامة منطقة تجارية حرة بين غزة ومصر في منطقة داخل الأراضي المصرية وتكون قريبة من الحدود مع تخصيص معبر رفح للمسافرين فقط، معتبراً أن هذا الطرح هو الأنسب من وجهة النظر المصرية.
"نقاش لدراسة إقامة منطقة تجارية حرة بين غزة ومصر في منطقة داخل الأراضي المصرية
"
ونوه إلى أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد إيقاف الترحيل من مطار القاهرة إلى معبر رفح كما هو معتاد، فضلا عن السماح لكل الفئات العمرية بالمرور عبر المعبر دون إذن مسبق، مضيفاً "سيشهد معبر رفح شكلاً آخر في عملية السفر يتسم بالانسيابية دون أي خلل أو تعطيل".
في حين أكد مدير مركز الدراسات الفلسطينية في القاهرة إبراهيم الدراوي، أن الحديث عن قرار سيادي مصري بفك حصار غزة بالكامل "ليس مستغربا" في ظل حكم الرئيس الجديد محمد مرسي، الذي جاء "بإرادة شعبية مصرية داعمة للقضية الفلسطينية ورافضة لحصار أشقائهم في غزة".
ولفت إلى أن الرئيس مرسي "أعلن أكثر من مرة في خطاباته وهو مرشح وأثناء تنصيبه رئيسا للبلاد، موقفه الداعم للقضية الفلسطينية ورفضه للحصار المفروض على غزة منذ ست سنوات.
وعد قرار مرسي "بأنه لن يسمح بحصار غزة خلال رئاسته كما فعل النظام السابق"، أمر حتمي، مشيرا إلى أن ذلك برز من خلال التسهيلات التي جرت على معبر رفح، وتضمنت زيادة عدد المسافرين.
ورأى الدراوي أن تصريحات مرسي بشأن غزة وفلسطين ، لن تكون " فقاعات هوائية وإعلامية".
وأوضح أن تنفيذ هذا القرار عمليا، ينتظر تشكيل الحكومة المصرية الجديدة ، التي ستتولى إعداد اتفاقية معابر جديدة مع القطاع وفق القانون الدولي ودون الرجوع إلى الاحتلال.
وحسب الدراوي فإن " القانون الدولي يعطي الحق لأي دولة كمصر في فتح معابر تجارية مع جوارها دون أن يقتصر على السفر ، فقد يكون معبرا للأفراد والبضائع, أو إنشاء منطقة تجارية حرة.
ولفت إلى أن حدود غزة مع مصر تصل إلى 40 كيلومتر ، "وهذه المسافة لا بد أن يكون فيها معابر للأفراد و البضائع " ، وهو أمر يتعلق بسيادة مصر لا دخل للاحتلال به.
وتطرق إلى اتفاقية المعابر 2005، التي وقعتها السلطة والاحتلال والاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن تلك "الاتفاقية كانت مجحفة بحق الشعب الفلسطيني ".
ورفض مدير مركز الدراسات الفلسطينية القول " بأن فتح المعابر ورفك الحصار " هو إلحاق غزة فعليا بمصر، مؤكدا أن القطاع ما زال تحت الاحتلال وفق القانون الدولي.
وبين أن القانون يلزم الاحتلال بواجبات اتجاه سكان القطاع كمنطقة محتلة ، مستدركا :لكن إذا لم يلتزم الاحتلال بتعهداته فواجبنا كعرب ومسلمين أن نقف بجانب إخواننا وألا نسمح بخنقهم".
يحتاج لوقت
وفي سياق متصل، نقلت وسائل إعلام (إسرائيلية) قبل أيام عن مصادر مصرية قولها إن الرئيس "مرسي" سيعلن رفع الحصار عن غزة بشكل دائم خلال الأيام القليلة المقبلة، كما وعد في حملته الانتخابية.
من جهته قال أستاذ الاقتصاد بالجامعة الإسلامية خليل النمروطي :"إن تصريحات الرئيس مرسي مهمة لسكان القطاع وتعد نقطة تحول في الإدارة المصرية .
واعتبر أن إمكانية التطبيق لن تكون سهلة أمام الرئيس المصري الجديد خصوصا في ظل الوضع الراهن في مصر ومشكلة الصلاحيات التي يعاني منها ، مبينا أن تطبيق قرار رفع الحصار يحتاج لوقت.
"القانون الدولي يعطي الحق لأي دولة كمصر في فتح معابر تجارية مع جوارها دون أن يقتصر على السفر
"
وذكر أن الأوضاع الداخلية في مصر تلقي بظلالها الثقيلة على مرسي حيث يطالبه شعبه بالإنجاز الداخلي قبل الالتفات للقضايا الخارجية.
وأكد النمروطي انه في حال رفع الحصار عن غزة خلال الشهور الستة المقبلة فإن التأثيرات الإيجابية ستطال قطاع غزة ومصر على حد سواء.
وبين أن التجار سيتمتعون- في حال انهاء الحصار- بحرية التنقل للقاء بشركائهم في الخارج ، بالإضافة لانخفاض تكاليف الانتاج بسبب تدني اسعار المواد الخام المستوردة من مصر ، منوها إلى سرعة التصدير وبالكميات المطلوبة دون تقنينها كما يفعل الاحتلال.
وبحسب النمروطي فإن رفع الحصار سيفتح المجال للأيدي العاملة ،مما سيرفع الناتج المحلي وزيادة كمية الصادرات .
كما يرى أن فتح تجارة مع مصر لا يعني انقطاع التبادل التجاري مع الضفة المحتلة، كونه لا يمكن فك الارتباط الاقتصادي بدولة الاحتلال في ظل وجود اتفاقيات لكن وجود الخيارات يفتح المجال أمام سكان القطاع .
ويرى أن خلق تجارة مع مصر فيها مصلحة كبرى لها خاصة في ظل الاستهلاك المرتفع لسكان القطاع وارتفاع الرواتب وتنوع طرق الإنفاق، متوقعا أن تصل تكلفة الاستيراد إلى أكثر من 800 مليون دولار سنويا مما سيحسن الاقتصاد المصري ويخلق فرص عمل.
ويشير النمروطي إلى تفاؤل حذر يعانيه سكان القطاع بسبب الرغبة الكبيرة لدى الرئيس مرسي بالتغيير إلا انه هناك العديد من الاتفاقيات الدولية والمشكال المحلية التي ستكبل عمله، او ستضعف القرار كحد أدنى.