ظهرت في خطاب مشعل بتونس

حماس ترسم خريطة طريق للإسلاميين

كتب - وسام عفيفة

تدفع التطورات والمتغيرات الناجمة عن ثورات الربيع العربي قيادة حركة حماس لإعادة تقدير المواقف بواقعية بعيدا عن الخطاب الاعلامي المليء بالتفاؤل, في ظل تعقيدات المرحلة الانتقالية التي يبدو ان الاسلاميين الذين وصلوا للسلطة سوف يتحملون تبعاتها كما حدث في تونس ومصر.

وفي قراءة لما بين سطور خطاب رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل خلال مشاركته في مؤتمر حركة النهضة التونسية الخميس (12|7) في قصر المؤتمرات بالعاصمة التونسية تظهر النبرة التحذيرية للإسلاميين من التفرد بالحكم واشادته بسياسة حزب النهضة الذي يدير الحكم بشراكة "الترويكا" اسلاميين وعلمانيين ويساريين (معتدلين) للخروج بسلام من مرحلة ما بعد الثورة.

المحطات التي مرت بها حماس كانت سابقة لزمنها وتجربتها اغنى من معظم الحركات الاسلامية بعدما فازت في انتخابات المجلس التشريعي ووصلت للحكومة في 2006 لكنها لم تجد شركاء لا علمانيين ولا يساريين والجميع انتظر 6 شهور لتسقط حماس وتجربتها كما كانت تأمل فتح ومعها فصائل منظمة التحرير.

"

خطاب مشعل في مؤتمر النهضة كان يتضمن مراجعات سياسية وفكرية حول علاقة الاسلاميين بالآخرين سواء شركاء الوطن او حتى الخصوم, ولهذا نأى في حديثه عن الشعارات والوعود ولم يحلق في التفاؤل بعيدا عن الواقع ضاربا مثلا من واقع التجربة الفلسطينية. 

"

في المقابل تبقى الوصفة الافتراضية فيما لو تنازلت الحركة عن غالبيتها الانتخابية وتنازل الاخرون عن اطماعهم وأنانيتهم الحزبية لكان يمكن تجاوز مأساة العزل والحصار ثم الانقسام.

مشعل في خطابه كان يرسم للإسلاميين خارطة طريق وطنية اسلامية مبنية على تجربته ويعترف ان الحركة اخطأت كثيرا واصابت كثيرا وهو بذلك يريدهم ان يبدئوا من حيث انتهت حماس, ويتجنبوا الاخطاء التي وقعت بها, ويحذرهم من غرور الاغلبية وفخاخ الحكم ويتلخص ذلك في دعوته إلى "الاستناد للشرعية الشعبية الداخلية، وعدم الخضوع للضغوط الأجنبية التي تريد توجيه الربيع العربي لمصالحها"، وأكد على "أهمية خيار التوافق السياسي بين مختلف مكونات الساحات السياسية في دول الربيع العربي بعيدا عن الاستئثار بالسلطة لأي طرف سياسي حتى وإن فاز بالأغلبية".

خطاب مشعل في مؤتمر النهضة كان يتضمن مراجعات سياسية وفكرية حول علاقة الاسلاميين بالآخرين سواء شركاء الوطن او حتى الخصوم, ولهذا نأى في حديثه عن الشعارات والوعود ولم يحلق في التفاؤل بعيدا عن الواقع ضاربا مثلا من واقع التجربة الفلسطينية.

وقال:" إن أغلبية صناديق الاقتراع لا تكفي لأن يحكم كل الشعب. أوصي الآخرين أن يسلموا بدور غيرهم، ونحن شركاء معهم، ولا يلغي أحدنا الآخر لا بد إلا نعمل بالقطرية الضيقة، والعالم لا يتقبل القطريات الضيقة التي فرضت علينا ولا ترغبها شعوبها".

 وأكد على استراتيجية خيار المصالحة لدى حركة "حماس" ودعا حركة "فتح" إلى الاسهام في انجاز المصالحة من خلال توفير المناخات المناسبة، وقال: "نحن ننظر إلى الانقسام السياسي والتباين في وجهات النظر بأنه طبيعي، لكن من غير الطبيعي أن يتحول ذلك إلى انقسام جغرافي وفي النظام السياسي، الانقسام ليس بضاعة فلسطينية بل فُرض علينا بعد انتخابات 2006 التي رفض العالم الاعتراف بها، وكما اعترف العالم بانتخاباتكم في تونس سيعترف بها في فلسطين".

"

تجربة حماس في الحكم بحلوها ومرها يجب ان تكون محل تأمل من الحركات الاسلامية الصاعدة للسلطة في دول الربيع العربي 

"

وأضاف: "نحن نفهم أن يتآمر الخارج على المصالحة، لكننا لا نفهم أن تكون المعيقات من داخلنا الفلسطيني بتسميم الأجواء، لذلك لا بد من وقف الاعتقال السياسي والتعذيب والتنسيق الأمني مع الاحتلال لإنجاز المصالحة".

تجربة حماس في الحكم بحلوها ومرها يجب ان تكون محل تأمل من الحركات الاسلامية الصاعدة للسلطة في دول الربيع العربي, في المقابل تستحق المعطيات الراهنة ان تدفع الحركة نحو رؤية متقدمة تأخذ بعين الاعتبار البيئة الجديدة على قاعدة "اعقلها وتوكل" بعيدا ردود الفعل العاطفية والخطابات الانفعالية.

البث المباشر