قلل يحيى رباح عضو الهيئة القيادية العليا لحركة فتح بغزة ومفوض الإعلام في الحركة، من مستوى وحجم وقيمة الاستقالات الجماعية التي جرت في أقاليم فتحاوية مختلفة من قطاع غزة، قائلاً " إنها استقالات ليست جماعية وإنما هي ثانوية وأقل من التوقعات بكثير".
وكانت الأقاليم الفتحاوية المختلفة في قطاع غزة، ترجمت تحذيراتها وتهديداتها التي كانت قد اطلقتها في السابق بشكل فعلي عبر "استقالات جماعية"، فقد ألقت الخلافات الفتحاوية الدائرة بين قطبي الصراع الفتحاوي "محمود عباس والقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان" بظلالها على الساحة الفتحاوية في قطاع غزة.
يذكر أن آخر "الاستقالات الجماعية" قدمتها قيادة فتح بمنطقة الشهيد عبد المعطى السبعاوي بإقليم غرب غزة -الثلاثاء الماضي- وقد عزت قرار الاستقالة احتجاجا على طريقة وآلية إصدار التكاليف من قيادة الحركة في غزة تارة والتراجع عنها تارة أخرى.
وأشار رباح في حديث خاص لـ"الرسالة نت" إلى أن ما وصفها "موجة التغيير" التي اتخذتها اللجنة المركزية لحركة فتح في قطاع غزة مؤخراً بأنها "قرار شجاع كان متوقع أن تلاقي ردود أفعال أضعاف أضعاف مما شهدناه"، مبيناً أن من تضرروا داخل فتح من القرار "هم ممن تعودوا على الركود وبعضهم لم يكن أصلاً موجوداً في السنوات الخمس الماضية وغيرهم كانوا مستنكفين عن العمل والبعض الآخر كان لديه مشاكله الخاصة".
وقال رباح "إن جميع هؤلاء-المتضررين الفتحاويين من قرار التغيير- كانوا يعتقدون أن قيادة الحركة لن تكون قادرة على اتخاذ مثل هذا القرار الشجاع الذي يشمل مساحة كبيرة جداً من التغيير وخاصة أن هذا التغيير يأتي على خلفية قرار مركزي بأن كل هياكل حركة فتح القيادية والقاعدية في قطاع غزة ستُعاد هيكلتها على أساس الانتخابات التي ستجري في أقل من عام".
وأضاف" بعض هؤلاء تحسبوا لذلك ولم يعجبهم ذلك التغيير وهذا الأمر طبيعي جداً واعتقدوا أن الأوضاع الراكدة التي رتبوا أمورهم عليها سوف تستمر وعندما فاجأهم هذا القرار الشجاع رأينا مثل هذا الضجيج".
وركز رباح على أن الضجيج الفتحاوي الحاصل على خلفية قرار المركزية فقال "هو أكبر من حجمه ألف مرة بسبب الفوضى الضاربة الأصناف في الإعلام الفلسطيني"، لافتاً إلى أن لدى حركته مواقع إعلامية لا تلتزم بالموضوعية وبالحد الأدنى من المهنية وكل من يرسل لها بياناً أو كلاماً كاذباً تنشره بدون تدقيق وبدون العودة إلى المعايير المهنية .
وكان رباح قد اعترف-في حديث سابق- بأن إعلام حركة فتح جزء من الفوضى الإعلامية المثيرة وغير المنضبطة في الساحة الفلسطينية فقال " أعترف أن جزءا من الفوضى الإعلامية نابعة من المواقع التابعة لحركة فتح".
الهيئة تمارس عملها
وحول ما إذا كانت الهيئة القيادية لفتح بغزة تمارس عملها بعد تقديم أمين سرها يزيد حويحي استقالته منها مؤخراً فقال رباح "إن الهيئة الجديدة ليست هيئة جديدة بالكامل فهناك أعضاء وأنا من بينهم شاركوا في الهيئة السابقة والتي قبلها وهكذا (..) هي ليست هيئة جديدة نزلت من السماء بل هيئة قديمة وجديدة في نفس الوقت ونحن نحرص دائماً على تلاقح الأجيال الفتحاوية وتواصلهم في كل الأطر الحركية"، وفق زعمه.
وأضاف رباح "ما يعنينا أن لدينا مفوضية تعبئة وتنظيم للحركة في القطاع مفوضها العام نبيل شعث وأنا نائبه ستبقى في تمارس عملها إلى حين أن تصدر المركزية قرارات أو تغييرات جديدة"، منوهاً إلى آخر المستجدات حول هذا الموضوع "بأن اللجنة المركزية كانت ابتداءً من 28يونيو الماضي وحتى أوائل شهر يوليو الحالي قد عقدت عدة اجتماعات وقررت استمرار عمل الهيئة القيادية الحالية بغزة ودعمها ومساعدتها في القيام بمهمة التغيير واسعة النطاق..!.
وذكر رباح بأنه من الطبيعي أن يكون أعضاء الأقاليم الفتحاوية الذين شملتهم التغييرات غير راضين، حيث أن ذلك يمكن وصفه سلوكاً إنسانياً ليس فيه جديد، حيث يحتاج العضو لوعي كبير جداً لتقبل إعفائه من مهامه كعضو في إطار، كما أن هناك البعض الآخر لا يقبلون ذلك ويحاولون أن يقوموا بالشوشرة وهذا أيضاً أمر طبيعي تعودنا عليه في فتح.
وعبر رباح عن هيئته الفتحاوية فقال " نتحاور مع الجميع ومن نرى أن لديه قضية عادلة نتعاون لحل قضيته ومن نرى أنه مجرد صوت يصرخ في الهواء أو صوت مُستأجر فإننا لا نلقي له بالاً"، مشدداً على أن لديهم قرار بأن كل من يستقيل من الحركة بدون أسباب موضوعية أن تقبل استقالته فوراً وأن يُرسل له كتاب شكر على استقالته ويتم تعيين بدلاً منه في نفس اللحظة حتى لا يحدث هناك أي فراغ وحتى لا يعتقد أحد مهما كان أنه أكبر من حركة فتح. وتابع " فتح أكبر منا جميعاً ولو استقال منها مئات أو آلاف فستبقى كبيرة "، وفق تعبيره.
صراع دحلان وعباس
وفي رده على ما يبرر هذا التشرذم و الانشقاقات والتيارات الفتحاوية المختلفة النابعة من الصراع الدائر منذ مدة بين قطبي الصراع الفتحاوي "محمود عباس ومحمد دحلان" فقال رباح "لا يمكن القبول بأن يكون هناك تيار لدحلان أو لعباس لأن هذا نوع من تصغير المشكلة وطرحها بشكل سامج"، مشدداً على أن هناك تيار الشرعية الفتحاوية الذي يمثله عباس واللجنة المركزية و هياكل الحركة المتعددة في التشريعي و المجلس الثوري وفي الإطارات التنظيمية الفتحاوية الأخرى في الوطن والشتات .
وأفصح رباح بأن هناك –بلاشك- مشكلة لدحلان وهي مع إطاره في اللجنة المركزية ولكن المستويات الدنيا حين تُقحم نفسها في هذه المشكلة فإنها تعبر عن (غباء) لأنها لا تفهم أصل هذه المشكلة، متسائلاً "كيف لمستوى متدني جداً أن يفهم مشكلة واقعة في إطار القيادة العليا وهي اللجنة المركزية..؟".
وأضاف " نحن نرفض الاستقطاب الصغير والمتوتر الذي لا يؤدي إلى نتيجة في نهاية المطاف، وبالتالي ليس دحلان وحدة الذي يقوم بهذا الشغب بل هناك أشخاص بصراحة استفادوا من حركة فتح كثيراً وحصلوا على مواقع كثيرة ثبت عبر التجربة أنهم تافهون ولم يقدموا لحركتهم شيئا".
وأردف رباح في حديثه "لا أتردد في أن أكشف من الأسرار بأن هناك أشخاص في موقع القيادة الفتحاوية بغزة لم يدخلوا القطاع منذ أربع سنوات ..هل ممكن أن يقبل أحد ذلك؟ إضافة إلى الضجيج السائد لا يقوم به (جماعة دحلان) وحدهم بل هناك جماعات أخرى من المتضررين تقوم بهذا الضجيج لاستغلال هذه الحركة دون أن يقدموا ولو نقطة واحدة من العرق، ومن الطبيعي أن يوجد مثل هؤلاء الأشخاص في حركة واسعة مثل فتح".
ويتضح مما سبق، أن حركة فتح مازالت تعاني "الثقة المفقودة" بين القيادة والقاعدة ومن انقسام الحركة بين قطبي الصراع الفتحاوي "محمد دحلان ومحمود عباس"، وذلك ما يجعل إعادة ترتيب البيت الفتحاوي الداخلي بعيد المنال.