عندما تغرب الشمس يكون البائع منار زنون الوجهة المفضلة لمرتادي سوق رفح المركزي لطلب عصير "الخروب" البارد حتى يروي عطشهم عند موعد الإفطار.
ويحظى عصير الخروب الشعبي بإقبال كثيف من سكان قطاع غزة الساحلي مع حلول شهر رمضان المبارك الذي يحل بهذا العقد في فصل الصيف.
ويعتبر هذا المشروب سيد موائد إفطار الصائمين الفلسطينيين في قطاع غزة خلال الشهر المبارك على الرغم من توفر عصائر ومشروبات غازية متنوعة وبنكهات مختلفة.
وعلى مر السنين لم تستطيع المشروبات الاصطناعية أن تحل مكان (الخروب) الذي يروي العطش ويعوض الجسم عند التعرق في الطقس الحار وتزوده بالفيتامينات.
وحل الشهر الكريم هذا العام في العشرين من تموز/يوليو الماضي ويستمر حتى التاسع عشر من أب أغسطس الحالي وسط طقس يأتي أعلى بستة درجات عن الأعوام الماضية.
"(الخروب) مشروب شعبي يحظى بإقبال كثيف من سكان قطاع غزة.
"
ويمتاز مشروب (الخروب) بأنه مرطب ذو نكهة طيبة ومعدل لحموضة الهضم ومضاد للإسهال ومصدر لبعض الألياف الغذائية الهامة بالإضافة إلى تزويده الجسم ببعض الأملاح المعدنية والأحماض العضوية المساهمة بإطفاء العطش.
ويباع الخروب بثمن بخس وهو في متناول عامة سكان القطاع الذين يعانون أوضاعا اقتصادية صعبة بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض منذ ست سنوات.
وتشهد حركة بيع الخروب رواجاً كبيراً قبل ساعات من موعد الإفطار إذ يتدفق السكان على الأسواق ويحصلون على هذا المشروب.
وهذه الحركة ليس في أسواق مخيم رفح إذ تشهد أسواق محافظات قطاع غزة الخمسة ومخيماتها الثمانية إقبالا كثيف على هذا المشروب.
ويقول زنون وهو شاب في العشرينات من عمره " الجميع يحب الخروب ويقبلون عليه خصوصاً في شهر رمضان .. اعتقد أنه لا يوجد مرطب في غزة أكثر منه".
"لتر الخروب يباع بشيقلان "إسرائيلي" أي نصف دولار أمريكي.
"
يبدأ زنون الذي ورث المهنة عن والدة يومه في رمضان بعد صلاة الظهر، إذ يتوجه إلى سوق رفح المركزي ويقوم بإفراغ أكياس مكعبات الثلج في براميل بلاستيكية كبيرة، بانتظار ساعات ما قبل الإفطار وهي فترة الذروة التي يباع فيها مشروب الخروب والسوس والتمر الهندي.
يقف زنون الذي يتلقى المساندة من شقيقة الأصغر في وقت الذروة خلف عربة حديدية صغيرة تعلوها صناديق زجاجية مملوءة بعصير الخروب بُني اللون فيما تطفو على وجهه قوالب الثلج لتحافظ عليه باردا لأقصى فترة ممكنة.
ويقول زنون لـ"الرسالة نت" إنه يواجه منافسة شديدة من عدد كبير من بائعة الخروب في السوق نفسه.
ولتر الخروب يباع بشيقلان "إسرائيلي" أي نصف دولار أمريكي، وهذا الثمن يسعد الشاب زنون الذين يستعد لتأمين مصروفات كثرية لعائلته عشية العيد.
ويقول زنون "في بداية الشهر الكريم كنت أخشى من تاثير المشروبات الغازية على سوق الخروب خصوصاً بعد أن غرق السوق بالمشروبات القادمة من إسرائيل ومصر".
ويقف باعة الخروب على مسافات غير متباعدة لكن غالبية رواد السوق تفضل بائع بعينه للحصول على الخروب بحسب جودة إعداده.
يقول محمد عيسى وهو شاب يافع كان يتسوق في سوق رفح المركزي إنني أفضل شرب الخروب عن العصائر الأخرى لفائدته للجسم خلال شهر رمضان.
"(الخروب) مقوي للكبد واللثة والمعدة، ومفيدة للصدر ويحافظ على رطوبة العين وبريقها.
"
ويضيف عيسى بعد أن حصل على لترين من الخروب إنه عصير طبيعي وطازج وخالي من المواد الحافظة ورخيص الثمن أيضاً.
ويحرص إبراهيم زيني على شراء الخروب له ولعائلته كل يوم، مفضلا هذا الشراب على العصائر المعلبة التي تباع في الأسواق، إذ يقول "الخروب لذيذ الطعم ويُشعره بالنشاط والانتعاش".
ويعرف الخروب بأنه مقوي للكبد واللثة والمعدة، ومفيدة للصدر والرئة وغني بفيتامين (أ) كما أنه يحافظ على رطوبة العين وبريقها ويقوى الرؤية وأعصاب السمع ويهدئ الأعصاب ويساعد في علاج النزلات الصدرية ويعدل مستويات الحموضة في جسم الإنسان.
ويعتبر شجر الخروب من أقدم الأشجار وهو دائم الخضرة وثماره عبارة عن قرون عريضة تتباين أطوالها في الشجرة الواحدة، ويتميز بقدرته على تحمل عوامل الجو القاسية كالجفاف والبرد والرياح، ويعيش في الأراضي الصخرية والتربة الرملية، ولا يحتاج لكثير من الماء فهو متكيف ومتواضع في احتياجاته.
ووزع زنون عندما رفع أذان المغرب على المارة وجيرانه من البائعين الخروب وتمتم قائلاً "ولدي أخبرني بأن الخروب له سر هو أنه لا يمكن التخلي عنه في موائد الإفطار في قطاع غزة".