قائمة الموقع

"مختبرات العلوم"..تخصص نادر لا يجد وظيفة

2010-01-09T17:24:00+02:00

الطلبة : دخلنا التخصص هربا من البطالة لكن الواقع أحبط آمالنا

التعليم: مدرس العلوم يؤدي المهمة وملف المختبرات يحتاج لدراسة 

الأونروا: لا توجد لدينا خطة تشغيلية للخريجين

الكلية الجامعية: أدرجنا التخصص في ديوان الموظفين

غزة/ كمال عليان:

ظن الخريج محمد حسان (21عاما) أنه وبمجرد التحاقه بتخصص فنيي مختبرات علوم "المستحدث" في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، قد يجد عملاً ينتظره في إحدى المدارس الحكومية أو وكالة الغوث بمجرد استلام شهادته، وذلك نظراً لأنه يعد من أبناء الدفعة الأولى من خريجي هذا التخصص الذين لا يتعدى عددهم عشرة خريجين، إلا أنه صُدم بإيصاد أبواب العمل في وجهه، والسبب -حسب رأيه- هو عدم اهتمام وزارة التربية والتعليم بهم.

وعود قاطعة!

حسان أحد طلبة تخصص فنيي مختبرات علوم الذين واجهوا المصير ذاته، رغم كونهم اختاروا التخصص هرباً من شبح البطالة، متجهين نحو الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية التي افتتحت التخصص بعدما تعاقدت مع وزارة التربية والتعليم على استيعاب كافة خريجين هذا التخصص-حسب قولها-.

ولكن الطامة الكبرى التي تحاصر خريجي هذا التخصص تكمن في عدم وجود خطة تشغيلية لهم من قبل تعليم الوزارة والأونروا، حيث أنه لم تجهز المختبرات العلمية بشكل رسمي في المدارس، الأمر الذي يمنع من وجود فنيين لها، ناهيك عن امتناع الجامعات تدريبهم في مختبراتها.

ويقول الخرّيج محمد أبو عفشة (21عاما) وهو أحد خريجي التخصص من جامعة الأزهر:" في بداية الأمر كنت أدرس تربية إسلامية في القدس المفتوحة ولكني عندما سمعت بالتخصص الجديد تشجعت لدخوله"، متمنيا أن يجد عملا في الوقت المناسب.

وأوضح أبو عفشة أنهم أخذوا وعود قاطعة من الجامعة بأن الوظيفة مضمونة بمجرد استلام الشهادة، مشددا على ضرورة الإسراع في إيجاد آلية لتشغيلهم في المدارس أو الجامعات.

ووافقه الرأي الخريج إبراهيم الوالي حيث أكد أنه أصبح محبطا بعد تخرجه من الكلية الجامعية، وذلك لعدم توقعه يوما من الأيام أنه سينضم إلى طابور بطالة الخريجين في قطاع غزة.

ويضيف الوالي :" لم أكن أتصور أنني سأحبط بهذا القدر، فلقد كانت الجامعة تعدنا دائما بالوظيفة فقط بمجرد الانتهاء من الدراسة واستلام الشهادة"، منوها إلى أن الخريجين هم خمسة طلاب وثمانية طالبات فقط. معلقاً بقوله :"من يطلب مني النصيحة باختيار التخصص، أنصحه بعدم دخوله حتى لا يكون حاله كحالي".

ورغم تقديم الوالي جميع أوراقه لوزارة التربية والتعليم ووكالة الغوث منذ تخرجه، وتقديمه إياها لعدد كبير من المؤسسات الخاصة، إلا أنه لم يجد قبولاً، حتى أن جامعتي الأزهر والأقصى رفضتا تدريبهم في مختبراتها العلمية بحجة أنها لا تتحمل المسئولية.

ويتابع :" لم أدخل هذا التخصص لأجلس في المنزل كعاطل عن العمل في ظل واقع يفرض البطالة بمعدلات قياسية".

فقدت الأمل

ولا تبدو الطالبة كريمة الدهشان -خريجة فنيي مختبرات علوم- أفضل حالاً من سابقيها، وهي التي لم تحظ بفرصة عمل واحدة منذ تخرجها من الكلية الجامعية حتى اليوم، فهي تؤكد أنها رغم حبها الشديد لمجال دراستها فإنها تتمنى لو عادت بها الأيام لتختار تخصصاً آخر يطلبه السوق، وتتاح لها فرص العمل.

وتقول :" دخلت هذا التخصص لأنه يعتمد كثيرا على المساقات العملية والتي بطبيعتي أحبها، أكثر من المساقات النظرية"، مبينة أنها فقدت الأمل في الوظيفة الخيالية.

وتضيف الدهشان :" أصبحت توقعاتي بالنسبة للوظيفة قليلة جدا، فلم أعد أفكر كثيرا به لأن التفكير لا يقدم شيئا أو يؤخره"، مناشدة الكلية ووزارة التعليم أن تقف كل منهما عند مسئولياته ويوفوا بعهودهم.

الصدمة الكبرى!

"الرسالة" التقت د. يوسف إبراهيم وكيل وزارة التربية والتعليم حول القضية، الذي أوضح بدوره أن الوزارة تدرس حاليا ملف فنيي مختبرات علوم، منوها إلى أن وزارته ستصدر قرارا بهذا الصدد بعد الدراسة.

وبشيء من قلة الاكتراث الذي بدا واضحا على وزارة التعليم قال د.إبراهيم:" أعتقد بأن مدرس مادة العلوم في المدرسة يستطيع أن يقوم بهذا الملف إذا خففنا عنه عدد الحصص النظرية"، مؤكدا على أنه من المبكر الحديث حول مصير هؤلاء الخريجين.

ونفى د.إبراهيم أن تكون وزارة التربية والتعليم قد عقدت مع أي مؤسسة أي تعاقدات حول استيعاب فنيي مختبرات علوم في مدارسها في حال تخرجهم، قائلا:" ليتك تصور لي العقد لكي أراه وأتمعن به".  

ولمعرفة تفاصيل هذا الملف الجدلي قابلت "الرسالة" د.خليل عبد العزيز مدير دائرة المكتبات المدرسية والمختبرات العلمية بالوزارة حيث قال وبكل بساطة :" الحق ليس علينا إنما الحق على الجامعات التي تخرج طلاب من تخصصات ليس وقتها هذه الأيام رغم أهميتها"، مستشهدا بما حصل مع خريجي علم المكتبات الذين لم يجدوا وظائف منذ أكثر من خمس سنوات.

وبين د.عبد العزيز أن وزارة التعليم تحتاج إلى مدرسي في المواد الأساسية من لغة عربية ورياضيات وعلوم، منوها إلى وجود مختبرات علمية في مدارس الوزارة تضاهي المختبرات في أي دولة خارجية ( دون الحاجة لفنيي مختبرات علوم).

تحملنا أعباء

ولإكمال حلقة مفرغة كان لابد من توجه "الرسالة" إلى مقر الكلية الجامعية لتلتقي د.خضر الجمالي نائب العميد للشئون الأكاديمية، والذي أكد على أهمية هذا التخصص في تغيير واقع المختبرات في جميع المؤسسات المعنية، منوها إلى أن هذا الاختصاص تم افتتاحه بناء على طلب رسمي من وكيل وزارة التربية والتعليم السابق د.محمد شقير.

وقال د.الجمالي:" لقد تحملت الكلية أعباء كثيرة لتخريج الفوج الأول وفي سبيل تخريج فنيو قادرين على إدارة المختبرات"، مشيرا إلى أن الكلية حصلت على موافقة رسمية من قبل ديوان الموظفين في إدراج التخصص في مسميات الوظيفة.

ونوه د.الجمالي إلى أن هناك معلومات تفيد بأن جامعة الأزهر حصلت على منحة من صندوق تطوير الجودة لاعتماد هذا الاختصاص لديها في الدبلوم وأن الوكالة استعدت باستيعاب الخريجين.

وهذا ما نفاه د.محمود الحمضيات رئيس برنامج التعليم في الأنروا في حديث للـ"الرسالة" بقوله :" نحن لم نعد أحدا باستيعاب الخريجين ولكننا أيدنا الفكرة فقط"، منوها إلى أنه لا توجد خطة تشغيلية لهم في الوقت القريب.

إذن هي الوعود نفسها التي أخذها طلاب هذا التخصص من جامعة الأزهر ومن الكلية الجامعية بأن وظيفتكم مضمونة بمجرد استلام الشهادة، وأيضا هي الإجابة نفسها التي صدموا بها من وزارة التعليم ووكالة الغوث بعد تخرجهم، بأنه لا توجد حتى خطة تشغيلية لكم، ويبقى الخريج هو من يتحمل المسئولية لأنه دخل تخصصا نادرا كان يعتقد بأنه مفتاح الوصول لوظيفة تضمن له دخلا منتظما. 

 

اخبار ذات صلة