قائد الطوفان قائد الطوفان

الاحتلال ختم الحرب بخسارة على أرضها

بعد عام .. تفاصيل مثيرة لمعركة المغراقة

 

غزة - محمد بلّور          

حينما أتت ذكرى الحرب أمسك قائد القسام في المغراقة بخمس قلائد معدنية تحمل أسماء جنود إسرائيليين وأرقامهم العسكرية .

الآن بعد عام على الحرب هل يعترف الاحتلال بسقوط جنوده في المغراقة أم يخطط لاستعادة قلائدهم في عملية قادمة نتوقعها مع ازدياد هدير طائراته الموتّرة للأجواء .

لم يكن اقتحام الجيش الإسرائيلي لقرية المغراقة نزهة له كما أراد فقد توّجت كتائب القسام آخر أيام الحرب بالنيل من جنوده ودباباته .

ورغم أن مستوطنة نتساريم مارست شهوتها في العدوان على المغراقة لسنوات قبل انسحاب عام 2005 إلا أن حرب غزة أطلقت فيها مذاقا خاصا جاء على غير التوقع .

وتمكنت كتائب القسام من استهداف عدة آليات ووحدات خاصة ما أدى لإصابة ومقتل عدد من الجنود في حين دمر الاحتلال خلال الحرب150 منزلا بشكل كلي و500 منزل آخر بشكل جزئي إضافة إلى عشرات الدونمات ومئات الأشجار ومزارع الدواجن.

ساعة الصفر

لأيام مكث مقاومو القسام في أماكنهم لا يتحركون إلا للضرورة , أرتال الدبابات على مفترق "نتساريم" أعادت لهم ذكرى تحبس الأنفاس .

كانت مجموعات محدودة من المقاومين مضطرة لحماية الخاصرة الطرية الواصلة بين طريق "كارني نتساريم والمغراقة" فالدفاع أصبح حتميا مع بدء الحرب البريّة على غزة .

وكبقية المناطق المحاذية لنقاط تمركزه قصفت مدفعية الاحتلال محررة "نتساريم" بمئات قذائف المدفعية على ثلاثة أيام قبل دخوله البرّي وعندما تمركز على مفترق "نتساريم" قصف المنازل شمال المغراقة .

وأدركت المقاومة في المغراقة أنها بصدد التعامل مع عدو متمترس خلف حديد ثقيل ما يعني أن الحكمة في الخطة الدفاعية تحتم عدم التعامل معه في منطقة مكشوفة على شكل مواجهة .

وفي يوم 16يناير تمكن قناصة القسام من تسديد عيار ناري لجندي إسرائيلي على "تلة الريّس" الأمر الذي غيّر البوصلة لبدء اجتياح بريّ للقرية .

وأضاف أحد قادة القسام والذي سمى نفسه "أبو محمد" للرسالة:"بعد عام على ذكرى الحرب نذكر تلك اللحظة التي فتح فيها العدو النار بكثافة بعد إصابة الجندي وبدأ بإطلاق القذائف بينما كثّفت طائرات الاستطلاع من تحليقها" .

وبعد الواحدة فجرا بدأت عملية توغل للآليات الثقيلة من منطقة "تل العجول" حيث قال المقاوم القسامي "أبو حسن":" كان دخولا صامتا وكان بيني وبين الدبابات 30 مترا نزلت الوحدات الخاصة 17 جنديا وفجرت منزل المواطن أبو سليم أبو كميل" .

وأكد القائد القسامي "أبو محمد " أن القسام توقع دخولهم من تلك المنطقة لما لها من موقع جغرافي مرتفع تشرف من خلاله على المغراقة وشمال النصيرات .

وبدأت المقاومة في "تل العجول" ففجر رجال القسام عبوة ناسفة أرضية في دبابة وأصابوها وحسب رواية أحد شهود العيان سحبها الجنود بواسطة آلية أخرى .

وقال أحد عناصر القسام ويدعى "أبو أحمد"  أنه وقف على بعد خمسة أمتار فقامت جرافة بتجريف الأرض فأتلفت تمديدات عبوته الناسفة مضيفا "لم يكن هناك رعب نهائيا , حاولنا تفجير الجرافة فكانت التمديدات مقطّعة وبعد خمس دقائق انفجرت عبوته ثانية فاشتعلت النيران في الآلية" .

كما فجر مقاوم آخر عبوتين ناسفتين جانبيتين في دبابتين وقد تلا التفجيرات السابقة إطلاق نار وقذائف بشكل مكثف بينما قام آخر بتفجير عبوة ناسفة في آلية على مدخل القرية .

أهداف العملية

وحملت عملية التوغل البرّية لقرية المغراقة أهدافا عدة أبرزها الوصول لمنزل القائد القسامي الكبير الشهيد عدنان الغول "أبو بلال" ربما لالتقاط الصور والقول عبر النشرة العبرية في المساء "انظروا لقد تجولنا في بيت أبرز قادتهم بأريحية" وهو ذات الهدف الذي حاولت معه آليات الاحتلال ربط تقدمها في منطقة "تل الإسلام" مع منزل القيادي في حماس محمود الزهار.

ويرى القائد القسامي "أبو محمد " أن وصولهم لمنزل الشهيد الغول يعني وصولهم لقلب المغراقة علاوة على رغبتهم في فرض قوتهم والانتقام لدماء الجندي الساخنة التي تدفقت من رصاص قناصة القسام قبلها بساعات .

وقرب منزل أبو بلال الغول فجّر مقاوم آخر عبوة ناسفة فيضيف "أبو محمد":"اتصل بي المقاوم وقال سأفجر الآلية الآن وقد فعل " .

وأكد المقاوم الذي كان مرابطا في ذلك المكان"اكتشفنا أن القوات الخاصة جاءت من الشرق قرب منزل الشهيد الغول , بعد إلقاء القنبلة سمعنا حركة للآليات كان بيننا وبينها 40 مترا , احدى الآليات كانت قرب عبوتنا الناسفة وحولها جنود, فجرنا العبوة فأصبنا الآلية والجنود من حولها وسمعنا صراخهم بالعبرية  ثم شاهدناهم وهم يسحبون الآلية المستهدفة.

تمكن رجال المقاومة من الانسحاب وفي الطريق سمع المقاومون صوت الوحدات الخاصة , كانوا يمشون في منطقة زراعية بشكل متواز, ويضيف "في هذه اللحظة سمعنا صوتهم صرخت على زميلي فبدؤوا بإطلاق النار –يشير لجسمه-صارت القذائف تسقط حولنا قمنا عندها بضربهم بقذائف مضادة للدروع حيث كانوا يحاولون اعتلاء منزل الشهيد عدنان الغول".

ردود غير محسوبة

اعتقد جنود الاحتلال أن مئذنة مسجد الإيمان وفرت للمقاومة فرصة تحديد أماكنهم فكثفوا من قصفها وهو اعتقاد كان سائد للجيش الإسرائيلي حيث قصفوا معظم مآذن المساجد التي توغلوا قربها.

كما قصف أحد المقاومين القوات الخاصة قرب منزل الشهيد الغول بقذيفتي آر.بي.جى,  فيضيف أبو محمد "خاطبني أحد المقاومين حينها وقال لا يفصلني عنهم سوى 50 مترا وسأهاجمهم وبالفعل ضرب القذائف" .

حاول قناصة الاحتلال ضرب نيرانهم لتشكيل عامل ضغط وتوفير عنصر التوتر لدى المقاومة وقد كثفوا بعد استهداف آلياتهم وجنودهم من القصف بالمدفعية والرشاشات الثقيلة للتغطية على ما يتلقون بينما انشغل آخرون بتفجير منازل آل أبو عطيوي وحسان وأبو كميل بالأباتشي وطيران الاستطلاع .

وشارك في اجتياح المغراقة 25 آلية ووحدات خاصة وطائرات استطلاع وأباتشي وهي أسلحة ثقيلة وكثيرة نسبيا في منطقة زراعية صغيرة .

وبينما كان مقاوم القسام يمسح دخان بندقيته بعد قنص الجندي شرعت الوحدات الخاصة الإسرائيلية اعتلاء منزل المواطن أبو سلامة الوحيدي فتمركزوا خلف النوافذ , تقدم اثنان من المقاومين وأطلقوا قذائف مضادة للدروع من مسافة قريبة عليهم , عمت حالة من الاضطراب في المنزل ثم بدأت دبابات ومدرعات تحمل شارات الإسعاف تصل للمكان لإنقاذ المصابين ثم هبطت الطائرات المروحية لإنعاش الموقف .

إصابات العدو

واعترف جيش الاحتلال أن جنوده أصيبوا في قصف المنزل الذي حرقوه قبل انسحابهم لإخفاء آثار الدماء بينما قام آخرون بجرّ آلية مدمرة من منطقة "تل الإسلام" ودفنها في رمال محررة نتساريم قبل الانسحاب بساعات .

وأكدت كتائب القسام أنها عثرث على خمس قلائد لجنود إسرائيليين تحمل أسماءهم وأرقامهم العسكرية يعتقد أنهم قتلوا وأصيبوا خلال استهداف آليتهم وهم على النحو التالي:" كلاينر سورون 5926597 – أنفس أبشالوم 5377189 – عوفر عران 5360634 – كوهن أفيخار 7686397 – مايتوس أندري 7714709" .

ولا تكون هذه القلائد المعدنية سوى عنق كل جندي أو جواره في الدبابة ما يعني أن القسام جرّدهم من مستلزماتهم العسكرية في المغراقة .

وانتهت عملية الاحتلال عند الساعة الثانية ظهرا من مساء اليوم الثاني في آخر أيام الحرب على غزة وأجملت كتائب القسام عملياتها في استهداف خمسة آليات واشتباكات مع وحدات خاصة وقصف منزلين تحصن بهما جنود الاحتلال .

وتلاقى صراع الأدمغة بين القسام وجنود الاحتلال على استخدام مناطق غير متوقع التقدم منها بالمغراقة بينما احتفظ الاحتلال بالدخول عبر الطريق الرئيس "كارني نتساريم" والذي شكل معضلة حقيقية أمام المقاومة نظرا لجغرافية المكان .

وجسّدت مقاومة القسام في المغراقة معنى حقيقيا للصمود حيث شارك في التصدي عدد قليل من المقاومين بينما احتفظت بقية المجموعات بهدوئها في مواقعها لانتظار الدور ذلك الدور الذي قد ياتي قريبا ! .

 

 

البث المباشر