قائد الطوفان قائد الطوفان

"العيدية".. موّالٌ يُغنّيه الأطفال كل عيد !

الرسالة نت – أحمد طلبة

لم يأت إصراره كل عيد على شراء "بنطلون أبو جِيَبْ" من فراغ, أو لارتدائه فحسب, إنما ليتخذ منه "حصالة" يحفظ فيها ما يحصل عليه من "شواكل" أثناء رحلة جمع "العيديات".

قبيل صلاة العيد وبعد الاستحمام, يتجهز أنس صاحب الـ 7 أعوام للذهاب إلى آدائها, ويعود مسرعاً إلى بيته, متوجهاً إلى خزانة ملابسه ويبدأ بـ"حركات الشياكة" التي تظهره بحله جديدة اعتاد عليها في أيام العيد.

ويعلن بذلك انطلاق إشارة البدء في رحلة الحصول على "العيدية" من أقربائه وأفراد عائلته, والتي لا تتحق إلا بزيارة مستعجلة أو ربما تكون "عن باب الدار", وما يشغل اهتمامه الحصول عليها بأي شكل. 

وتستمر "رحلة العيدية" حتى ساعات الظهيرة، وبعدها يعود أنس إلى المنزل مكتفياً بهذه الفترة فيما حصل عليه، لكن لا يعني أن السعي وراؤها قد توقف، فأيام العيد الثلاثة تكون كافيةً لإنفاق العيدية في ملاهي الأطفال وشراء الألعاب.

أجواء العيد وطقوسه في غزة وغيرها, من المستحيل أن تتم دون الحصول على "العيدية"؛ لأنها أمر لا يتجزأ منها، حيث يتغنى الأطفال بطلبها بنظرة مصحوبة بابتسامة برئية, وهم ينتقلون من منزل إلى آخر.

ويعتبر إعطاء الصغار والكبار ما يسمَّى بـ "العيدية" لا حرج فيه، إنما هو من محاسن الأخلاق، وجميل العادات، لكن ينبغي التنبه إلى مراعاة العدل في الإعطاء، فلا يصلح إعطاء بعض الأبناء دون الباقين؛ لما يسببه ذلك من إيقاع الحسد والبغضاء.

ومن غير الضروري إعطاء قدر المبلغ نفسه لكل أفراد الأسرة، بل يراعى السن في ذلك، فيُعطى للكبير ما لا يعطى للصغير, ولا بد من مراقبة الأولاد الصغار في مجالات صرف العيديات؛ لأنه يكثر في الأعياد الخروج لأماكن اللهو.

وقد ارتبطت "العيدية" -بشكل واضح- ببهجة الأطفال في العيد, لكنها تمثل أيضا فرحة للكبار فيها، وتكريساً للقيم الإيمانية والإنسانية السامية، وأولها تقديم واجب الحب من الأب لرعيته.

ويعدّ إعطاء الأطفال عيديتهم وتزيين أيديهم الناعمة بها, واجب أخلاقي اجتماعي يبعث البهجة في نفوس الصغار والمانحين لها مهما اختلفت أعمارهم, ويشيع الحب فيما بينهم.

يستعد الجميع للعيد باكراً أو قبل دخوله بيوم أو يومين، أما صباح العيد فنلزم البيت حتى عودة الجميع من المصلى، وتبدأ المباركات ونيل العيدية من أفراد الأسرة أولا.

ولا يقتصر "موال العيدية" على الأطفال في غزة, إنما يمتد ليطالهم في الدول العربية الاسلامية, حين ينادون بصوت واحد "أعطونا عيدية", حينها يبادر من هم أكبر سناً بتوزيع العيدية على الجميع.

وتلعب "العيدية" دوراً كبيراً في انعاش الحركة سواءً كانت على الصعيد الاجتماعي بزيارة الاهالي والأقارب, أو على الصعيد الاقتصادي من خلال الخروج إلى الأسواق وأماكن الألعاب لصرفها وشراء البهجة.

وليست "العيدية" حكراً على الأطفال, إنما لكبار السن أيضاً نصيب منها ، إذ تقدمها الأمهات إلى الجدات, كما تقوم بعض العائلات المقتدرة بتقديمها لمن يزورها من الأسر أو الجيران من غير التقيد بالسن.

ولا يمكن لطقوس العيد الممثلة بـ "العيدية" أن تندثر, على الرغم من التغيرات التي طرأت على المجتمعات العربية الاسلامية، إذ لا يزال الأطفال يطرقون الأبواب، ويمرون على المنازل لطلبها, وفقاً للتقاليد.

البث المباشر