ينسقها عمر سليمان

القاهرة والرياض و"تل أبيب" مناورات لضرب إيران

باسم عبد الله أبو عطايا

بالرغم من فوز اليمن المتطرف في اسرائيل ، وبالرغم من حالة التوتر المعلن بين الولايات المتحدة الامريكية وحكومة نتنياهو ، تشهد العلاقات المصرية الإسرائيلية تطورا حميما وتعاونا كبيرا في كافة المستويات السياسية والأمنية والعسكرية فقد استقبلت القاهرة في فترة لا تزيد عن ستة شهور رئيس الوزراء ووزير الحرب ورئيس دولة الكيان وذلك في إطار التنسيق والتعاون المشترك  بين القاهرة وتل أبيب .

اسرائيل تعمل بكل ما لديها من قوة من اجل أذبه الجليد المعلن في علاقتها من مصر وتحاول أن تصل إلى مرحلة معلنة من التعاون لإدراكها لأهمية مصر الإستراتيجية في الشرق الأوسط وأهميه دورها الريادي في قلب الأمة العربية .

وحقيقة لابد من ذكرها أن مصر كنظام تبدي تعاونا ورضى منقطع النظير في تطوير هذه العلاقات وان كانت على استحياء أحيانا وبشكل فج أحيانا أخرى .

** عدو مشترك

مصر وإسرائيل اتفقتا على أن هناك عدوا مشتركا لهما ولهذا العدو في المنطقة جيوب وأعوان فالعدو الرئيسي الذي يهدد الأمن الاستراتيجي لكلتا الدولتين هو إيران والخطر النووي القادم من طهران التي يتم تصويرها على أنها تسعى لتدمير المنطقة العربية من اجل إقامة حلم "دولة فارس".

أما الجيوب التي يجب مواجهتها وتقليم أظفارها قبل الدخول للموقعة الكبرى فيتمثل في حركة المقاومة الإسلامية حماس التي تحكم قطاع غزة، وحزب الله في لبنان الذي نجح في إعطاء مثال ناصع البياض لدور المقاومة وأهميتها في مواجهة العدو الصهيوني.

وما التصريحات المصرية والتي جاءت على لسان رئيس النظام المصري حسنى مبارك والتي قال فيها " انه لن يقبل أن تكون هناك إيران صغيرة على حدود مصر " ويقصد سيطرة حماس على قطاع غزة إلا دليلا على أن العدو والخوف المصري على الأمن القومي ليس من وجود اسرائيل ولا يتمثل بالخطر النووي الإسرائيلي وإنما حماس ويجب التخلص منها وإنهاء سيطرتها على غزة وهذا الهدف تشترك فيه مصر أيضا.

أما الفبركة الإعلامية لتشويه صورة المقاومة وتحديدا حزب الله خاصة بعد التعاطف الكبير الذي حققه بعد حرب صيف 2006 مع دولة الاحتلال فقد جاء بهجوم عنيف على الحزب وقيادته بعد إلقاء القبض على ما أسمته مصر في حينها خلية حزب الله التي كانت تعمل على تهريب السلاح إلى غزة وتهدد الأمن القومي المصري وتنشر مبدأ التشيع في مصر- حسب الرواية الإعلامية المصرية.

 ** تعاون عسكري

وبالعودة إلى العلاقات المصرية الإسرائيلية التي بدأت تأخذ منحى أكثر عمقا وأكثر استراتيجيه فقد تمثل بالزيارة الأخيرة التي قام رئيس دولة الاحتلال شمعون بيرس قبل يومين إلى القاهرة والتي وصفها بيبرس ب"الممتازة"،وأضاف  أن هناك احتمالا بشأن تغيير وجه الشرق الأوسط لصالح الجميع.

ولدى سؤال مبارك في مؤتمر صحفي عن عدم زيارته لإسرائيل، قال إن الزيارات لم تتوقف، وأنها ليست الموضوع الأساسي. وأضاف: "علينا أن نكون واقعيين، إذا كانت الزيارة ستحل كل القضايا سأقوم بذلك".

ولدى سؤاله عن مسألة الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، تهرب من التطرق إلى الموضوع، كما رفض الإجابة على سؤال بشأن اعتراف مصر بنتائج الانتخابات الإيرانية.

وكان بيرس، وقبل لقائه مع الرئيس المصري الثلاثاء الماضي ، قد صرح بأنه من جملة المواضيع التي سيبحثها في مصر مصير الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة غلعاد شاليط، بالإضافة إلى البرنامج النووي الإيراني وما أسماه "تطوير المبادرة العربية".

كما صرح بيرس قبل مغادرته إلى القاهرة إنه قد التقى مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، وجرى تنسيق المواقف بينهما.

وقال بيرس أيضا إن الفترة الأخيرة تشهد توطيدا للعلاقات بين مصر وإسرائيل في عدد من القضايا، بضمنها "تهريب السلاح إلى قطاع غزة"، وقضايا أمنية أخرى.

وأضافت "هآرتس" أنه كان في استقباله الرئيس المصري مبارك، ورئيس الحكومة أحمد نظيف، ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط، ورئيس المخابرات عمر سليمان. ونقلت عن مبارك  قوله لبيرس إنه كان ينتظر هذا اللقاء.

** القاهرة والرياض

يبدو أن التغير في خارطة الشرق الأوسط الذي يتحدث عنه بيرس يتمثل في الحرب على إيران والتعاون العسكري المصري السعودي بهذا الاتجاه ويبدو أن الحديث عن مرور الغواصة النووية دولفين هو أهم أوجه هذا النشاط وهذا التغير المرتقب.

فقد ذكرت مصادر إعلامية إسرائيلية أن  الغواصة الإسرائيلية  "دولفين" عبرت  قناة السويس  ضمن القافلة المتجهة من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط في طريقها إلى إسرائيل بعد قضاء أكثر من شهر في المياه الإقليمية للخليج العربي.

 وأفاد شهود عيان أنّ الغواصة رافقها خلال مرورها عبر قناة السويس مساء أمس الأحد مدمرة أمريكية وأخرى إسرائيلية و3 زوارق تأمين مصرية، فيما قالت وسائل إعلام: إن الغواصة عبرت برفقة سفينة عسكرية إسرائيلية.

واتخذت هيئة  القناة  إجراءات مشددة خلال مرور القطع الحربية، منها منع الصيد وتوقف الملاحة عبر ضفتي القناة ومنع الحركة فوق كوبري السلام المؤدي لسيناء كما نشرت قوات تأمين  إضافية على الطرق الجانبية للقناة.

وكانت  أنباء متضاربة تداولتها وسائل الإعلام المصرية والغربية حول عبور الغواصة من عدمه، إلا أن عودة الغواصة عبر القناة مرة أخرى أزال الشك حول عبورها الأول.

وأكّد مسئولون بقناة السويس عدم ممانعة القناة لعبور الغواصة الإسرائيلية بعد الفحص النووي ووفقًا لاتفاقية السلام المبرمة مع إسرائيل واتفاقية القسطنطينية.

يذكر أن مياه القناة تمنع مرور الغواصات تحت الماء لعدم توفر العمق الكافي لذلك تعبر الغواصات طافية في قناة السويس.

مرور الغواصة ومن فوق سطح قناة السويس واستعراض العضلات الإسرائيلي من خلال قناة السويس لا يشكل خطرا على الأمن القومي العربي إنما وجود " إيران صغيرة " هو الخطر الأكبر الذي يواجه مصر .

الدور المصري والتعاون العسكري الكبير بين مصر وإسرائيل يأخذ أشكالا منظمة ودورية حيث ذكر تقرير استراتيجي أمريكي أن "هناك اجتماعًا مشتركًا لـ "لجنة عسكرية" يُعقد بشكل منتظم مرتين سنويًا، بهدف تنسيق وتسوية بعض المواضيع العسكرية والأمنية بين الجانبين"

** لقاءات دورية وتنسيق

لكن الشريك الخفي في هذا التعاون الصهيوني العربي هو ذلك الذي يعمل من خلف الستار والذي تقوده الزعيمة الأخرى الكبرى للأمة العربية المملكة السعودية التي ذكرت تقارير إعلامية الأسبوع الماضي أنها أعطت الضوء الأخضر لاستخدام أجوائها في حال شنت دولة الاحتلال حربا على إيران.

نعم لا تزور شخصيات إسرائيلية السعودية على الأقل بشكل علني كما يحدث في القاهرة لكن وزير المخابرات المصرية عمر سليمان يقوم بهذا الدور نيابة عن الإسرائيليين فهو من يقوم وحسب مصادر في الشرق الأوسط، بتوصيل الرسائل إلى الرياض حسب الحاجة. رؤساء الاستخبارات فى الرياض والقاهرة وتل أبيب يجتمعون بشكل دوري  في عاصمة عربية.

ومن الواضح إن إيران تحتل مكانا بارزا على جدول أعمال المحادثات بينهم وفى الحقيقة هذه المرة الأولى التي تتم فيها مناقشة الشئون الإقليمية وليس العلاقة الثنائية أو القضايا الفلسطينية.

يبدو أن اسرائيل أصبحت في المنطقة جارا عزيزا نسعى إلى رضاه بدلا من اقتلاعه ويبدو أنها لم تعد عدوا بل أصبحت الجار الحميم الذي يجب أن نكرمه ونساعده ونأخذ بيده هكذا تريد مصر والسعودية لإسرائيل أن تكون ولكن هناك أمور حتمية لا يمكن أن تغيرها الأنظمة المتعاونة وهى أن"اسرائيل إلى زوال".

 

البث المباشر