حذّر تقرير صادر عن شركة "سيتي غروب" المالية العالمية من أن المملكة العربية السعودية ستخسر مكانتها بين أكبر مصدري النفط عالمياً لتتحول إلى مستورد له في العام 2030، في حال استمر استهلاكها المحلي للنفط على هذا المعدّل.
وتستخدم السعودية النفط ومشتقاته لتوليد نصف الطاقة الكهربائية التي تستهلكها البلاد، والتي ينمو الطلب عليها بمعدل 8 في المئة وقت الذروة، فيما يتم استهلاك ربع إنتاج النفط محليا عبر الاستخدامات المختلفة أبرزها للتكييف، وهو أكثر من نصيب الفرد من الدخل في البلدان الصناعية، بما أن هناك دعماً على التكلفة، بحسب ما جاء في التقرير.
وقدّر التقرير أن الحكومة تفقد سنوياً إيرادات قدرها 80 مليار دولار بسبب استعمال النفط لتوليد الطاقة بدلاً من تصديره.
ويضيف تقرير "سيتي غروب" المؤلف من 150 صفحة، إنه خلال الأعوام الـ10 الماضية بلغ معدل الزيادة السنوية لاستهلاك النفط محلياً 6 في المئة وهو ما يمثل ضعف النمو السنوي لعدد السكان.
كما لفت التقرير، المنشور على موقع "سيتي غروب"، إلى أن السعودية تستهلك حالياً جميع إنتاجها من الغاز الطبيعي وهي تخطط لتطوير الطاقة النووية، الأمر الذي ينطوي على مخاطر جراء قلة الخبرات المحلية في هذا المجال، فضلاً عن مخاطر الأمان والسلامة المتعلقة المرتبطة بهذا المشروع.
وقال التقرير "إن السعودية، التي تعتمد على النفط بنسبة 86 في المئة من إيراداتها، سرّعت من برامج اكتشاف الغاز كما أنها تدرس حلول استخدام الطاقة الشمسية وذلك لتوفير النفط لأغراض التصدير".
ويذكر أن السعودية رفضت استيراد النفط، عكس جيرانها الكويت والإمارات، من أجل توليد الطاقة.
وتوقع التقرير أن يستمر النمو في معدل الاستهلاك بوتيرة تفوق النمو السكاني مستقبلا بسبب النسبة العالية لصغار السن في المجتمع وزيادة الإنفاق الاستهلاكي المتوافق مع ارتفاع معدل دخل الفرد.
وتشير الأرقام إلى أن السعودية تنتج حالياً 11,2 مليون برميل سنوياً من النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي، وهي بذلك تعدّ المنتج الأكبر للنفط والسوائل في العالم، فيما تحتل المرتبة الثامنة عالمياً في إنتاج الغاز الطبيعي الجاف بحدود 9,6 مليار قدم مكعب في اليوم، يستعمل جميعه في الاستهلاك المحلي.
وعزا التقرير كذلك زيادة الاستهلاك إلى أن شركة الكهرباء السعودية تدفع أسعاراً تراوح بين 5 و 15 دولاراً للبرميل الواحد من النفط الذي تستعمله في محطاتها، وهو سعر منخفض جداً مقارنة مع سعر برنت العالمي البالغ 116 دولاراً حالياً.
وفي سياق، حذّر مدير مؤسسة المهام الصناعية البريطانية حول الذروة النفطية وأمن الطاقة "جيريمي ليغيت" من خطورة هذا الواقع على أمن الطاقة، وبالتالي الضغط على الاقتصاد العالمي، حسب ما نقلت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية.
في المقابل، قلل خبراء نفط سعوديون من أهمية نتائج تقرير "سيتي غروب" على اعتبار أن السعودية تمتلك احتياطات نفطية هائلة، تمكنها من الاستمرار في تصدير النفط لسنوات طويلة.
وأشار هؤلاء إلى أن التقرير مبالغ فيه إلى حد كبير لوجود تغيرات عدة ستطرأ في سياسة الدول النفطية، كما استبعدوا أن تكون المملكة بلداً مستورداً للنفط خلال السنوات المقبلة، لما لديها من مخزون كاف، إضافة إلى عمليات التكرير والاستثمار في الإنتاج وزيادة الطاقة الاستيعابية للمخزون النفطي المستمر على وتيرة متصاعدة.