فارس: العبرة بتوقف التنسيق الأمني وليس بتوقف المفاوضات
موسى: اللجوء للمفاوضات سيفتح المجال لخيارات كارثية
حبيب: يجب الاصطفاف في خندق المقاومة لاسترجاع الحقوق المسلوبة
الغول: نطرح عملية سياسية بديلة للمجرى التفاوضي
الرسالة.نت- فايز أيوب الشيخ
شهدت الآونة الأخيرة جهوداً أمريكية وعربية مكثفة للمساهمة للدفع باتجاه عودة المفاوضات إلى مسارها من جديد بين سلطة رم الله ودولة الكيان الصهيوني، في وقت بدأ فيه رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس جولة عربية ودولية تستهدف تحريك ملف التسوية السلمية.
وزعم عباس مؤخراً أنه يعترض على المفاوضات كعملية أو على اللقاءات مع قادة الاحتلال من حيث المبدأ بدون وقف الاستيطان.
وقف التنسيق الأمني
غير أن القوى والفصائل الفاعلة في الساحة الفلسطينية اعتبرت أنه طالما أن المفاوضات متوقفة فيجب أن يتوقف تبعاً لها التنسيق الأمني، الذي يستمر على حساب أمن الشعب الفلسطيني ويأتي في سياق خدمة الأمن الصهيوني .
وقال القيادي بحركة فتح قدورة فارس: " ليس العبرة في التوقف عن المفاوضات وإنما بتوقف كافة أشكال التنسيق الأمني "، معتبراً أن تعهدات عباس بعدم الذهاب للمفاوضات مرتبطة بالتزامه بتعهداته.
وأضاف:"نحن نحاكي موقف عباس على أساس ما يقول وما يفعل حالياً، فهو صرح بأنه لا مفاوضات طالما هناك استيطان "، مشيراً أنه لا يوجد أي نوع من الاتصالات أو المفاوضات مع الاحتلال، وتابع :"بالتالي يُفترض التمسك بهذا الموقف، وأظن أن القيادة الفلسطينية ستتمسك بهذا الموقف على الرغم مما يشاع عن انخراط دولي إقليمي من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات" .
ولم يُخف فارس في حديثه لـ"الرسالة.نت"، أن هناك جهات دولية كثيرة تضغط باتجاه العودة لطاولة المفاوضات، معتبراً أن ذلك لا يعني أن منظمة التحرير ستستجيب لتلك الدعوات طالما أن السبب قائم مؤكداً أن أي تدخل دولي لن يغير الموقف ما لم يقود إلى إلزام إسرائيل بوقف الاستيطان.
وعبر فارس عن اعتقاده "أن الاستنتاجات التي توصل إليها عباس سياسياً يفترض أن تتبعها استنتاجات إجرائية، لافتاً أن كل أشكال العلاقة مع الاحتلال جاءت في أعقاب اتفاق سياسي وفي سياق جهد سياسي(..)، وطالما أن هذا الجهد السياسي توقف فأنه يتحتم أن يتوقف معه كل شيء من أشكال العلاقات والتنسيق مع الاحتلال، ما عدا تلك الأمور التي تتعلق بحياة الناس" ، حسب رأيه.
وحول تجاذبات الموقف السياسي لدى حركة فتح ، قال فارس أنه لا توجد مطالبات داخلية أو تيارات داخل الحركة تدعو لإجراء المفاوضات مع الاحتلال ، فنحن نرفض أن يكون هناك تيارات داخلية تعارض هذا الموقف"، مضيفاً: "هناك إجماع شبه كامل أن لا مفاوضات مع الاحتلال في ظل الاستيطان في القدس و أراضي الضفة الغربية".
ولكنه عاد وأكد أن هناك ضغوط دولية، حيث أن بعض الجهات الدولية والعربية ترغب في أن تستمر ما أسماها "المسرحية المقيتة من لقاءات وابتسامات ومصافحات وعناقات في ظل عدم التطبيق على الواقع" ، مضيفاً:"هناك أطراف يروق لها أن تستمر هذه المسرحية والمطلوب من القيادة الفلسطينية أن لا تعبر بالضرورة عن مصالح تلك الجهات ".
محور الاعتدال
أما القيادي في حركة حماس النائب الدكتور يحيى موسى فأشار إلى الضغوط من محور ما يسمى "الاعتدال العربي" للضغط على السلطة لإعادة العملية السياسية الجارية، لافتاً إلى أن هذا الفريق-محور الاعتدال- لا يريد أن يدفع استحقاقات توقف العملية السياسية لتجنب البحث عن بدائل.
وأضاف: "هذا الفريق غير مستعد لقضايا البدائل لأن خياره الأوحد الاستمرار في نهج دفع الفلسطينيين للمفاوضات مع الاحتلال"، لافتاً أنه ليس خافياً كذلك أن هناك مصالح أمريكية حركت هذا المحور العربي من أجل الدفع بالأمور نحو المفاوضات مع "إسرائيل" والضغط على عباس لخوض التجربة من جديد.
وشدد موسى لـ"الرسالة.نت"، أن قضية الدفع بالمفاوضات في منتهى الخطورة على المشروع الوطني الفلسطيني لأن العودة إلى المفاوضات تعني الاستعداد لتسويات تطرحها أمريكا في الساحة، مؤكداً أن هذه التسويات هلامية وغير واضحة تقوم على تبادل أراض وتأجيل بعض القضايا وتحقيق مزيد من التنازلات.
واعتبر أن اللجوء للمفاوضات في الوقت الراهن سيفتح المجال لخيارات كارثية تُعطي الاحتلال المزيد من الوقت لإنهاء قضية تهويد القدس نهائياً وفرض الأمر الواقع وتعطي الكيان الصهيوني وحكومته المجال لتسويق نفسها دولياً بعد ما شاه وجهها بعد تقرير "غولدستون" (..) وما يحسن العلاقات العامة ويعطيها المجال في استمرار الحصار على قطاع غزة ومحاولة حرف الأنظار أن هناك عملية سياسية جارية، معتبراً أن كل الأمور الناتجة عن العملية التفاوضية في السابق واللاحق لم تحقق مصلحة لشعبنا.
وأوضح موسى أن حركته لا تجد أفقا عند الكيان الصهيوني لأي عملية سياسية يمكن أن تلبي الحقوق، ودعا إلى التفكير في برنامج مقاوم يمكن أن يعيد القضية الفلسطينية إلى اعتبارها ويعيد الضغوطات على الاحتلال ويعيد القضية إلى حضنها العربي.
واعتبر موسى أنه لا يمكن أن يحدث هناك اختراقات في الإطار السياسي والحقوق الوطنية ما لم تكن هناك قوة تجلب هذا الحق، مؤكداً أن ما تطرحه حماس ليس طرحاً مستحيلاً وإنما تطرح إيجاد شكل من أشكال المزاوجة ما بين المقاومة وما بين العمل السياسي.
وأشار أن النهج الحالي للسلطة يُغري العدو بالمزيد من الضغوطات والمزيد من التشدد(..)، ولذلك كانت تجربتنا تقول "بدون مقاومة لا يمكن أن تتحقق ثوابتنا الوطنية"، حسب تعبيره.
خيار المقاومة
وتوافق القيادي بحركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب مع ما طرحه موسى، بأن هناك ضغوطات كبيرة من قبل الإدارة الأمريكية والنظام العربي على السلطة لدفعها باتجاه استئناف المفاوضات مع العدو الصهيوني، مؤكداً أن المفاوضات مع الكيان الصهيوني في ظل حكومة نتنياهو الحالية هي مفاوضات عبثية لا فائدة منها.
وأشار إلى أن "إسرائيل" ستستغل المفاوضات من أجل التغطية على عدوانها وجرائمها ومن أجل فرض وقائع احتلالية على الأرض و على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، مطالبا جميع قوى المقاومة بالاصطفاف في خندق المقاومة، وتبنيها كخيار رادع لغطرسة الاحتلال وحكومته الحالية التي لا تعرف غير هذه اللغة، حسب تعبيره.
واعتبر حبيب أنه طالما أن المفاوضات متوقفة "فيجب أن يتوقف التنسيق الأمني لأنه على حساب أمن شعبنا الفلسطيني ويأتي في سياق خدمة الأمن الصهيوني "، مضيفاً:"دائماً كان التنسيق الأمني ضد شعبنا الفلسطيني ، ولذلك نحن نطالب بوقفه ووقف كل أشكال العلاقات والتعاون مع العدو الصهيوني" .
مرجعية موحدة
أما عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كايد الغول، فاعتبر أنه لا يجب العودة إلى المفاوضات بدون التزام"إسرائيل "الصريح بوقف الاستيطان وبدون تحقيق مرجعية المفاوضات باعتبار أنها تكون على مرجعية الانسحاب الإسرائيلي على حدود الـ67 وأن يشمل ذلك القدس .
وأعرب في حديث لـ"الرسالة.نت" عن خشيته من أن مشروع الإدارة الأمريكية الذي تبحثه مع بعض الزعماء العرب سيكون أداة ضغط على الفلسطينيين بالتنازل عن بعض ما اشترطوه من أساس للعودة إلى المفاوضات.
وأكد أنهم في الجبهة الشعبية يرون أن السير في ذات المجرى من المفاوضات "أمر لا طائل من ورائه وانما سيؤدي بنا إلى مزيد من تضييع الوقت وتستغله إسرائيل لتجسيد احتلالها بشكل متسارع سواء بما يخص توسيع الاستيطان أو بعزل القدس نهائياً عن الأراضي الفلسطينية أو باستكمال بناء جدار الفصل العنصري".
ودعا إلى خيار سياسي بديل للمفاوضات، معرباً عن أمله أن تعمل السلطة على الاستفادة من التجربة السابقة وأن تعمل على التشاور والتوافق مع مختلف القوى السياسية حتى يُسند الموقف الذي يجابه الضغوط التي نتوقع أن تزداد خلال الفترة القادمة، حسب رأيه.
واعتبر الغول أن التنسيق الأمني الحاصل حالياً مع الاحتلال جزءاً من آليات العملية التي ابتدأت من أوسلو حتى الآن.
وأشار إلى أن العملية السياسية حتى تنجح لابد من إعادة ترتيب البيت الفلسطيني من خلال إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، لافتاً إلى أهمية السير على إستراتيجية سياسية موحدة والاتفاق على كيفية إدارة التناقض مع الاحتلال وكيفية مواجهة الاحتلال وسياساته بمختلف الوسائل المتاحة.