غزة – الرسالة نت
أوصى خبراء ومختصون في قضايا البيئة والاقتصاد والإعلام بضرورة قيام الجامعات ومراكز البحث العلمي بدورها في إعداد دراسات مستفيضة حول أثار الجدار وتبعاته داعين وسائل الإعلام الفلسطينية إلى المساهمة في تخفيف حدة التوتر المتفاقم بعد إنشاء الجدار والتعامل بمهنية و موضوعية في هذه القضية الحساسة مع تسليط الضوء على ضرورة فتح معبر رفح كبديل للأنفاق التي ستغلق جراء هذا الجدار.
وحذروا من آثار بيئية وإنسانية واقتصادية خطيرة جراء إقامة جمهورية مصر العربية للجدار الفولاذي على الشريط الحدودي مع قطاع غزة .
وأكد الخبراء والمختصون خلال الندوة التي عقدها مركز العمل التنموي "معا" بعنوان: "الجدار الفولاذي بين مصر وقطاع غزة .. الآثار والعواقب البيئية والإنسانية"، أن الجدار سيؤدي إلي تدمير الخزن الجوفي لمياه قطاع غزة .
تهديداً استراتيجياً
وتحدث في بداية الندوة خبير المياه الفلسطيني المهندس نزار الوحيدي، تحدث عن تأثير جدار مصر الفولاذي على مصادر المياه الجوفية والبيئة في قطاع غزة، موضحاً أن الجدار يشكل تهديداً استراتيجياً للمخزون الجوفي لمياه قطاع غزة.
وذكر الوحيدي أن الجدار الفولاذي سيؤدي إلي تدمير الخزان الجوفي في هذه المنطقة بعد تلويثه، وسكون له أثار على الجانب المصري والفلسطيني بيئياً واقتصادياً واجتماعياً من خلال تدمير آبارهم بجميع أنواعها "الشرب، الزراعة، الصناعة"، تدمير الأنفاق الموجودة وقطع الطريق عليها.
وأوضح أن الجدار سيجبر الفلسطينيين على حفر أنفاقهم على أعماق كبيرة الأمر الذي يشكل خطورة كبيرة على حياتهم، وسيؤدي إلي تجويع وتعطيش الفلسطينيين والمصريين في تلك المنطقة.
وحذر الوحيدي من أن الحفريات والمياه المالحة التي ستضخ في باطن الأرض ستؤدي إلى انهيارات في التربة تؤثر على مباني رفح ومنشآتها، مبيناً أن الأنفاق ستنقل المياه المالحة بسرعة كبيرة اكبر من سريانها في التربة باتجاه رفح.
وأشار إلي أن الأعمال المصرية على الحدود يجب أن تتم بتنسيق مع الدول المجاورة، متسائلاً: "أين الاتفاقات الدولية عن الاتفاقات الدولية التي تنظم الأعمال الحدودية، وتنظم العمل على الموارد المشتركة؟!".
ركود اقتصادي
من جانبه، تحدث أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر معين رجب، عن الأضرار الاقتصادية الناشئة عن بناء الجدار الفولاذي على امتداد الحدود المصرية الفلسطينية، قائلاً: "إن توقف العمل بالأنفاق من شأنه أن يحرم الأسواق المحلية من هذه المنتجات التي ترد عبر الأنفاق وخاصة السلع الغذائية ومستلزمات الإنتاج ومواد البناء وتقليص حركة الأسواق المحلية مما سيساهم في ركود حركة الأسواق بشكل كبير.
وذكر رجب أن القطاع سيكون مرشحا لقيام السوق السوداء في كثير من السلع وخاصة السلع الضرورية منها، مع حدوث ارتفاعات باهظة في الأسعار، ومعاناة المواطنين في الأسواق للتزود باحتياجاتهم مع الوقوف في طوابير لانهاية لها.
وأشار إلي أن في حالة توقف الأنفاق تماما عن العمل فإن هناك قرابة 30 ألف عامل سيفقدون أعمالهم من جراء توقف أنشطتهم وسينضمون إلى صفوف البطالة التي تقدر بنحو 35-40% في القطاع، لافتاً إلي أن هناك تقديرات بأن قيمة البضائع التي يتم تداولها بين مصر والقطاع تتراوح بين(2 -3) مليون دولار.
وشدد رجب على أن القطاع سيشهد حدوث تراجع ملموس في النمو الاقتصادي إضافة إلى التراجع في نصيب الفرد من الدخل، مبيناً أن بذل الجهود الحثيثة نحو إنهاء حالة الانقسام الداخلي قد تكون هي المدخل الأساس والمناسب للتعامل مع مختلف قضايانا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتي من شأنها وضع الاقتصاد في مساره الصحيح.
شهادة وفاة
من جهته، قال الدكتور عبد الفتاح عبد ربه أستاذ علوم البيئة في الجامعة الإسلامية،: "إن الجدار الفولاذي الذي سيصل عمقه في باطن الأرض من 20 – 30 مترا سيعيق الانسياب المائي في الخزان الجوفي المشترك بين سيناء وقطاع غزة وبالتالي سيهدد الخزن الجوفي الذي يعاني من مشاكل جمة تكمن في شح مياهه وتلوثه وسوء إدارته".
وأضاف عبد ربه:" إن أعمال الحفر التي تقوم بها مصر لتشييد الجدار الفولاذي قد تساهم في دخول ملوثات عدة إلى الخزان الجوفي نتيجة حدوث خلخلة في التربة وعدم تماسكها ما قد يساهم في تدهور نوعية مياهه وزيادة بؤس حالته البيئية وبالتالي حالة المجتمع الغزي الصحية والبيئية".
وشدد على أن ضخ مصر كميات هائلة من مياه البحر إلى الخزان الجوفي يعني إصدار شهادة وفاة حتمية له حيث ستزداد الملوحة إلى درجات مرتفعة تجعل من استخدام مياه الخزان الجوفي أمرا في غاية الصعوبة، محذراً من أن القطاع سيعش جفاف حقيقي في المستقبل القريب.
وأشار عبد ربه إلي أن قطاع غزة لا يوجد فيه أي أمصادر مائية سطحية غير وادي غزة الذي يعاني من الجفاف والتلوث، لفتاًَ إلي أن القطاع يعاني من عجز مائي من 70-60 مليون متر مكعب.
وذكر أن الجدار الفولاذي سيمنع انتقال الحيوانات البرية الحافرة والزاحفة من سيناء إلى غزة وبالعكس، وسيؤدي إلي تدمير كبير للغطاء النباتي التنوع في المنطقة الأمر الذي سيؤثر سلبا على التنوع الحيواني وأماكن تعشيش الطيور والحيوانات البرية الأخرى.
رؤية اعلامية مهنية
من جانبه، أكد المختص بالشأن الفلسطيني الصحفي سمير حمتو، على أهمية عدم انسياق وسائل الإعلام وراء حملات توتير العلاقات بين الجانبين المصري والفلسطيني، وان تساهم في تقريب وجهات النظر، داعيا إلى تبني رؤية مهنية وموضوعية لتناول تبعات بناء الجدار والتركيز على البعد الإنساني والجغرافي والديمغرافي لهذه القضية الحساسة.
وأشار الاعلامي الفلسطيني إلى أن وسائل الإعلام مطالبة بالتركيز على قضية فتح معبر رفح الحدودي وسائر المعابر التي تربط قطاع غزة بالخارج وضمان انسياب السلع والاحتياجات الأساسية للقطاع مع التشديد على أن الأنفاق ما هي إلا وسيلة لجأ إليها الشعب الفلسطيني من اجل التغلب على الحصار، موضحا ًأنه في حال زوال الحصار ستزول الأنفاق تلقائيا.
وقال الصحفي حمتو: "إن القضية الأهم أمام وسائل الإعلام هي التركيز على ضرورة فتح المعابر وإنهاء الحصار على شعبنا دون اللجوء إلى إتباع سياسة تصعيديه أو توتيرية قد تضر بمصلحة شعبنا" .
وأوصي الصحفي حمتو بضرورة توحيد الخطاب الإعلامي في قضية التعامل مع بناء الجدار باعتباره قضية وطنية، والتركيز على فتح معبر رفح الحدودي كبدبل الأنفاق داعيا في الوقت ذاته جامعة الدول العربية لإيفاد بعثة من الخبراء والمختصين لدراسة تبعات إنشاء الجدار من مختلف النواحي .
انهيار المباني
بدوره أكد المهندس ماجد حمادة مختص في مجال البيئة أن إقامة مصر للجدار الفولاذي على الشريط الحدودي مع قطاع غزة سيؤدي إلي تدمير الغطاء النباتي على جانبي الشريط الحدود بين مصر وغزة بعمق 150 متر من الشريط الحدودي وبالتالي زيادة التلوث.
وأوضح حمادة أن ضح المياه في باطن الأرض وسيران المياه في الأنفاق سيعمل على خلخلة التربة وسيؤدي إلي انهيارات في العديد من المباني والبيوت الموجودة بالقرب من الشريط الحدودي، محذراً من حدوث كارثة في الجانب الفلسطيني جراء هذه الانهيارات.
وذكر حمادة أن المياه المالحة سيؤثر سلباً على الأراضي الزراعية في منطقة المواصي التي تعد السلة الغذائية للقطاع.ش