يصادف اليوم التاسع والعشرين من شهر أكتوبر الذكري السنوية السادسة والخمسين لمجزرة كفر قاسم التي تعد أبشع المجازر الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني.
وقد وقعت المذبحة في قرية كفر قاسم، حيث كانت في ذلك الحين واقعةً على الخط الأخضر -الفعلي- بين (إسرائيل) والأردن.
وبتاريخ 29 أكتوبر عام 1956 قتل حرس الحدود (الإسرائيلي) 48 مدنياً عربياً بينهم نساء و23 طفلاً يتراوح عمرهم بين 8 – 17عاماً.
وفي ذات اليوم أعلنت قيادة الجيش (الإسرائيلي) المرابطة على الحدود الفلسطينية الأردنية نظام حظر التجول في القرى العربية داخل الأراضي المحتلة والمتاخمة للحدود وهي: كفر قاسم.الطيره, كفر برا، جلجولية، الطيبة، قلنسوة، بير السكة وإبثان.
وأوكلت مهمة حظر التجول على وحدة حرس الحدود بقيادة الرائد شموئيل ملينكي على أن يتلقى هذا الأوامر مباشرة من قائد كتيبة الجيش المرابطة على الحدود يسخار شدمي, وأعطيت الاوامر أن يكون منع التجول من الساعة الخامسة مساء حتى السادسة صباحاً.
وطلب شدمي من ملينكي أن يكون تنفيذ منع التجول حازماً لا باعتقال المخالفين وإنما بإطلاق النار, وقال له: "من الأفضل أن يكون قتلى على تعقيدات الاعتقال... ولا أريد عواطف".
ملينكي جمع قواته وأصدر الأوامر الواضحة بتنفيذ منع التجول دون اعتقالات، ووزعت المجموعات على القرى العربية في المثلث واتجهت مجموعة بقيادة الملازم جبريئل دهان إلى قرية كفر قاسم. وزع هذا مجموعته إلى أربع زمر, رابطت إحداها عند المدخل الغربي للبلدة.
وفي الساعة 16:30 من اليوم نفسه استدعى رقيب من حرس الحدود مختار كفر قاسم وديع أحمد صرصور وأبلغه بقرار منع التجول وطلب منه إبلاغ الأهالي.
قال المختار إن 400 شخص يعملون خارج القرية ولم يعودا بعد ولن تكفي نصف ساعة لإبلاغهم. فوعد الرقيب أن يدع العائدين يمرون على مسؤوليته ومسؤولية الحكومة.
وبتمام الخامسة مساء بدأت المذبحة طرف القرية الغربي حيث رابطت وحدة العريف شلوم عوفر فسقط 43 شهيداً، وفي الطرف الشمالي سقط 3 شهداء، وفي داخل القرية سقط شهيدان, أما في القرى الأخرى سقط صبي عمره 11 سنة شهيداً في الطيبة.
وكان من بين الشهداء في كفر قاسم 10 أطفال و 9 نساء, وكان إطلاق النار داخل القرية كثيفا وأصاب تقريباً كل بيت. حاولت الحكومة إخفاء الموضوع لكن الأنباء عن المجزرة بدأت تتسرب فأصدرت الحكومة الإسرائيلية بياناً يفيد بإقامة لجنة تحقيق.
توصلت اللجنة إلى قرار بتحويل قائد وحدة حرس الحدود وعدد من مرؤوسيه إلى المحاكمة العسكرية, واستطاع عضوا الكنيست توفيق طوبي ومئبر فلنر اختراق الحصار المفروض على المنطقة يوم 20/11/1956 ونقلا الأخبار إلى الصحافي أوري أفنيري.
استمرت محاكمة منفذي المجزرة حوالي عامين. في 16/10/1958 صدرت بحقهم الأحكام التالية: حكم على الرائد شوئل ملينكي بالسجن مدة 17 عاماً وعلى جبريئل دهان وشلوم عوفر بالسجن 15 عاماً بتهمة الاشتراك بقتل 43 عربياً، بينما حكم على الجنود الآخرين السجن لمدة 8 سنوات بتهمة قتل 22 عربياً.
لم تبق العقوبات على حالها. قررت محكمة الاستئنافات تخفيفها: ملينكي – 14 عاماً، دهان 10 أعوام، عوفر 9 أعوام, وجاء بعد ذلك قائد الأركان وخفض الأحكام إلى 10 أعوام لملينكي، 8 لعوفر و 4 أعوام لسائر القتلة. ثم جاء دور رئيس الدولة الذي خفض الحكم إلى 5 أعوام لكل من ملينكي وعوفر ودهان.
ثم أمرت لجنة تسريح المسجونين بتخفيض الثلث من مدة كل من المحكومين, وهكذا أطلق سراح آخرهم في مطلع عام 1960.
أما العقيد يسخار شدمي صاحب الأمر الأول في المذبحة فقد قدم للمحاكمة في مطلع 1959 وكانت عقوبته التوبيخ ودفع غرامة مقدارها قرش (اسرائيلي) واحد.
كان ذلك في اليوم الذي بدأت فيه حرب العدوان الثلاثي على مصر, بعدها جرى تعيين أحد الجزارين كمسؤول عن شؤون السكان العرب في يافا بصفته صاحب خبرة في التعامل مع العرب.