الضفة الغربية- الرسالة نت
منذ أكثر من عامين والمساجد تعتبر أماكن مشبوهة في الضفة الغربية المكلومة, لا يمكن اقتراب روادها منها، حيث أضحت بيوت الله موقعا لمندوبي المخابرات، يرصدون كل من يدخلها ومن يواظب على الصلاة فيها.
ولم يقتصر الأمر على روَّاد المساجد، بل امتد الأمر ليصل إلى تقييد الأئمة بخطبة الجمعة التي يتم تعميمها من قبل وزارة الأوقاف اللاشرعية، وتعاقب من يرفض الالتزام بها.
وفي إطار حربها على المساجد فصلت حكومة فياض اللاشرعية منذ بداية الانقسام الداخلي، عددا كبيرا من أئمة المساجد الذين ينتمون لحركة حماس، وعينت أئمة آخرين ينتمون لحركة فتح، حتى أضحى معظم الأئمة وخطباء الجمعة ناطقين رسميين باسم حركة فتح و رئيسها عباس.
الإساءة للقرضاوي
ووصل الأمر في حكومة الظلم بالضفة وبوزارة الأوقاف فيها إلى حد الإساءة لعلماء الأمة كأمثال الشيخ العلَّامة يوسف القرضاوي، حيث تم تعميم خطبة الجمعة الماضية على مساجد الضفة، وهي تتضمن الإساءة لشخص القرضاوي ومكانته في قلوب المسلمين والفلسطينيين بشكل خاص.
ولطبيعة الأئمة الذين تعيِّنهم حكومة فياض وهم فاقدون لأهلية إلقاء الخطبة، التزم عدد كبير منهم بأوامر حكومتهم وهاجموا فضيلة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي الجمعة الماضية، مما شكّل حالة من الصدمة في صفوف المصلين، ودفع العديد منهم في عدة مساجد إلى مقاطعة الخطيب ورفضهم للصلاة خلفه نتيجة لكلامه المسيء للشيخ القرضاوي.
ففي مسجد الصلاحي الكبير في مدينة نابلس، أنزل عدد من المصلين الخطيب عن منبر المسجد بعد تعمده الإساءة للشيخ القرضاوي.
وفي تفاصيل الحادث، أكد شهود عيان كانوا في المسجد، أن خطيب الجمعة الفتحاوي ماجد دويكات تهجم على الشيخ القرضاوي بأسلوب فاضح ودون أي مراعاة لحرمة المسجد أو المنبر الذي يقف عليه، الأمر الذي حدا بالمصلين مقاطعة الخطبة.
الأمر ذاته حدث في مسجد البيرة الكبير، وفي الحرم الإبراهيمي، حيث رفض المصلون ما يقوله الإمام ضد القرضاوي، وانسحب المصلون من المسجد رافضين الصلاة خلف من يطعن في أحد كبار الأئمة في العالم الإسلامي.
أهواء فتحاوية
وعبّر المصلّون في مختلف مدن الضفة عن سخطهم إلى ما آلت إليه مساجدهم، والتي أضحت خطب الجمعة تسيّر فيها حسب أهواء فتحاوية ورغبات الحكومة اللاشرعية.
الشاب "س.ع" من نابلس قال لـ"الرسالة نت" : "خطبة الجمعة في مساجد الضفة أصبحت وكأنها كلمة لحركة فتح في مهرجان لها، لم تعد لخطبة الجمعة في كثير من المساجد أي مغزى أو هدف تربوي أو دعوي، كما أنها بعيدة كل البعد عن واقع الحياة التي نعيشها".
وأضاف:"يؤلمنا حقا أن تصبح خطبة الجمعة مناسبة لتعميق الشرخ الحاصل في مجتمعنا الفلسطيني، الأَولى بهؤلاء الخطباء أن يكونوا محضر خير، وأن يحاولوا رص الصف الفلسطيني لا تفكيكه".
قضايانا مهمشة..
أما الشاب قصي (25 عاما) فقال:"خطبة الجمعة في مساجد الضفة ما هي الّا ترديد شعارات لفئة معينة، فمنذ شهور طويلة لم أسمع خطبة جمعة تناقش أوضاعنا الداخلية، فالأئمة لا يتطرقون إلى قضايا الناس وهمومهم ومشاكلهم، بل لا يتطرقون لكثير من المناسبات الإسلامية والوطنية التي يجب الحديث عنها".
وتابع قصي:"في الذكرى الأولى للحرب على قطاع غزة مثلا؛ كنا ننتظر أن يتطرق الإمام لهذه القضية التي آلمت كل الفلسطينيين وكل الأحرار بالعالم، لكنه كغيره من الأئمة لم يأت للحديث عن الحرب ولم يتكلم عن بطولة المقاومة والشعب في غزة وصموده في الحرب.. لقد كانت خيبة أمل كبيرة في نفوس المصلين حقا".
وأضاف:"هذا ما يريده عباس وزمرته، يريدونا أن ننسى أهلنا بغزة ويفصلونا عن همومهم وآلامهم جراء الحرب والحصار والدمار".
ملاحقات مستمرة
ويؤكد عدد كبير من الشبان في الضفة أن تعلقهم بالمسجد لم يعد كالسابق، فالمسجد أضحى لصلاة الجمعة فقط، حتى أن من كانوا يترددون إلى المسجد في كل صلاة، أصبحوا لا يؤدون سوى صلاة الجمعة، وذلك بسبب تتبع أفراد المخابرات لهم، ومراقبتهم في كل شئون حياتهم، حيث يتم اعتقال العديد ممن يثبت عليهم ترددهم على المساجد، أو قيامهم بأي أنشطة دعوية داخل المسجد.
أحد الشبان قال للـ"الرسالة نت":"عندما نذهب للصلاة بالمسجد ونرى بعض أخوتنا الذين كانت تجمعنا بهم حلقات الذكر والدعوة، نتجنب اللقاء والحديث مع بعضنا، بل نتصرف وأننا لا نعرف بعضنا البعض، وكل ذلك بسبب المراقبة المشددة من مندوبي المخابرات الذين يتربصون للمجاهدين في كل شارع وطريق ومسجد".
هكذا هو حال مساجد الضفة اليوم.. قد لا يصدق من يسمع أن الأمور وصلت إلى هذا الحد، لكن من يعيش على أرض الضفة الغربية هذه الأيام، يرى ما هو أفظع.!