أكد مختصون في الشأن الاسرائيلي أن المقاومة الفلسطينية رسخت قناعة لدى الاحتلال الاسرائيلي بأن معادلة الردع التي حاولت ارسائها بعد "حرب الفرقان" انتهت بشكل كلي، مشيرين إلى أن هذا انجاز استراتيجي للمقاومة.
وأشار المختصون إلى أن دولة الاحتلال سعت خلال الفترة الماضية لتعزيز منطق الردع ضد المقاومة الفلسطينية بأن تكون الاعتداءات قاسية لردعها ومنعها من أعمال المقاومة ضد الأهداف الاسرائيلية على الشريط الحدودي, مؤكدين أن هذه المحاولات بائت بالفشل وأن المقاومة استطاعت تقوية نفسها بشكل أفضل من السابق.
ونشبت جولة جديدة من التصعيد في قطاع غزة خلال الأيام الماضية راح ضحيتها 6 شهداء والعشرات من الاصابات من المدنيين الفلسطينيين, فيما أصيب 10 (إسرائيليين) نتيجة استهداف جيب عسكري وتساقط الصورايخ على المستوطنات المحاذية للقطاع.
انجاز استراتيجي
د. صالح النعامي المختص في الشأن الاسرائيلي أكد أن المقاومة الفلسطينية تمكنت مع تغيير الانطباع السائد لدى الدوائر العسكرية وصناع القرار في تل أبيب بأن اسرائيل راكمت الردع بشكل كبير أمام المقاومة في غزة بعد حرب 2008, مشدداً على أن هذا انجاز استراتيجي للمقاومة.
وأشار النعامي إلى أن التغيير الذي وصل لقناعة قادة دولة الاحتلال بحاجة لأن تتعاطى المقاومة مع الاحتلال بحكمة خلال جولة التصعيد الحالية, مشدداً على أن المقاومة بحاجة للحكمة أكثر من (اسرائيل) "لأنه لا يكفي ان تكون على حق, بل يجب أن تكون حكيماً أيضاً".
وفيما يدل على أن رسالة المقاومة وصلت قال آفي ديختر وزير الجبهة الداخلية في دولة الاحتلال : " إن (اسرائيل) لا يمكنها ان تقبل وجود كيان ارهابي بين اراضيها ومصر حيث تتراكم الاسلحة بهدف وحيد هو الارهاب".
وأضاف "على المدى الطويل، ونظرا لتكرار دوامات العنف، علينا اطلاق عملية استراتيجية لإعادة قوتنا الرادعة في مواجهة المجموعات المسلحة في قطاع غزة".
المنطقة العازلة
من ناحيته؛ أكد المحلل السياسي المتابع للشأن الاسرائيلي حمزة أبو شنب أن المقاومة الفلسطينية استطاعت تغيير معادلة الردع التي كانت تفكر من خلالها دولة الاحتلال تجاه قطاع غزة بشكل واضح.
وقال أبو شنب :" المنطقة العازلة ( 300 متر ) التي فرضها الاحتلال على الشريط الحدودي انقلبت عليه, حيث أصبح يعاني من دخول هذه المنطقة بعد الاستهدافات المتواصلة لقواته من قبل المقاومة".
وأشار إلى أن الواضح أن التغيير الحاصل على حدود غزة يعني أننا أمام جولة من التصعيد ستنتهي سريعاً بنجاح جديد للمقاومة، مشيراً إلى أن المقاومة الفلسطينية تغيرت عما كانت عليه قبل الحرب على غزة وما بعدها بسنوات قليلة.
وكانت المقاومة الفلسطينية شنت عدداً من الهجمات تجاه القوات الاسرائيلية على حدود قطاع غزة أبرزها تفجير ناقلة جد شرق خانيونس، بالإضافة لاستهداف جيب عسكري شرق مدينة غزة ما أدى لإيقاع العديد من الاصابات في صفوف الجيش (الاسرائيلي).
ضغوط (اسرائيلية)
في المقابل؛ عاد النعامي للتأكيد على أن تغيير المقاومة للمعادلة مع الاحتلال بحاجة للحذر, داعياُ اياها لمنح المتغيرات والمعطيات الإقليمية وزنها الحقيقي وغير الزائف، إلى جانب موازين القوى العسكرية.
ونبه النعامي إلى أن حملة انتخابية انطلقت في (إسرائيل)، مشيراً إلى أنها ستدفع صناع القرار الصهاينة لردود عسكرية غير متناسبة حتى لو لم يكونوا مقتنعين بجدواها.
وكان عوزي لانداو وزير البنى التحتية الاسرائيلي قال : "الوضع في غزة أصبح لا يطاق، لا يمكننا إبقاء أكثر من مليون شخص تحت قذائف الهاون والصواريخ, أعتقد أنه على (إسرائيل) الاستعداد لعملية سواء كانت هناك انتخابات أو لم تكن".
وبرر المحلل المختص في الشأن الصهيوني ضرورة الحذر خلال الفترة الحالية بالقول :"هناك ضغوط على نتنياهو، -الذي لا يبدي حماساً لتنفيذ عمل عسكري ضد غزة الآن-، لأن يقدم على هذا العمل وبشكل قوي، وهذه القضية باتت مادة للمزايدات الداخلية في الكيان الصهيوني".
وضمن حالة الضغط التي يتعرض لها نتنياهو بدأت وسائل الاعلام (الاسرائيلية) تشن هجوم عليه؛ فصحيفة "يديعوت احرونوت" علقت صباح الاثنين بأن غزة تهدد مستقبل نتنياهو السياسي، " وهذه ليست إلا جولة ستليها جولات أخرى لتثبت فشله في موضوع الأمن سواء على الصعيد النووي الايراني او ملف المقاومة بغزة".