"سأبقى ذكرى عابرة فقط، سيبكي من يحبني، سيضحك من يكرهني، لكن تأكدوا بأني أحبكم جميعاً، فاذكروني بدعوة صادقة من قلوبكم"، هي نص رسالة بعث بها الشهيد (محمد سعيد شكوكاني) قبل أسبوع من ارتقائه لأصدقائه ومحبيه جميعاً.
يقطن محمد مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، عُرِف عنه دماثة الخلق وعِظَمُ الأدب، ولُقِّب بين أقربائه بـ "الصادق".
ينتمي محمد لسرايا القدس الذراع العسكرية للجهاد الإسلامي، وارتقى شهيداً في قصف إسرائيلي لمنطقة الكرامة شمال مدينة غزة.
تسأله عمَّته وقد وصلتها رسالته: هل تودعنا يا محمد؟، يجيب الأخير: "وإلا فماذا" !
يقول (وديع شكوكاني) عم الشهيد: "لاحظت على محمد في الأسبوع الأخير قبل استشهاده كُثرة زيارته للمقابر، وعندما أبادره بالسؤال: أين كنت؟، يصفعني بإجابته: "أبحث عن مكان في المقبرة" !
(سعيد) والد الشهيد يذكر مناقب فلذة كبده، ويقول: "كان يتميز بحُسن خلقه، قريب من الجميع، لا يُعادي أحداً، كان دوماً ما يسألني: ما معنى الحياة بدون مسامحة؟".
يستحضر سعيد آخر لحظات الشهيد، عندما مازح محمد والده قبل مغادرة البيت والابتسامة ترتسم على مُحياه، قائلاً: "يمكن ما أرجع يا حج، جهِّز حالك للعزاء".
عم الشهيد شارك في دفن ابن أخيه، ويقول إن دمائه بقيت تنزف حتى لحظة وضعه في القبر !
ويشير إلى أن محمد دُفِنَ في قبر جدته كما أوصى بذلك سلفاً، وقد قال يوماً "إن كنت أول من يلحق بجدتي، فسأدفن معها".
في حضرة الشهداء، يصعُب الحديث عنهم بدعوى التفاخر أو تسجيل كرامات وهمية، فرصيد تضحياتهم دليل واضح يغني عن مليون واقعة تُدوَن بحقهم.