أعاد مشهد المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس الحكومة المصرية هشام قنديل بمشاركة رئيس الوزراء اسماعيل هنية في مستشفى الشفاء بغزة ، إلى الأذهان مشهد المؤتمر الصحفي الذي عقدته وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيفي ليفني وبجوارها وزير خارجية النظام المصري السابق أحمد أبو الغيط نهاية عام 2007 الذي أعلنت فيه الحرب على غزة، قبيل ساعات فقط من تنفيذ الضربة الجوية الأولى التي استهدفت المقرات الحكومية وراح ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى.
هكذا يبدو أن الظروف الإقليمية اختلفت فعلاً، فمصر الثورة تقف الآن إلى جانب غزة المقاومة، بينما كانت مصر مبارك تقف في الجهة المقابلة ، ليس في صف السلطة ورئيسها فحسب بل تجاوزت ذلك إلى التحالف مع الاحتلال وإطعام جنوده الذين يقصفون غزة عندما كانت إحدى الشركات المصرية هي التي تزود قوات الاحتلال بالوجبات الساخنة.
لربما يرى البعض أن ما يحصل ليس سوى وقوف رمزي من مصر الثورة ورئيسها محمد مرسي، لكن الخطوات المتخذة حتى اللحظة من سحب السفير المصري من (تل أبيب) وطرد السفير الإسرائيلي من القاهرة ، وزيارة قنديل برفقة وفد كبير ورفيع من الوزراء، لن تكون هي نهاية الخطوات الرسمية المصرية حسب ما يرى ذلك بعض المراقبين.
فلدى القاهرة المزيد من الخيارات السياسية ، التي يمكن أن تتخذها في المرحلة الحالية ، بل ويمكن أن تتدحرج وتتطور شيئاً فشيئاً لتخرج من الإطار السياسي، لا سيما أن المستوى الشعبي المصري يدعم مساندة غزة ومقاومتها إلى أبعد حد، ذلك على الرغم من أن مصر لم تتعاف بعد مما أصابها من مشاكل سياسية واقتصادية بعد ثورة 25 يناير.
على أية حال إذا لم تقدم القاهرة على تقديم دعم خارج الإطار السياسي والإنساني، فإنها ستعمل على تسهيل حركة الإمدادات المارة عبر حدودها إلى القطاع، بل يمكن أن تتغاضى مستوياتها الأمنية والسياسية عن مرور الإمدادات العسكرية التي لا تمر طبعاً عبر قنوات رسمية.
بكل تأكيد فإن الوضع الإقليمي حول غزة وفلسطين عموماً قد تغير لصالح قوى المقاومة، وعلى الأقل لن يهدد وزير خارجية عربي بتكسير أرجل الفلسطينيين إذا عبروا حدود بلده كما فعل أبو الغيط سابقاً.