غزة/لميس الهمص
عادت وتيرة الاعتداءات على الصيادين لترتفع من جديد، فقصف مراكبهم ومنعهم من الصيد وشل حركتهم التي ترقبها الزوارق الإسرائيلية ليل نهار، غمس لقمة عيشهم بالمخاطر والآلام، وتصل في أحيان كثيرة الى الموت.
استهداف مستمر
القوات البحرية الإسرائيلية اعتقلت خلال الأيام الماضية سبعة صيادين واستولت على قواربهم قبالة شواطئ رفح.
وقد فتحت زوارق الاحتلال نيران أسلحتها تجاه ثلاث قوارب صيد فلسطينية كان يستقلها سبعة صيادين، وذلك بمجرد نزولهم للبحر حيث أن الصيادين لم يتجاوزا مسافة (500) متر عن الشاطئ غرب ميناء الصيادين في رفح.
وتقدمت خمسة زوارق مطاطية تابعة لقوات الاحتلال تجاه القوارب الفلسطينية، وبعد أن أطلقت النار وأوقفتهم اعتقلت الصيادين، كما استولت على ثلاثة قوارب كان يستقلها الصيادون.
من جهته قال نزار عيّاش نقيب الصيادين:" إن بحرية الاحتلال زادت من وتيرة استهدافها للصيادين بالقصف اليومي على طول شاطئ قطاع غزة .
وأضاف:"الاعتداءات موجودة من السابق لكنها زادت في الأسبوعين الماضيين وأصبحوا يلاحقون الصيادين في مسافة تقل عن 3 ميل بينما المسموح به حسب الاتفاقات 20 ميلا بحريا" .
وبين عياش أن زوارق الاحتلال تطلق قذائفها ونيرانها بشكل يومي لإرهاب الصيادين بينما تجري عمليات اعتقال وإتلاف قوارب بشكل أسبوعي.
وأوضح أن بحرية الاحتلال تسعى لإخلاء مياه قطاع غزة من أي تواجد للصيادين خاصة مياه شمال وجنوب قطاع غزة .
ونوّه أن زوارق الاحتلال تسعى لخلق منطقة أمنية على حساب المياه الفلسطينية ما يقلص من فرصة الصيادين في كسب قوت يومهم.وتقدر خسائر قطاع الصيد منذ اندلاع انتفاضة الأقصى بأكثر من 17 مليون دولار حسب آخر الإحصاءات.
تهديد أمني
وتتوالى تلك التحذيرات مع ما ذكره موقع المجد المختص بالشئون الأمنية من أن العدو الصهيوني يعمل على إسقاط ضعاف النفوس من الصيادين عبر مسلسل من الترغيب والترهيب يمارسه الشاباك بالتعاون مع البحرية الصهيونية.
وفي مقابلة مع الصياد (ن, ت ) من غزة أكد أنه وأثناء خروجه للصيد مع مجموعة من الصيادين الآخرين وأثناء تواجدهم على ظهر القارب مقابل الواحة شمال غزة تفاجئوا بإطلاق نار كثيف عليهم من زورق مطاطي صهيوني, مما ادى الى إصابة ماكينة القارب وتعطلها عن الحركة.
ويقول: " نادى أفراد من البحرية الصهيونية علينا من داخل "الطراد" الذي اقترب من القارب, وطلبوا منا خلع ملابسنا والنزول إلى البحر في المياه الباردة لمدة نصف ساعة, وبعد ذلك طلبوا منا الصعود عبر سلم أنزلوه من الطراد, ثم عصبوا أعيننا وتحركوا بنا لننزل بعد ذلك إلى ما يسمى بمعسكر البحر وهو قاعدة للجيش والمخابرات الصهيونية".
ويشير الصياد الى أنهم استدعوه لمقابلة ضابط المخابرات الذي حاول أن يجمع أكبر قدر من المعلومات حول الصيادين والرصيف والبحرية الفلسطينية حيث أحضر صوراً جوية حديثة للأماكن المذكورة وأخذ يسأل عن كل صغيرة وكبيرة, ثم انتقل حيث يسكن وسأله عن بعض الأشخاص في المنطقة التي يسكنها وحول نشاطهم.
وانتقل ضابط المخابرات إلى مسلسل الابتزاز من خلال عرض المساعدة بالمال مقابل التعاون معهم ، ويتابع الصياد: " عند رفضي وبعد ساعات من المحاولات طلبت دخول الحمام وبعد فترة سمح لي لأتفاجأ بوجود مجلات إباحية وصور عارية داخل الحمام لأخرج بسرعة.
وهنا يقول أبو عصام الضابط في جهاز الأمن الداخلي إن المخابرات الصهيونية تضع كاميرات مراقبة مخفية لتسجيل المقابلة للتعرف إلى نفسية الصياد والكاميرات كذلك موجودة داخل الحمام لمعرفة مدى استجابة الصياد لهذه الصور الإباحية, وفي حال الاستجابة يتم استكمال المسلسل من خلال تعرضه لمغريات أكبر عبر المجندات ليتم تصويره في أوضاع مشينة ومن ثم ابتزازه.
وينهي الصياد حديثه بأن ضابط المخابرات حاول أن يحصل على أكبر قدر من أرقام الجوالات لكل شخص يذكره أمامه, وفي نهاية المقابلة عصبوا عيني مرة أخرى وصعدت داخل جيب لينقلني إلى معبر بيت حانون "إيرز" ومن ثم إلى غزة.
ردود أفعال
مركز الميزان لحقوق الإنسان رأى في تلك الحادثة تصاعدا لانتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي الموجهة ضد الصيادين الفلسطينيين، والتي تأتي في سياق متصل من القيود التي تفرضها قوات الاحتلال على السكان في قطاع غزة في إطار الحصار الشامل وحرمان السكان من حقهم في العمل وتنتهك جملة حقوقهم الإنسانية.
وطالب الميزان لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالتدخل لحماية الصيادين الفلسطينيين، وجدد دعوته منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في العالم إلى أوسع حملة تضامن مع الصيادين الفلسطينيين والمساهمة في فضح الانتهاكات الجسيمة والمنظمة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحقهم.
وزارة الزراعة الفلسطينية بدورها حذرت من "القرصنة الإسرائيلية" في المياه الفلسطينية، مشيرة إلى ارتفاع معدلات الاعتداءات والملاحقة للصيادين في عرض بحر مدينة غزة .
وحملت وزارة الزراعة في حكومة الاحتلال الإسرائيلي المسئولية عن حياة الصيادين الفلسطينيين، داعية مؤسسات حقوق الإنسان والصليب الأحمر إلى التدخل العاجل للإفراج عن الصيادين ومراكبهم المحتجزة.
وفي الإطار ذاته دعت جبهة العمل النقابي التقدمية المجتمع الدولي إلي التدخل العاجل لوقف ممارسات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة بحق الصيادين الذين يتعرضون بشكل شبة يومي إلي عمليات القرصنة المنظمة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والتي أدت إلي استشهاد وإصابة واعتقال العشرات من الصيادين خلال العام المنصرم.
ويعاني 3500 صياد فلسطيني من اعتداءات مماثلة في بحر غزة إذ منعت خفر السواحل الإسرائيلية منذ صيف العام 2007، الصياديين الفلسطينيين من الإبحار أكثر من ثلاثة أميال بحرية وفي بعض الأحيان تقوم بمهاجمة قواربهم وإطلاق النار عليهم واعتقال بعضهم وتخريب شباكهم.
وبدأ واقع الصيد يتدهور في قطاع غزة عندما اندلعت "انتفاضة الأقصى" في 28 أيلول/ سبتمبر بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرئيل شارون لباحة المسجد الأقصى عندما كان يتزعم حزب الليكود اليميني.
نسبتها الأعلى
أما المكتب الإعلامي لجمعية واعد للأسرى والمحررين ومن خلال رصده لعمليات الاعتقال بحق الصيادين بغزة, لاحظ أن ما نسبته 80% من عمليات الاعتقال تستهدف فئة الصيادين الشباب والذين تتراوح أعمارهم ما بين (18-35) عاما، ويتم اعتقالهم لفترات مختلفة تتراوح ما بين أسبوع وحتى ثلاثة أشهر، وفي بعض الحالات يتم الإفراج عن الصياد بعد 24 ساعة اعتقال، دون الإفراج عن مركب الصيد، وهو مصدر الرزق الوحيد لهذا الصياد.
وأفادت واعد بأن 3600 مركب للصيد يعيلون ما يقارب 50 ألف أسرة، مازالوا يعانون من سياسة الاعتقال المستمر بحقهم ولأتفه الأسباب.
وأكدت على أن الاعتقالات تتم بلا أي ذنب يقترفه الصياد، موضحة بأن ما يقارب 10 صيادين يتم اعتقالهم شهريا ويتعرضون للضرب والتحقيق المهين، ثم يفرج عنهم دون مراكب صيدهم.
وناشدت المؤسسات الدولية بأن ترفع الظلم عن هذه الشريحة المظلومة، مبينة أن نقابة الصيادين نفذت العديد من الفعاليات لكن دون جدوى.