غزة- محمد أبو قمر- الرسالة نت
فشلت الجولات المكوكية للمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جورج ميتشل في رد سلطة عباس "الحردانة" وإعادتها الى طاولة المفاوضات رغم الغزل السياسي بينها وبين قادة الاحتلال الذي ينتظر مبادرة نتنياهو لتقديم شيء يمكن أن يحفظ للسلطة ماء الوجه كي تهرول الى "بيت الطاعة".
ولعل هالة الوعود التي أطلقها أوباما فور دخوله البيت الأبيض باتت تخبو شيئا فشيئا في ظل تخلي الإدارة الأمريكية عن موقفها من استمرار الاستيطان، والإصرار الإسرائيلي على مفاوضات لا تعد كونها شكلية.
فشل الجولة
ولم تفض زيارات ميتشل المتكررة الى المنطقة بأي نتائج تذكر حتى هذه الأيام، حيث لم يتمكن من جمع سلطة عباس وقادة الاحتلال على طاولة المفاوضات في ظل تمسك السلطة بضرورة وقف الاستيطان لعودة المفاوضات، والذي يقابله رفض إسرائيلي.
وظهر ذلك الفشل على وجه ميتشل الذي غادر رام الله نهاية الاسبوع الماضي دون عقد مؤتمر صحفي ، مع إقرار السلطة الفلسطينية بوجود خلاف مع واشنطن بشأن استئناف المفاوضات مع إسرائيل.
وأفصح كبير طاقم المفاوضين في السلطة صائب عريقات عقب لقاء ميتشل بعباس عن ذلك الفشل بالقول "لا توجد وجهات نظر متطابقة بين الفلسطينيين والإدارة الأمريكية".
لكن واشنطن شددت على ضرورة استئناف المفاوضات "إذا أرادت السلطة مساعدة الولايات المتحدة في إقامة دولة فلسطينية".
وألقى عريقات باللوم في الوضع الراهن بشأن التسوية على الحكومة الإسرائيلية بقيادة زعيم الليكود اليميني بنيامين نتنياهو الذي يرفض وقف التوسع في بناء المستوطنات.
وبحسب مراقبين فقد لاقت جولة ميتشل الحالية ذات مصير جولته السابقة التي قام بها في سبتمبر الماضي؛ حيث اعترفت واشنطن وقتها بفشل مبعوثها للسلام في الشرق الأوسط في التوصل إلى أي نتائج تذكر بشأن تجميد الاستيطان ووضع جدول زمني لمفاوضات الوضع النهائي بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وقالت الخارجية الأمريكية في حينه: إن ميتشل "غادر المنطقة دون تحقيق اختراق في عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
وفي هذا السياق يؤكد الدكتور عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح أن جولات ميتشل في المنطقة لم ولن تجن شيئا، وعزا ذلك لغياب أي طرح أمريكي لحل القضية الفلسطينية.
وقال قاسم في حديث "للرسالة" : كل ما تريده أمريكا هو تحويل الشعب الفلسطيني لباحثين عن لقمة عيشهم اليومية فقط" ، مشددا على أن المفاوضات منذ السبعينات تدور حول الشئون اليومية للمواطن وليست مفاوضات بمعناها المتعارف عليه دوليا.
هيمنة أمريكية
حركة حماس تنظر بعين الشك للموقف الأمريكي للمنطقة الذي تراجع عن التزاماته واستجاب للمواقف الصهيونية- كما يقول- القيادي يحيى موسى الذي أكد على أن حركته لم تثق بالماضي بالموقف الأمريكي والآن باتت أكثر ريبة منه .
ورأى موسى أن ما تقوم به أمريكا عملية مخادعة جديدة للشعب الفلسطيني والأمة العربية لأجل مصالح خاصة ، وهي غير معنية بحل القضية الفلسطينية.
وقال في حديث "للرسالة": " أوباما يريد إرضاء اللوبي الصهيوني والمحافظة على الهيمنة الأمريكية بالمنطقة ، كما أنه يخطط لمزيد من الإرهاب كسابقه بوش" .
وأوضح موسى أن المراقب لما يدور بأفغانستان والعراق يكون على قناعة بأن أوباما وجه آخر لبوش، وإدارته لم تستفد من التجارب في المنطقة كما أنها غير معنية بإرضاء العرب لاسيما أن العرب أنفسهم غير آبهين بما يجري لهم، ولا يقابلون المواقف الأمريكية بصرامة.
وشدد موسى على أن سلطة رام الله تتعرض لضغوط ، وطالب جميع الأطراف بالبحث عن المصالحة الفلسطينية لتقوية الموقف الداخلي لمواجهة العدوان.
من جانبه أكد كايد الغول القيادي في الجبهة الشعبية بان جولة ميتشل تأتي لممارسة الضغوط على الجانب الفلسطيني، بعد أن أظهر انحياز الإدارة الأمريكية لمواقف الاحتلال الإسرائيلي وهي بذلك تسير على ذات السياسة الأمريكية التي اتخذتها الإدارات السابقة.
ورجح الغول في تصريح صحفي أن تمارس الضغوط وتتكثف على الجانب الفلسطيني وليس على الإسرائيلي رغم أنه هو الذي يقوم بخرق كل القرارات الدولية بشأن الاحتلال والاستيطان وحقوق الشعب الفلسطيني.
وقال: " علينا أن نتوقع في ضوء اتضاح الموقف الأميركي أن تستغل حكومة "إسرائيل" ذلك بتسارع في الاستيطان مرة أخرى أو بالتحضير لعملية عسكرية ربما تكون في قطاع غزة".
واعترف الرئيس الأمريكي باراك أوباما نهاية الأسبوع الماضي بأن إدارته بالغت في تقدير قدرتها على حث الفلسطينيين والإسرائيليين على استئناف مفاوضات السلام التي وصلت إلى مأزق خطير، مشيرا إلى أن عملية السلام في الشرق الأوسط لم تتحرك إلى الأمام.
وقال أوباما في مقابلة أجرتها معه مجلة "تايم" الأمريكية إن كلا الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي "لا يرغبان في اتخاذ الخطوات الجريئة اللازمة لدفع عملية السلام قدما"، وأنه "لو أدركت الولايات المتحدة ذلك سابقا لما كان عليها رفع مستوى التوقعات عاليا".
وكان الرئيس الأمريكي قد أيد في بداية رئاسته العام الماضي مطالب السلطة بالتجميد الكامل للاستيطان قبل استئناف محادثات السلام المتوقفة منذ ديسمبر 2008 بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، إلا أن أوباما تراجع لاحقا عن موقفه في مواجهة رفض نتنياهو لوقف النشاط الاستيطاني في القدس الشرقية المحتلة.
وفي ظل حالة الجمود التي خيمت على طاولة المفاوضات يبقى التباين في المواقف قائمة على أمل أن تلين أو تتبدل.