قائمة الموقع

بلدة شفا عمرو المحتلة.. حين تُحاكَمُ الضحية

2010-01-25T18:18:00+02:00

القدس المحتلة-الرسالة نت

لا تقتصر محاولات الاحتلال للتنغيص على الفلسطينيين في الضفة المحتلة أو القطاع المحاصر، بل تنغرس أنيابه ناهشةً فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 وممعنةً في ظلمهم.

ورغم ما يعانيه أولئك الفلسطينيون من إجحاف واضح بحقهم من قبل سلطات الاحتلال، إلا أن الأخيرة ما زالت تقتنص الفرص لممارسة التمييز العنصري بين المغتصبين والسكان الفلسطينيين الأصليين، حيث تكاد تكون الخدمات المقدمة إليهم شبه معدومة مقارنة بتلك المقدمة للمغتصبين، بينما يسود الظلم حياتهم وتُسبَغ أيامهم بنظرات الحقد الدفين التي يزرعها من احتل الأرض.

قتل بدم بارد

وتعد بلدة شفا عمرو داخل الأراضي المحتلة عام 1948 واحدة من تلك البقع التي شهدت عنصرية الاحتلال، حيث يستعد لمحاكمة عدد من أبنائها بتهمة قتل مغتصب بعد أن نفذ مجزرة بشعة ما زال تراب البلدة يبكي شهداءها.

ففي الرابع من شهر آب لعام 2005 استقل المغتصب "عيدن نتان زادة" حافلة متوجهة إلى البلدة المحتلة والتي يقطنها الفلسطينيون فقط، وحاول إخفاء سلاحه تحت ثيابه قاصداً البلدة العربية مشحوناً بعنصريته التي تغذيها دولة الاحتلال عبر ممارساتها بحق الفلسطيني أينما حل وارتحل.

وما إن وصلت الحافلة إلى شفا عمرو حتى أشهر المغتصب سلاحه في وجه ركابها، وأطلق النار عليهم متعمداً وأعدم شابين وسيدتين بدم بارد وجرح عدداً آخر دون ذنب ارتكبوه، ثم حاول قتل المزيد من الفلسطينيين وهو يصرخ "الموت للعرب.. اذهبوا إلى الجحيم".

رد طبيعي

ولأن الأرض المحتلة تعلّم أبناءها ألا يسكتوا على إجرام الاحتلال ومستعمريه، اندفع العشرات من أهالي البلدة نحو مسرح المجزرة فور سماعهم لصوت إطلاق النار، ونجحوا في منع المغتصب من قتل المزيد من الأبرياء عبر محاصرته داخل الحافلة.

ولم يتوان شبان شفا عمرو عن ضرب المغتصب المسلّح الذي واصل محاولة إطلاق النار عليهم، وبقي يردد عباراته المتطرفة حتى قُتل على يد أبناء البلدة المفجوعين بشهداء المذبحة، أما شرطة الاحتلال فلم تحرك ساكناً إلى أن سمعت بمحاصرة الشبان للمغتصب، فاندفعت نحو البلدة معززة بالأسلحة والجنود لتنقذ المجرم.

وبعد أن وصلت شرطة الاحتلال إلى البلدة حاولت تفريق أهاليها المتجمعين حول جثث الشهداء وأجساد الجرحى محاولين تقديم العلاج لهم، وكل همّها إخراج جثة المغتصب ومعاملته كالضحية متجاهلة دماء الأبرياء وصرخات الجرحى، ولكن الشبان رفضوا الابتعاد عن المكان إلا بعد إخلاء الشهداء ومساعدة الجرحى.

وتجلّت العنصرية!

ولأن نهج الاحتلال تشكّل منذ قيامه على أساس العدل المقلوب، اتهمت نيابته الظالمة سبعة شبان من شفا عمرو بقتل المجرم زادة، ووجهت لخمسة آخرين تهمة "الإخلال بالنظام وتعطيل عمل الشرطة"، وبدأت سلسلة محاكمات بحقهم بعد أن اعتقلتهم.

واستمرت جلسات المحاكمة تلك عدة سنوات تحت إطار التهمة ذاتها، وكأن دماء الفلسطينيين ماءٌ لا قيمة له، أما دم المغتصب في أروقة قضاء الاحتلال فمقدسةٌ لا علاقة لها بأرواح الأبرياء التي أزهقت دون ذنب.

ويستمر ميزان العدالة المكسور التابع للاحتلال في محاكمة الشبان الاثني عشر حتى اليوم، حيث بدأ في الأسبوع الماضي سلسلة محاكمات مكثفة لهم بعد أن أطلق سراحهم بشروط معينة، وما زالت أروقة محاكم الاحتلال تشهد ظلمه بحقهم.

أما في بلدة شفا عمرو فشكّل الأهالي لجنة شعبية للدفاع عن الشبان الذين أصبحوا أبطالاً في عيون كل من شهد المجزرة أو سمع عنها، وواصلت عملها في توكيل المحامين دفاعاً عنهم وتفعيل قضيتهم داخل البلدة وإطلاق الحملات الشعبية لحشد الدعم لهم.

وتناشد اللجنة في كل مرة أهالي البلدة وفلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 بالتواجد في قاعات المحكمة دعماً للشبان المتهمين، كما تنظم مسيرات دورية تندد بمحاكمتهم وعنصرية الاحتلال بحقهم.

سياسية بحتة

وفي هذا السياق أكد الناطق باسم اللجنة الشعبية للدفاع عن شبان شفا عمرو المتهمين عبد عنبتاوي أن محاكم الاحتلال بحقهم سياسية بجوهرها وتحمل الطابع السياسي بعيداً عن كل الادعاءات التي تتذرع بها سلطات الاحتلال.

واعتبر عنبتاوي في حديث مع "الرسالة" أن هناك رغبة لدى الاحتلال في إدانة المتهمين لاعتبارات سياسية، مشدداً في الوقت ذاته أن اللجنة وأهالي البلدة مستمرون في الدفاع عن الشبان على أكثر من مسار.

وأضاف:" نحن ندافع عن الشبان لأنهم منعوا المجرم من مواصلة مجزرته وارتكابها ودافعوا عن أنفسهم في وجهه وصدوا عن بلدتهم وأبنائها خطراً محققاً".

وتوقع عنبتاوي أن تؤثر الاعتبارات السياسية لدى الاحتلال على القرار القضائي في محاكمة الشبان مما قد يؤدي إلى إدانتهم وفق قرارات الاحتلال الظالمة، لافتاً إلى أن القانون المتبع في دولة الاحتلال وحسب لائحة الاتهام الأولية التي ألصقتها المحكمة بالشبان، قد يقرر الحكم عليهم بما لا يقل عن عشر سنوات.

وفي وجه آخر لعنصرية الاحتلال، قال عنبتاوي إن محكمة الاحتلال حددت سقفاً زمنياً حتى نهاية العام للبت النهائي في القضية وفق جلسات مكثفة.

وتابع:" لأول مرة تضع محكمة الاحتلال سقفاً زمنياً لأي قضية وذلك للاعتبارات السياسية التي تظللها المحكمة على قضية هؤلاء الشبان في ظل المد العنصري والفاشي الشعبي والرسمي في دولة الاحتلال".

 

اخبار ذات صلة