قائمة الموقع

الأسرى يغرقون والسلطة تتباطأ بإجراءاتها

2012-12-20T07:43:20+02:00
(صورة من الأرشيف)
الرسالة نت - شيماء مرزوق

"أسرى حرب" صفة تسعى الجهات الفلسطينية لإلصاقها بالأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال (الإسرائيلي) بعد نيل دولة فلسطين عضوية مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخطوة التي بررتها قيادة السلطة بأنه سيكون لها اهمية بالغة على الشعب الفلسطيني وخاصة الاسرى الذين سيتغير وضعهم في القانون الدولي وسيصبح بإمكان القيادة حمل قضيتهم في المحافل الدولية للإفراج عنهم بموجب القانون الدولي، الا ان وضع الاسرى يبقى مرتبطا بالأفعال التي تقوم بها السلطة على الارض وبدرجة الاهمية التي توليها لهم وليس بالحديث الاعلامي فقط.

ورغم الاجماع الكبير على أن خطوة الدولة تبقى في الاطار الشكلي فقط، الا ان المختصين الحقوقيين يؤكدون بأن جدية الجانب الفلسطيني والخطوات الفعلية التي يتخذها اتجاه قضية الاسرى هي التي تحدد مدى استفادتهم من عضوية الدولة.

الفائدة الوحيدة

ويؤكد المختصون أنه بحسب ميثاق جنيف الثالث من 1949، فإن أسير الحرب هو مقاتل شرعي وقع في أيدي عدوه عاجزا عن القتال أو مستسلما، وهذا يشمل جنديا في جيش دولة معترف بها، أو في جيش لكيان سياسي يدار كدولة ولو كان غير معترف به، كما يشمل الاعضاء في ميليشيا لا تخضع لأي دولة أو كيان سياسي بشرط أن تكون لها قيادة مسؤولة عن أعضائها وأزياء خاصة أو شعار يمكن ملاحظته في ساحة المعركة، ويحمل أعضاؤها أسلحتهم علناً، وتلتزم بالمواثيق الدولية، بالإضافة الى أي مدني أمسك بسلاح للدفاع عن بلده من عدو يتقدم جهته دون أن يكفي له الوقت للتجنيد.

"

الاشقر: الاحتلال لا يبالي بالوضع القانوني للسلطة بعد العضوية

"

وتفرض المعاهدات الدولية أن يلقى أسير الحرب معاملة إنسانية وذلك منذ القبض عليه حتى الإفراج عنه أو عودته إلى وطنه، كما تحظر المعاهدات الدولية تعذيب أسرى الحرب كما أنها تنص على أن يطلب من أسير الحرب اسمه وتاريخ ميلاده وحراسه ورقم الهوية العسكرية.

وفي هذا السياق أكد صلاح موسى مدير دائرة الدراسات بالهيئة المستقلة لحقوق الإنسان برام الله على أن قضية الأسرى بعد نيل فلسطين عضوية مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة يتوقف على الاجراءات التي ستقوم بها السلطة، والتي يجب أن يكون اولها طلب الانضمام لاتفاقيات جنيف الاربعة.

وبين ان كل الجهات الرسمية تتحدث عن اعتبار جميع الاسرى اسرى حرب وهذا غير دقيق وغير مجد لأن كل أسير له وضع يختلف عن الاخر من ناحية قانونية فالأسير الذي اعتقل وهو يلقى الحجارة يختلف عمن نفذ عمليات داخل (إسرائيل) كما ان السياسي يختلف عن العسكري، لافتا إلى أن اسير الحرب له مواصفات معينة ولا يمكن تصنيف جميع الاسرى على هذا النحو.

وقال الخبير الحقوقي " الاتفاقيات لم تعط اسرى الحرب حقوقا هامة كما نعتقد والفائدة الوحيدة التي ستعود عليهم أنه في حال توقيع اتفاقية سلام يجب الافراج عنهم جميعاً، مع تحديد الوظائف التي سيعملون بها وطريقة حياتهم وتعاملهم اليومي".

وتابع " الاشكاليات تتعلق بالبعد السياسي، حيث أن (إسرائيل) تعتبر أسرى حماس والجهاد وكل من اعتقلوا في حرب غزة 2008 مقاتلين غير شرعيين وهذا سيدخلنا في جدل قانوني كبير".

وشدد على أنه أمام السلطة الفلسطينية خطوات هامة يجب ان تتخذها اولها الانضمام لاتفاقيات حقوق الانسان والمؤسسات الدولية التي تعنى بحقوق الطفل والمرأة لأنها تعطي الاسرى حقوقا على خلفية مقاومة الاحتلال، موضحاً انه بحسب الاتفاقيات يمكن اعتبارهم مدنيين معتقلين وهذا أفضل لهم من وضع اسرى الحرب.

وأشار موسى إلى ان أكثر الاسرى استفادة هم من اسروا قبل اتفاق اوسلو أما ما بعد ذلك فسيدخلون في جدلية قانونية، كما أن اي جهد رسمي وشعبي سيعود بالفائدة على وضع الاسرى.

وذكر بأن المعتقلين الاداريين لديهم اليات خاصة في التعامل معهم بحسب القانون الدولي، من ضمنها تقديم شكاوى فردية لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة وأخذ قرار بالإفراج عنهم واجبار (إسرائيل) على دفع تعويضات مالية متراكمة لهم كل بحسب الضرر الذي وقع عليه، بالإضافة الى تقديم شكاوى حول التعذيب واعتقال الاطفال.

وبين موسى أنه لا يوجد لدى الطرف الفلسطيني وعي ودراية كافية بالوضع القانوني وحقوق الاسرى والجميع يتحدث عن تصنيفهم كأسرى حرب، مطالباً بسرعة الانضمام لاتفاقيات جنيف وخاصة الرابعة لاعتبار الاراضي الفلسطينية محتلة، وبالتالي المجتمع الدولي مطالب بتطبيق القانون الدولي على الوضع الفلسطيني، لافتاً أن تقرير غولدستون تطرق الى قضية الاسرى وشدد على ضرورة تطبيق الاتفاقيات عليهم.

وأوضح ان السلطة بدأت بتشكيل اللجان الخاصة بالتحرك على الصعيد الدولي في هذه القضية وهذا كان يجب ان يتم قبل الذهاب للأمم المتحدة وليس الان، معتبراً ان وضع الاسرى بعد اعلان الدولة متوقف على الاجراءات التي ستتخذها الجهات الفلسطينية وسرعتها ووجود نية حقيقية لديها لتفعيل هذا الملف، منوهاً انه بعد اعلان الدولة فإن اتفاقية جنيف ستحدد طبيعية وكيفية انضمام فلسطين لها.

وبين أن كل القرارات التي اتخذتها الامم المتحدة بشأن الاسرى حتى اليوم هي غير ملزمة لـ(إسرائيل)، الا انه بعد انضمام فلسطين لها ولاتفاقيات جنيف ستصبح عضوة فيها وتفرض التنفيذ على الدولة المعتدية ومن خلال الدول الاعضاء يمكن اجبار (إسرائيل) على التقييد بهذه القرارات.

وأشار الى ان المنظومة الدولية تغيرت ويوجد اليات جديدة للتعامل مع (إسرائيل) إذا لم تفرج عن الاسرى منها المطالبة بطردها من المؤسسات الدولية وهو ما سيزيد من عزلتها، قائلاً القضية لها انعكاسات سياسية خطيرة على (إسرائيل) التي قامت على اساس انها الدولة الوحيدة الديمقراطية في المنطقة واذا كسر هذا الادعاء ستصبح دولة وحيدة ومعزولة".

لغة القوة

من ناحيته, أكد مدير مركز اسري فلسطين للدراسات رياض الاشقر على أن سلطات الاحتلال لا تبالي بالوضع القانوني للسلطة الفلسطينية بعد نيلها عضوية الدولة، ولا تتعامل الا بلغة القوة وسياسة الامر الواضع فهي لا تزال تنتهك كافة المواثيق والاتفاقيات التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونصت على ضرورة أن يتمتع كل إنسان بالحرية والأمان ، وتجرم كل من يمس بكرامة الإنسان ويسلبه حقوقه المشروعة كحقه في الحياة الآمنة والتعليم والتعبير عن رأيه بحرية.

وبين أن الاحتلال يمارس ضد الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون والذين يزيد عددهم عن (4600) أسير كافة الأساليب الإجرامية التي تخالف مبادئ حقوق الإنسان، وينتزع منهم حقوقهم الأساسية التي كفلتها المعاهدات الدولية ذات العلاقة.

"

موسى: قضية الأسرى بعد نيل العضوية تحتاج اجراءات من السلطة 

"

وأوضح بان سلطات الاحتلال تضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات والمعاهدات التي تنص على حسن معاملة الأسرى وتوفير ظروف حياتية مناسبة لهم، وتوفير العلاج اللازم للمرضى منهم، وتوفير أماكن احتجاز لهم تليق بالبشر، بما يتناسب مع المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي نصت على حق الإنسان بالتمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في الإعلان، دون أي تمييز، وحمايته من الرق والاستعباد.

واتهم الأشقر دول العالم ومؤسساتها القانونية التي تنادى بحقوق الإنسان، بانها شريكه للاحتلال في جرائمه بحق الأسرى ، لأنها لا تبالي لما يحدث لهم، ولا تحرك ساكناً أمام معاناة الآلاف منهم الذين تنتهك كرامتهم وتنتقص حقوقهم يومياً خلف قضبان السجون.

وتساءل الأشقر عن تطبيق حقوق الإنسان في ظل صمت العالم عن جريمة الاستهتار بحياة الأسيرين المضربين عن الطعام منذ ما يقارب 6 أشهر متتالية، أيمن الشراونه، وسامر العيساوى، حتى شارفت حياتهم على الموت المحقق، ولا أفق حتى الآن في إنهاء معاناتهم علماً بان الاحتلال تكفل لهم بالأمن عند التوقيع على صفقة وفاء الأحرار التي أطلق سراحهم بموجبها.

وكانت وزارة الاسرى في رام الله بينت بأن نيل عضوية مراقب في المؤسسة الدولية سيعود بفائدة كبيرة على وضع الاسرى أهمها أنه سيكون هناك اعتراف واضح من الأسرة الدولية بشرعية النضال الفلسطيني ضد الاحتلال، والتمتع بوضع أسرى الحرب حال وقوعهم في قبضة المحتل، وهذا إبطال للمفاهيم والتشريعات (الإسرائيلية) ومنظومتها القضائية التي تعاطت مع الأسرى كإرهابيين ومجرمين مسلوبي الحقوق.

كما اعتبرت السلطة أن من شأن هذه الخطوة أن تعزز فرص ملاحقة مجرمي الحرب (الإسرائيليين)، من خلال الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، وبالتالي فتح ملفات الانتهاكات التعسفية وجرائم الحرب التي ارتكبت بحق الأسرى منذ بداية الاحتلال، وانتهاكاته المتواصلة للقانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان.

وشددت انه بعد الوضع القانوني الجديد لفلسطين فانه سيفتح المجال أمامها للانضمام إلى النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، وهذا يتيح لها إمكانية طلب إصدار فتاوي قانونية، وفتح معارك قانونية دولية مع دولة الاحتلال حول موضوع الأسرى والمعتقلين، إضافة إلى إتاحة المجال لرفع دعاوى قانونية أمام المحاكم الداخلية للدول التي قبلت بفتح ولايتها القضائية أمام هذه القضايا، بالإضافة بتعزيز حالة حقوق الإنسان الاسير من خلال الانضمام إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والى الاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وخاصة المعاهدات التعاقدية منها.

وأضافت بأنه يمكنها فتح المجال أمام انضمام فلسطين إلى اتفاقيات جنيف الأربع المعتمدة منذ عام 1949 والبرتوكولات الملحقة بها ، وتدويل قضية الأسرى بالضغط على المجتمع الدولي لعقد مؤتمر للدول الأطراف باتفاقيات جنيف لبحث قضية الأسرى وحقوقهم، وطبيعة الالتزامات القانونية الناشئة على عاتق المحتل (الإسرائيلي) بشأنهم كأسرى دولة محتلة، ودور الدول الأطراف بمواجهة الانتهاكات والخروقات (الإسرائيلية) لحقوق المعتقلين.

اخبار ذات صلة