قائمة الموقع

أبو هيثم.. فقد بصره فخسر أهله وعمله !

2012-12-20T18:34:40+02:00
العجوز أبو هيثم
الرسالة نت- محمد أبو زايدة

"امتلأ الرأس شيباً، ولم يرزقني ربي ولداً يعيلني وزوجتي في هذا الكبر العتي"، إنها ليست قصة سيدنا زكريا عليه السلام، بل هو حال الكفيف أبو هيثم الذي فَقَدَ بصره فخسر أهله وعمله.

بعصاه البيضاء التي هي بمنزلة دليل سياحي لـ "مشاوير" أبو هيثم، بدء صعود الثمانين درجة برفقة مراسل "الرسالة نت" وصولا إلى مكان أقل ما يسمى بـ "المسكن".

في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، يسكن أبو هيثم (60 عاماً) الذي يعاني –منذ الصّغر- ضعفاً في النظر، مع زوجته، تتلاطمهم ألسنة المحيطين بهم، حاملةً أسهمها الجارحة.

عقوداً من الزمن، عانى أبو هيثم خلالها من ضعف نظره الذي بدأ بعينه اليسرى، وما لبث حتى سيطرت "الاعاقة اللعينة" على عينه اليمنى ليأخذ بذلك بصر الرجل الهزيل.

وكان أبو هيثم قبل أن يصبح كفيفا، عامل نظافة في بلدية غزة، إلا أن رسالةً وصلته بعد عجزه مفادها " لا عمل عندنا للمكفوفين"، فجلس برفقة زوجته مكسور الجناح.

ويمسح العجوز وجهه براحة يديه، ويكأنه يخفي ألمه، قائلا:" أنا أخ لأربعة شباب، لم يُسمعني أحدهم كلمة طيبة، ولا أجد سوى العراقيل تمتد أمامي مستضعفين حالتي، وأستمد قوتي من خالقي".

وعلى الرغم من أن أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة، يتلمسون الشفقة في عيون الآخرين، إلا أن أبو هيثم حُرِمَ من هذه النظرة أيضا.

"هذه لك افعل بها ما تشاء واتركنا لوحدنا فنحن لنا أولاد"، الحديث هنا عن "شبه شقة سكنية" كانت من نصيب أبو هيثم، تركها اخوته بعد طلبهم "عديم الشعور" بأن "اتركنا وشأننا".

عمله في "البطالة" وفر له بعض المال الذي تسهل عليه بناء جدران، وشراء ألواح من "الأسبست" ليصبح منزله هيكلاً عظمياً محجبا بألواح مشققة تفضح أكتر ما تستر، إلا أنه أُرغم؛ ليجنب نفسه زخات المطر التي تتسرب سنويا إلى فراشه أثناء النوم.

ويلفت نظر الزائر إلى البيت بساطة حياة العجوزين، اللذان يزينان منزلهما ببعض "البراويز" –حصلوا عليها من مناسبات مختلفة - حتى يداريان الرطوبة المتغلغلة في الجدران، واضعين عليها لمسة البسطاء.

وفي ذات السياق من مسلسل العائلة يتوسط مطبخهم "حبلا" لنشر الملابس "الغسيل"، فلا هو معروف بمنشر، ولا مكاناً لغسل الصحون، "والحمام يدلف بالماء وتتساقط جدرانه على داخليه".

ويعيش الكفيف وزوجته التي نخر بها المرض، على مساعدات الجمعيات الخيرية، وأصحاب الضمائر الحية, و"أولاد الحلال" الذين عدّتهم أملها الوحيد في الحياة، وفق تعبيرها.

وفي مشهد آخر تأسى له النفس، باع أبو هيثم بعض المساعدات ليعالج زوجته قدر المستطاع، واشترى "بخاخة لمرض الربو" لتساعدها على التخلص بضعة أيام من أزمتها.

"ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"، تلك الآية مثّلت حال أم هيثم التي تعاني أمراضاً مزمنة، فعلى الرغم من مرضها إلا أنها تتمنى "إن توفر المال لإجراء عملية لزوجها أهم من حياتها".

ويتطلب علاج أبو هيثم زراعة قرنية لعينه، التي تكلفه ما لا يملكه من الأموال، وأوصاه الأطباء بسرعة الذهاب إلى الخارج لإجراء العملية.

لم يكن يتطلع أبو هيثم لمنزل مفروش من كل جانب، ولا سقفا صلبا يحميه من حر الشمس وصقيع الشتاء، بل يحلم بالتخلص من الهم الذي صاحبه نصف قرن، قائلاً:" أنا إنسـان.. فهل من وجود للإنسانية.؟!"

اخبار ذات صلة