لا مطبات هوائية في طريق طائرة اليمين "الإسرائيلي" ما يجعل الإقلاع أكثر متعة والهبوط هادئ بطبعه!.
تدغدغ نشوة الفوز المرتقب في الانتخابات البرلمانية في "إسرائيل" قلب اليمين واليمين المتطرف.
ما هي إلا أيام ويحلو لنتنياهو وحلفاؤه متابعة فرز الأصوات واضحة المعالم في منافسة خصوم أقل شكيمة.
ويحق لقرابة خمسة ملايين و100 ألف ناخب الاقتراع في الانتخابات البرلمانية القادمة.
وبدأت أمس الدعاية الانتخابية للأحزاب المتصارعة على مقاعد الكنيست ضمن الانتخابات البرلمانية المقرر إجراءها في 22 الشهر الجاري.
الخارطة الحزبية الآن على رأسها نتنياهو عن "الليكود" وليبرمان عن حزب "إسرائيل بيتنا" ويحموفيتش عن حزب "العمل" وليفني عن "الحركة" ولبيد عن حزب "هناك مستقبل".
وكان ثلاثة من أحزاب الوسط واليسار في (إسرائيل) قد أخفقوا أمس الأول بالتوصل إلى اتفاق لتشكيل جبهة موحدة في مواجهة نتنياهو الأوفر حظا في استطلاعات الرأي بالانتخابات البرلمانية.
اليمين أوفر حظاً
يقفز على تصريحات رجال اليمين ذلك الغموض الأنيق وهم يغمزون لأنصارهم بالفوز المحتوم معلنين تفوقهم بأنصاف التصريحات اليومية.
ويرى المختص في الشئون "الإسرائيلية" د. سعيد زيداني أن اليمين واليمين المتطرف هو الأوفر حظاً متوقعاً أن يحصد الليكود ويمينه على أكثر من 65 مقعدا في الكنيست ما يؤهله لتشكيل الحكومة.
أما الباحث في الشئون "الإسرائيلية" محمد مصلح فيؤكد أن النتائج كانت شبه محسومة لصالح نتنياهو واليمين لكن الحالة الآن تشهد صراعات بين كتلة اليمين واليسار.
ويضيف: "حسب متابعتي لآخر الاستطلاعات فإن اليمين سيحصل على 58% من الأصوات والمركز واليسار على 52% لكن الآن دخل عنصر جديد وهو حزب البيت اليهودي وقد يقفز ليصبح في المرتبة الثانية قبل حزب بيتنا".
ويوضح أن حزب "البيت اليهودي" يعيب على نتنياهو أنه كان طوال الفترة الماضية متساهلاً في مسألة الاستيطان والتعامل مع الفلسطينيين في الحرب وتضرر قوة الردع وقد يحصد 15 معقد .
وحسب آخر الاستطلاعات سيحصل حزب "الليكود وإسرائيل بيتنا" اللذان يتزعمهما نتنياهو وليبرمان على 35 مقعد بينما سيحصلون برفقة شاس والأحزاب الدينية المتطرفة على المقاعد الخمسة والستين.
أما حزب "العمل" فسيحصل على 17 مقعدًا، أي بانخفاض مقعد واحد عن الاستطلاع السابق، وسيحصل "البيت اليهودي" على 14 مقعدًا، مقابل 13 مقعدًا حصل عليه في استطلاع سابق للقناة العاشرة.
ووفقًا للاستطلاع فإن حزب "كاديما" سيحصل على مقعدين، فيما لن يحصل حزب "شعب واحد" (الحاخام حاييم امسالم) على أي مقعد، وسيحصل "شاس" على 12 مقعدًا، وحزب "يائير لبيد" على 11 مقعدًا.
أما حزب "الحركة" برئاسة "لفني" سيحصل على 7 مقاعد ، و حزب "ميرتس" على 5 مقاعد، و"التجمع الوطني الديمقراطي" سيحصل على 4 مقاعد، وحزب "الموحدة – العربية للتغيير" على 4 مقاعد، و "الجبهة" ستحصل على 3 مقاعد فقط .
الوسط لا يعيش
الشباب والقوة والصمود هو من نصيب اليمين واليمين المتطرف وهم يعزفون نغمة الاستعداد للخطر القادم من كل الجهات فيما لم يعثر الوسط واليسار على مقطوعة منافسة في الحفل.
ويرى المحلل مصلح أن أحزاب الوسط لا تعمر كثيراً في "إسرائيل" فهي تتحرك لدورتين أو ثلاثة ثم تذوب في "إسرائيل" وآخر مثال له كان حزب "كاديما" الآخذ في التلاشي.
ويضيف: "الوسط غالباً مرتبط بكاريزما قائد معين مثل ما حدث مع ارئيل شارون حيث ارتبط بشخصه وفكره ولما غاب شارون ضعف حزبه".
وحاولت الأحزاب الثلاثة الممثلة بالوسط والمركز مواجهة الليكود و"إسرائيل" بيتنا لكنهم فشلوا لإشكالات شخصية.
وكانت "تسيفي ليفني" قد انسحبت من حزب "كاديما" لما وصفه المراقبون بالحسابات الشخصية التي تطغى من سنوات على حسابات معظم الساسة "الإسرائيليين".
عن ذلك يضيف المحلل مصلح: "دعوتها قبل أيام لاجتماع وتكتل اليسار والمركز لمواجهة الليكود و"إسرائيل بيتنا" فشل لأنه كان على أساس عدم الثقة بالقيادة ممثلا بنتنياهو وباراك وليبرمان" .
ويعتبر نتنياهو من بقية قيادة "إسرائيل" التاريخية في ظل غياب منافسين كبار ومتوقع له 30% من الأصوات تليه ليفني 7% ثم يأتي الآخرون بنسب لا تتجاوز 5-6% .
وتطمح ليفني في التحالف مع حزب العمل وحزب لبيد بعد وجود خلاف أصيل وقديم مع موفاز ممثل حزب كاديما .
أما المحلل زيداني فيقول إن الوسط واليسار حاول التنسيق بين عدة أحزاب للتأثير على الأصوات الحائرة .
ويضيف: "باءت محاولة ليفني الأخيرة بالفشل لاستغلال تلك الأحزاب مما منح اليمين واليمين المتطرف نشوة الفوز المسبق ".
برنامج نتنياهو وليفني
لا ينسجم صفاء البحيرة مع عنف الأمواج وهذا ينطبق على ميل المجتمع لليمين وهو يخاف الموج أمام نزوحه عن الوسط واليسار الحالم بالمدينة الفاضلة المطوّقة بالأعداء.
ويقول المحلل مصلح إن "ليفني" تركز في دعايتها الانتخابية على مسالة المفاوضات مع الفلسطينيين وقد جاء ذلك في خطاب رسمي وجهته مؤخرا للولايات المتحدة.
كما تحمل دعايتها الانتخابية خطر سقوط "إسرائيل" في خندق اليمين متذرعة بخشيتها من عزلة "إسرائيل" عن المجتمع الدولي.
أما نتنياهو فإن دعايته الانتخابية حزب متابعة المحلل "مصلح" تركز على أهمية الاعتراف بدولتين لشعبين بشرط نزع سلاح دولة فلسطين ودعوة أمريكا لحفظ أمن "إسرائيل" للأبد .
كما تحمل دعاية نتنياهو التأكيد على وحدة القدس كعاصمة أبدية لـ"إسرائيل" وتواصل الاستيطان وبرز حديثاً التمسك بمنطقة الأغوار وربطها بالقدس.
بقي وراء كل ذلك مزاج وتوجهات المجتمع "الإسرائيلي" الذي يرى فيه المحلل مصلح ميلاً لليمين لان الناس متخوفة من تقدم الإخوان المسلمين عربياً ووضع مصر والخطر الخارجي.
أما المحلل زيداني فيؤكد أن توجه المجتمع "الإسرائيلي" يميل نحو المواضيع الاقتصادية والاجتماعية التي عانى منها المجتمع مؤخراً .
ويشير أن المجتمع ينحرف بشكل أبو بآخر نحو اليمين واليمين المتطرف الغالب على الخارطة السياسية.
ويضيف: "الميل نحو اليمين لأن اليمين يركز على تعظيم مشاعر الناس من الخطر الخارجي وهذا يلقى قبول لدى الناس بينما الوسط تراجع وخير مثال كاديما الآخذ في التراجع ممثلا بموفاز ما يترك فرصة غير قوية لليسار".
ويؤثر غياب القادة التاريخيون لدولة "إسرائيل" على المشهد السياسي الآخذ في التغير سنة بعد سنة الأمر الذي صعد بالبعض وهبط بالآخر بل وأذاب آخرين.