قائمة الموقع

" استخراج الحصى" مصدر دخل لعائلات تواجه شظف العيش

2010-01-28T19:30:00+02:00
استخراج الحصى مهنة جديدة بغزة

خانيونس – الرسالة نت

يتراءى للمارة من أمام مبنى قوات التدخل وحفظ النظام إلى  الغرب من محافظة خانيونس أن سوقا قد أقيم على الأراضي المحررة هناك,  وما إن تقترب حتى تنجلي الصورة أكثر, رجال ونساء وأطفال يتجمعون في حلقات يستخرجون الحصى من باطن الأرض بآلات خفيفة ويجمعونه في أكياس ثم يعرضونه للبيع أمام تجار الباطون في نفس المكان.

بدنا نعيش

جمع الحصى أصبح مصدر دخل لكثير من العائلات التي تواجه شظف العيش .. الزوج والزوجة والأبناء يتحلقون, ويوزعون أعباء العمل, فالشباب يقومون بالحفر لاستخراج الحصى والنساء يعملن على غربلته من الرمل , أما الزوج فيوكل له بيعه للتجار.

الحاجة الستينية صبحة أبو موسى أم لأسرة تتكون من خمسة عشر فردا  , زوجها يعاني من إعاقة تمنعه من العمل , فلجأت إلى سوق الحصى مع أربعة من أبنائها, لتعمل في استخراج وجمع الحصى من باطن الأرض.

تبدأ رحلة شقاء الحاجة صبحة من ساعات الصباح الأولى وتمتد إلى ساعات المساء  , فتصطحب معها طعامها وشاربها  حتى تجمع أكبر كم من الحصى وتبيعه بدراهم معدودة تعينها على سد حاجة أسرتها في ظل الظروف المعيشية الصعبة , وفي ردها على كيفية العمل في ظل البرد قالت بكلماتها البسيطة وهي تقلب الأرض بأداة صغيرة تحملها في يدها: " شو بدنا نعمل بدنا نعيش , مش احنا محاصرين".

وبينما تواصل الحاجة صبحة حديثها وإذا بسيارة نقل تقف مقابل المكان الذي تعمل فيه , فسارع إليها عدد من الأطفال الذي يمتهنون هذا المهنة وأخذوا يسألون ركابها إن كانوا يودون شراء الحصى , ويتسابقون فيما بينهم أيهم يظفر بالزبون لشراء بضاعته التي جمعها منذ الصباح.

أما الحاجة حربة البالغة من العمر 65 عاما والتي حفر الزمن أخاديد على وجهها , فتقلب الأرض وحولها عدد من أحفادها الأطفال الذين يساعدونها في مهنة جمع الحصى فينتهي يومها بجمع عربتين في أحسن الظروف لتبيع الواحدة منها بـ 15 شيكلا  , ولكن في يومها هذا لم تجمع إلا عربة واحدة , وأثناء حديثها "للرسالة" قاطعتها حفيدتها الصغرى وأبلغتها بأنه لابد من جمع عربتين , فردت عليها جدتها بأن الشمس قاربت على الغروب وما عاد بمقدورها جمع عربة أخرى من الحصى.

الحاجة حربة استخدمت في البحث عن الحصى أداة صغيرة يطلق عليه " مسطرين " يتناسب وقدرتها فيما يستخدم الشباب من حولها الفؤوس , وغيرها من الأدوات.

المساحة التي يستخرج منها المواطنون الحصى لا تتعدى كيلو متر مربع واحد , فيحاول بعضهم الاستحواذ على أكبر مساحة يتحرك فيها هو ومن اصطحبهم معه ليعود عليه بعائد أكبر من الربح .

ليس المستفيد الوحيد في هذه المنطقة من يستخرج الحصى فحسب , بل أصبحت محط أنظار أصحاب وسائل النقل البسيطة , فالمواطنون وأصحاب مصانع الباطون الذين وفدوا إلى السوق  لشراء الحصى يلجأون إلى استئجار وسائل النقل التي انتشرت في السوق منها "الكروسة" وعربات تجرها الدواب وأخرى الخيول وسيارات نقل بأحجامها المختلفة لنقل بضاعتهم.

ستر البيت

الشاب إبراهيم سليم - 19 عاما - من النصيرات جلس على أكوام كبيرة من الحصى اشتراها لمصنع باطون يعمل به وقال :" لو في فرص عمل للوالد كان ما خرجت من المدرسة , بس قلة الشغل بتخليك تتعب وتجري عشان تستر بيتك ".

ثلاثة أيام بلياليهن قضاها الشاب سليم في العراء وهو يحرس أكوام الحصى التي اشتراها لمصنع الباطون, وهو ينتظر الشاحنة التي ستنقل أكوام الحصى , وفي رده عن سبب تأخر الشاحنات ذكر سليم: " لسوء حظي أن الشاحنة احتجزت لدى الشرطة لأنها لا تحمل أوراقا ".

يعيل 26 فردا

وعلى جوار سليم اليمين كان يجلس الشاب ياسر يونس الثوابتة - 20 عاما - من البريج جاء لنفس الغرض الذي جاء له الشاب سليم فهما يحرسان أكوام الحصى منذ ثلاثة أيام  , لكن ظروف الثوابتة الإنسانية أقسى من زميله , فوالده الذي توفي قبل أعوام في حادث سيارة متزوج من امرأتين أنجب منهن 26 فردا ياسر أكبرهم  , مما اضطره إلى ترك المدرسة والبحث عن عمل ليعيل الأسرة.

وفيما يتعلق بعمله في جمع الحصى قال الثاوبتة:" أنه يتقاضى 30 شيكلا أجر عمله في اليوم والليلة".

" بدنا نعيش " أطلقها الثوايتة بتحد صاحبها تنهيدة عميقة وأخذ يلتفت حوله وإذا بطفلين يحاولان رفع كيس من الحصى على ظهر أحدهما لنقله إلى عربتهما , لتجتمع كلمات الثوابتة مع صورة تكدر العيش الذي حتم على أطفال في سن الزهور للبحث وامتهان أية مهنة دون النظر إلى صعوبتها .

ورغم قضاء الثوابتة لمعظم أوقاته في العمل إلا أنه يتابع الأحداث الجارية على الساحة المحلية وكذلك العربية , حيث وجه مناشدة عبر الرسالة للقمة العربية التي ستعقد في ليبيا لفتح المعابر وانتهاء أزمة القطاع.

لم تعد قسوة الحياة التي يعيشها الفلسطينيون في ظل ظروف الحصار الذي يفرضه العدو الصهيوني على بلادهم شيئا غريبا بل غدت ملازمة لهم في كل شئونهم , كأنها جزء من حياتهم , فتراكمت الأزمات عليهم , لكن إرادتهم القوية وإيمانهم بعدالة قضيتهم شكّلا مانعا في مواجهة التحديات .

 

اخبار ذات صلة