كل شيء في مخيم "الفتوّة" المنعقد بمدرسة "رودلف فلتر" في دير البلح يمضي على ما يرام وحسب الخطة المتفق عليها .
الطلاب والمدربون يعملون كخلية نحل منفذين البرامج العملية والنظرية من السابعة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً .
في باحة المدرسة يبدو عشرات الطلاب منشغلين في مجموعات بينما تعلو هاماتهم أعلام فلسطين وشعارات الانضباط المنتصبة تحت مكبر الصوت الرئيس للمخيم .
وكانت وزارة التربية والتعليم قد أقرت مخيمات "الفتوة" لإكساب طلاب المرحلة الثانوية مهارات ميدانية وعسكرية تزيد من قدراتهم البدنية والذهنية .
دافعية الطلاب لمعرفة المزيد من العلم النظري والعملي تزيدهم شغفاً للالتزام ومحبة المدربين لمنحهم المزيد تثري المخيمات بالمفيد الفعّال .
جيل مسئول
في دائرة الأنشطة بوزارة التربية والتعليم في قطاع غزة يتابعون ما يجري في أكثر من 36 مركز لحظة بلحظة.
يقول محمد صيام مدير عام الأنشطة بالوزارة إن وزارة التربية والتعليم خصصت 36 مركز لمخيمات "الفتوة" التحق بها 9000 طالب من المرحلة الثانوية .
ويضيف: "هدفنا تخريج جيل قادر على تحمل المسئولية وحمل هموم الوطن والدين ومواجهة تحديات الاحتلال" .
ويعتبر صيام مخيمات "الفتوة" ختام الأنشطة لعام 2012 التي أقرتها الوزارة وقد جاءت بنجاح تلمسوه من خلال تواصلهم مع أولياء الأمور والطلاب.
وتسعى وزارة التربية والتعليم لتطوير التجربة لتشمل المراحل الدراسية الأخرى وكذلك الطالبات.
دعوة للالتزام
تعلو صيحات المدربين في باحة المدرسة يتلوها صوت مزلزل من الطلاب المشاركين "معنويات عالية ونار تقدح في الميدان" وهم يؤدون حركات المشاة العسكرية .
في أقل من دقيقة يتجمعون في صفوف وفي ثوان معدودة ينفرط عقدهم تحت تعليمات المدربين العسكريين.
يبدأ اليوم بالانتظام في طابور الصباح والاستماع للقرآن والإذاعة ثم يتفرقون للياقة البدنية وبقية البرامج العملية والنظرية .
يقول "أبو أحمد" احد المدربين إن المخيم يعمل بواقع 6 أيام بالتنسيق مع وزارة الداخلية والأمن الوطني ويركز على اللياقة البدنية والمحاضرات التثقيفية .
يتخذ المدرب جانباً ليستظل بشجرة ويتابع: "نعلمهم محاضرات عن الاختراق وأساليب العدو في التجنيد والرماية وحركات المشاة وتركيب السلام والإسعافات الأولية والتعامل مع الكسور والجروح والغازات والمتفجرات" .
ويركز مخيم "الفتوة" في دير البلح كبقية المخيمات على الجانب الديني عبر إلقاء المواعظ وصلاة الضحى وصلاة الجماعة .
ويؤكد "أبو أحمد" أن المخيم مقسم إلى فصائل في كل فصيل 40 طالب ولهم مدرب ومشرف ممتدحاً تفاعل الطلاب وشغفهم في متابعة المدربين .
الانضباط
لم يكد مدير المخيم ينادي معلناً بإمكانية الانصراف استعداداً لأداء صلاة الظهر جماعة حتى تفرق الطلاب فرادى ومجموعات.
يقول الطالب محمد أبو سمك ويدرس في الصف العاشر إن مخيم الفتوة علمه القوة والمهارات اللازمة لتحرير الوطن .
ويضيف: "تعلمت التدريب على السلاح والحركات العسكرية والانضباط وأعرف أسماء قطع السلاح وأشعر بأني تعلمت شيء مهم خاصةً مع مدربين كفاءاتهم عالية علمونا الانضباط" .
بجوار محمد جلس الطالب محمد أبو قاسم القرفصاء مؤكداً أن الجدول اليومي يستمر من 7-1 مساءً لكنه على طوله يحمل الكثير من الفائدة التي طوّرت قدراته الشخصية.
ويضيف: "الأنشطة قوية والوطن بحاجة لرجال أشداء ونحن نتقبل الجهد وأنصح كل شاب أن يتعلم ما تعلمناه لان معنوياته سترتفع" .
ويبدي محمد 16 سنة إعجاباً كبيراً بمهارات الدفاع عن النفس وتركيب السلاح ومعرفة خطط العدو للإيقاع بالشبان وعلم التعامل مع المتفجرات وأساليب الاتصال وخطورتها.
في الجوار يبدو الطالب محمد بشير في الصف العاشر هادئ بطبعه كما يقول زملاؤه قبل أن يتحدث عن علوم القتال ومهارة الالتحاق والانصراف من الطابور العسكري.
ويؤكد أن استفاد كثيراً من فن التعامل مع الألغام وتركيب السلاح والمحاضرات الأمنية بينما شكل الجزء العملي في إطفاء الحريق شيئاً مهماً في حياته-كما يقول .
ويضيف: "الشباب الفلسطيني بحاجة لهذا العلم العملي والنظري فهناك كثير من الأشياء مثل التعامل مع الحريق والسلاح لم نسمع بها أو نجربها من قبل".
ومن المرجح أن تكرر وزارة التربية والتعليم تجربة مخيمات "الفتوة" لتطال شريحة طلابية أكبر من كلا الجنسين قريباً.