من الطائفة الدينية السامرية

"صدقة" ..أسير يهودي قَهَر "اسرائيل"

 الأسير اليهودي السامري
الأسير اليهودي السامري

الرسالة نت – محمود هنية

لم تكن تدري أن آخر قبلة طبعت على خدها ستبقى لوعة تصارع خلجات وجدانها، تشاركها حسرتها ومرارتها على فتاها المدلل الذي قطع عهداً على نفسه تحرير أرضه فلسطين وإن كلف ذلك حريته.

والدة الأسير اليهودي السامري "نادر صدقة" من مدينة نابلس بالضفة المحتلة، خلال جلسة "فضفضة" لـ "الرسالة نت"، تروي قصة شاب جسّد حكاية شعب "سامري" تجذرت معاني وحدته ولحمته قبل ميلاد التاريخ.

الأسير نادر في سجون الاحتلال (الاسرائيلي) يعدّ من الطائفة السومرية، يقطنون على قمة جبل جرزيم، أحد الأركان التي تقوم عليها مدينة نابلس، ولا يتجاوز عددهم 500 شخص.

والطائفة السامرية إحدى الطوائف الدينية اليهودية، لكن الاختلاف بينهما يتمثل بكونها تعتقد أن نابلس المكان المقدس، وليست القدس كما يعتقد اليهود الآخرين، ويملكون أقدم نسخة في التوراة عمرها 3646 سنة عبرية.

ونستعرض نبذة سريعة على لسان أم نادر عن ولدها، حيث أن الولد المدلل درس مرحلته الابتدائية في مدرسة ابن الهيثم بنابلس، وأتم دراسة الثانوية في مدرسة الملك طلال الثانوية، وحصل على شهادة بكالوريوس في تخصص علم الآثار من جامعة النجاح.

تأخذ أم نادر فاصلاً قصيراً -على الرغم من أن حديثه لم يبدأ بعد- لتتنهد قليلاً وتتابع كلامها بنوع من المفاخرة: "أقسم لك بأنه لن تنجب بطني رجولة ونخوة وعطاءً وحناناً، كولدي المدلل نادر".

وتضيف: "كان شهماً سرعان ما ينتفض لمساعدة أي محتاج مكلوم، وإن تكلّم استمع اليه الرجال لرصانة عقله، وهو ما دفعه ليلتحق بصفوف المقاومة، وأهّله ليكون قيادياً بارزاً".

وتتابع أم نادر مدح والدها فتقول: "كان نادر من أبرز النشطاء في صفوف الحركة الطلابية خلال دراسته المناهضة للاحتلال، وأول المشاركين في فعاليات رفض الاحتلال الاسرائيلي".

وتسترجع المواقف الأخيرة في حياة البطل نادر قبل الاعتقال، فتقول: "قبل عملية ما يسمى بـ "السور الواقي"، أصبح قليل التردد إلى البيت، وكان يقول لي يا أمي ابنك علم اليهود دروساً قاسية".

وتستكمل أم نادر: "قبل أن يخرج من البيت قبّلني وذهب مسرعاً، واخبرني أنه لن يعود إلا بهزيمة جنود الاحتلال، وبعدها بيومين بدأوا بالسؤال عنه، ولم نسمع عنه خبراً إلى بعد اعتقاله".

"تباً لهم لقد أقاموا عرساً حين اعتقلوه عليه وفرحوا فرحاً شديدا"، تقول أم نادر.

وتؤكد أن ولدها يتعرض لأبشع أنواع التنكيل والتعذيب، قائلة: "اعتقال شاب يهودي ينتمي للطائفة السومرية يمثل مفاجئة كبيرة لإسرائيل، فأرادت أن تجعل منه عبرة للآخرين".

وتقول أم نادر أن ولدها كان كثيراً ما يردد على لسانه -في سبيل اعانتها عن المحنة-"إرادتهم ليست أقوى من صمودنا وصبرنا".

"اليهودي" المقاوم

سامر أبو سيز الأسير المحرر في صفقة "وفاء الاحرار" –صديق نادر- يتحدث عن مشواره المقاوم، فيقول: "التحق نادر في صفوف كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، كان قائد عمليات عسكرية ضد الاحتلال أوقعت قتلى وجرحى".

ويتابع أبو سيز: "عندما اشتدت الهجمة على المقاومة في الضفة، تصدر البطل سامر مشهد القيادة لما تمتع فيه من حسن إدارة وقوة حكمة، فكانت مقولته نحن جبل النار ومن يعتدي علينا نشعل فيه ناراً".

وتميز الأسير نادر بعلاقات رائعة مع كل الفصائل وقوى المقاومة الفلسطينية، بشهادة أبو سيز، وكان دوماً يردد "الاحتلال يهاجمنا كشعب وعلينا أن نقاومه متوحدين كما يهجم العدو بشكل موحد".

ويشير أبو سيز إلى ان اعتقال نادر كان في السابع عشر من آب/أغسطس عام 2004، بعد اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في جبل النار، وحكم بعدها 6 مؤبدات و38 عاماً في سجن "جلبوع"، قضى منها 11 سنة.

البث المباشر