قائد الطوفان قائد الطوفان

"أم حسن" أعطت الأمان لشمعة فأحرقت "أشرف"

صورة من الحادثة
صورة من الحادثة

الرسالة نت – أحمد طلبة

"أنا هيني رايحة وإنتي لما تدوبي وتقربي تخلصي بتطفي، ديري بالك تحرقي الدار، بديش أوصيكي ع الولاد".. هذا مختصر حديث وهمي دار بين "أم حسن" وشمعة لعينة تركتها قبل مغادرة منزلها.

صباح الاثنين أفاق أهالي حي الصبرة وسط مدينة غزة على وقع فاجعة ألمت بالمواطن (شادي كالي) "أبو حسن" الذي فقد طفله بشمعة "قصيرة القامة" أخذت الأمان من الأم الحنونة.

حين دخولنا المنزل.. لم نر أمام أعيننا سوى غرفة توشحت بالسواد حزناً على فراق أشرف ابن الربيع الثالث، رسمت على جدرانها حكاية بحروف محترقة، سببتها "شمعة لعينة"، كانت من المفترض أن تضيء فجر أُم احتضنت ابنائها من برد الشتاء.

ثلاثة أفراد، أبٌ واثنان من ابنائه، وغرفة ذات أمتار أربعة، وبقايا سرير خشبي متفحم، وتلفاز بات خرِباً كان وسيلة تسليةٍ بأناشيد "طيور الجنّة" لأطفال الأعوام الخمسة، تلك شخوص القصة ومشاهدها.

عند السادسة صباحاً، استيقظت أم حسن على وقع جوع أطفالها، وهو ما كان بمنزلة منبه لأبنائها من أجل الذهاب مدراسهم، قبل استلام "مؤن الشهر" لاحضار المعونة الشهرية وهي "المعيل الوحيل".

تجهز الأطفال، وغادرت الام المنزل المكون من غرفة واحدة، تمسك بيمين يداها رنين وحنين، وفي يسراها الابن البكر حسن، وفي ذهنا أفكار اختلطت بين "الشمعة الملعونة"، و"الكبونة المغيثة".

ذهبت الأم وتركت زوجها وابنيها الصغيرين، تحت رحمة شمعة لم تخَل للحظة أن تكون سبباً في حرق جسد أشرف الناعم، واصابة والده بجروح خطرة دخل على إثرها المستشفى.

"مش ضايلها كتير.. عدها دابت وراح تطفي لحالها"، بتلك العبارة استطاع مكر الشمعة أن يغلب عاطفة الأم وقلبها، فخرجت مطمئنة مُسلّمة بإيفاء الشمعة بالوعد الذي قطعته على نفسها.

عادت أم حسن.. لكن بين ذهابها وعودتها قصة يروي تفاصيلها شقيق زوجها، بعد أن ربطت الحسرة لسان الأم، وبدموع سريعة نزلت من مقلتيها لم تستطع الحديث.

العم المصدوم محمود كان شاهداً على القصة بحكم أنه البطل الأول في رحلة إنقاذ أخيه وأولاده، وتحدث لـ "الرسالة نت" دون أن يلقي بالاً لما يقول، إذا إنه كان –ولا يزال- تحت تأثير الحادثة المؤلمة.

صرخات متقطعة ونداء استغاثة غير مكتمل .. هو ما دفع محمود العمّ للإسراع نحو مصدر الصوت، فعلى الرغم من رداءته إلا أنه استطاع تحديده. صعد إلى أعلى حيث غرفة العائلة ومسرح وقوع الحادثة.

حمل العم روحه على كفه ودخل بين ألسنة النار التي كانت بدورها قد أنجزت مهمتها في القضاء على الطفل أشرف، فسُحب الدخان السوداء حالت دون وصوله لأداء معروفه.

لم يستطع العم محمود الذي استعان بباقي أفراد عائلته ولفيف من جيرانه، الوصول لإنقاذ أخيه وأولاده، لكنه رغماً عنه استطاع انقاد محمد؛ لأنه أصبح على بعد سنتيمرات قليلة من مدخل الغرفة المتفحمة.

في اللحظات القصيرة، وبينما ألسنة اللهب تأكل "الأخضر واليابس" داخل الغرفة، استطاع الأب الذي سيطرت عليه "حلاوة الروح" انقاذ طفله الصغير، على الرغم من عدم احساسه بما يدور حوله بسبب شدة اختناقه، فتمكن أن يأخذ به إلى بر الأمان.

وحاول الأب -يرقد في المستشفى الآن- إعادة الكرّة مرة أخرى، أملاً في إنقاذ الابن الثاني، لكن الشمعة "اللعينة" كانت قد نالت من أشرف، واستلذت في احراق جسده.

وبحسب الراوي، فقد استطاعت طواقم الدفاع المدني والاسعاف –بعد اخماد الحريق- اخراج أشرف ووالده، وجرى نقل الاثنين إلى مستشفى دار الشفاء بالمدينة، في حين لا يزال الأب المصاب بحروق من الدرجة الرابعة، يرقد هناك.

البث المباشر