تقاطعت في الأيام القليلة الماضية المؤشرات التي تعزز احتمالات أن توجه إسرائيل ضربة عسكرية إلى لبنان. فبعد أن نفذت المقاتلات الإسرائيلية غارة أو أكثر على منطقة في ضواحي دمشق جاء توجيه بلغاريا الاتهام لحزب الله بتنفيذ تفجير حافلة في مطار بورغاس معطوفاً على الأنباء التي تحدثت عن نشر الجيش الإسرائيلي لبطاريات إضافية من منظومة القبة الحديدة في المناطق المحاذية للحدود مع لبنان وسوريا.
وتبرز هذه المؤشرات الثلاثة إتجاهاً متنامياً لدى (إسرائيل) لزيادة المبررات التي تتيح لها تنفيذ عملية عسكرية ضد حزب الله من جهة وضد الدولة اللبنانية من الجهة الأخرى، حسب ما صرّح مسؤولون إسرائيليون، ولفتوا إلى أن الداخل الاسرائيلي مشغول حالياً بتشكيل الحكومة الجديدة وترتيب الأجندة التي ستنفذها مذكّرين بأن إيران وحزب الله سيكونان على رأس الأولويات.
كما يجدر التوقف هنا عند الطلعات المكثّفة التي ينفذها الطيران الحربي الاسرائيلي في سماء لبنان مؤخراً وتنفيذه غارات وهمية فوق مناطق الجنوب كافة وصولاً إلى البقاع، وسط أنباء لم تتبناها أي جهة لبنانية عن أن الطيران الاسرائيلي دمّر مؤخراً منظومة تنصت أقامها حزب الله على قرب الحدود مع (إسرائيل).
تهديد الدولة اللبنانية
الجهات الأمنية الإسرائيلية هددت الدولة اللبنانية بدفع ثمن باهظ في حال وقعت مواجهات بين لبنان وإسرائيل مشددة على أن الجيش الاسرائيلي مستعد لاي سيناريو محتمل. ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن هذه المصادر قولها "إن حزب الله الذي يخدم المصلحة الإيرانية، يحاول جرّ (إسرائيل) إلى مواجهة كهذه بغية صرف الأنظار العالمية عما يجري في سوريا من مذابح على يد نظام بشار الأسد حليف طهران".
ورأت هذه المصادر أن الحزب سيستخدم السكان المدنيين دروعاً بشرية لعناصره، خلال اي مواجهة، ونقلت الإذاعة عنها قولها "لا يمكن لمنظمة حزب الله أن تخفي محاولاتها للتسلح ونقل وسائل قتالية إلى الأراضي اللبنانية عن العيون الإسرائيلية التي تتابع خطوات هذه المنظمة وراعيها الإيراني عن كثب".
خرق التوازن العسكري
ويأتي تقرير الإذاعة الاسرائيلية في وقت كرر مسؤولون إسرائيليون تهديداتهم بأن أي محاولة من جانب حزب الله لنقل أسلحة "غير تقليدية" من سوريا تعتبر خرقاً للتوازن العسكري، وتشكل خطاً أحمر لا يمكن لإسرائيل أن تمر عليه مرور الكرام.
"بورغاس" عامل إضافي
بموازاة ذلك، أضيف عامل اتهام بلغاريا لحزب الله بتنفيذ تفجير حافلة في مطار بورغاس في 18 تموز (يوليو) الماضي، كعامل إضافي يعزز مخاوف اللبنانيين من احتمال شن عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق على غرار حرب تموز 2006 أو أعنف منها.
ويذكّر محللون بأن تاريخ تنفيذ التفجير في بورغاس يأتي في نفس تاريخ تنفيذ الهجوم على المركز اليهودي في بيونس آيريس عام 1994، الذي اتهمت فيه إيران وحزب الله مباشرة وثبت في وقت لاحق تورطهما فيه، ما يعزز المخاوف من أن يكون اتهام حزب الله هذه المرة حقيقياً أيضاً.
استعدادات دفاعية
في هذا المجال، قال العميد المتقاعد، نزار عبد القادر، في حديث لـ"إيلاف" أن ما تقوم به إسرائيل مؤخراً من إجراءات يأتي في سياق استعاداتها الدفاعية لأي طارئ أو أي تطور مفاجئ في ضوء الضربة الأخيرة التي وجهتها إلى أهداف داخل الأراضي السورية.
وقال "العملية التي نفذتها إسرائيل داخل الأراضي السورية لم تكن لتحصل في ربع ساعة إنما استغرقت وقتاً طويلاً للتخطيط والتنفيذ وبالتالي فإن إسرائيل من خلال نشر بطاريات صواريخ من منظومة القبة الحديدة على الحدود مع لبنان ومع سوريا تترقب ما يمكن أن يكون في الفترة المقبلة".
وتابع "عندما بدأت إسرائيل في تعزيز قدراتها الدفاعية كانت الخطة تقضي بنشر هذه المنظومة على الحدود مع غزة ومع لبنان لذلك يمكننا القول بأن نشرها الآن يتماشى من ناحية مع المخطط الدفاعي ومع التطورات القائمة من جهة ثانية".
لكن محللين إسرائيليين قالوا للإذاعة الاسرائيلية أن نشر هذه البطاريات يهدف إلى اعتراض أي صواريخ يمكن أن تطلق من لبنان أو من سوريا أو من المنطقة الحدودية المشتركة بين البلدين مع إسرائيل، لافتين إلى أن اعتراض هذه الصواريخ يجب أن يتم في المجال الجوي اللبناني.
وأضاف مسؤولون أن كون الهدف الذي تعرض للهجوم هو قافلة أسلحة إستراتيجية كانت في طريقها إلى حزب الله، يجعل الكثير من اللبنانيين يخشون من امتداد الأزمة الامنية في سوريا إلى لبنان ووقوع تصعيد قد يؤدي بدوره إلى نشوب مواجهة عسكرية أخرى.
الفرنسية