بعد جملة العثرات التي شهدتها المصالحة عقب اجتماع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، وإرجاع بعض المراقبين أسباب فشله للضغوط الأمريكية والأوروبية على السلطة؛ بهدف تجميد المصالحة، الأمر الذي بات يطرح استفسارات حول مستقبل المصالحة في ظل الضغوطات الخارجية.
زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما المرتقبة للمنطقة في مارس/آذار المقبل، قد تكون إحدى العثرات التي تحاول الإدارة الأمريكية وضعها أمام تحقيق الوحدة الفلسطينية، بعد سنوات من ظلام الانقسام وآثاره.
استئناف المفاوضات
ويرى محللون سياسيون أن المبادرة التي سيقدمها أوباما خلال زيارته المرتقبة للمنطقة ستطرح استئناف المفاوضات بين (إسرائيل) والسلطة، مرجعين سبب تجميد الأخيرة لاجتماعات المصالحة إلى الضغوط الخارجية الممارسة عليها.
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف يقول لـ "الرسالة نت"، إن " رئيس السلطة محمود عباس يحاول تقديم المفاوضات مع (اسرائيل)، على خيار المصالحة مع حماس".
ولم تُفلح محاولات الأطراف الفلسطينية في تحقيق الوحدة الوطنية على مدار ست سنوات من الانقسام رغم تدخل عدة أطراف عربية وإسلامية عدة لرأب الصدع.
ويدلّل الصواف على حديثه بمحاولة عباس استهلاك الوقت حتى تنتهي العملية الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة خلال الفترة المقبلة.
وتتمثل العملية السياسية الأمريكية المرتقبة في زيارة وزير الخارجية الأمريكي الجديد جون كيري، خلال الأسبوعين المقبلين والرئيس الأميركي باراك أوباما ولقائه رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة محمود عباس.
بينما يختلف المحلل السياسي طلال عوكل مع سابقه بقوله "لا اعتقد أن زيارة أوباما للمنطقة السبب الرئيس في تجميد حوارات المصالحة في القاهرة، إلا إذا كان بعضهم يبحث عن ذرائع في إحالة سبب تجميد المصالحة لزيارة الرئيس الأمريكي المرتقبة" .
ويرجع عوكل سبب تعطيل ملفات المصالحة دوافع فلسطينية داخلية؛ لأن العوامل الخارجية باتت أقل تأثيراً على المصالحة، معتبراً أن حسابات إنجاح الوحدة الوطنية باتت فلسطينية فقط، على حد اعتباره.
غمار المصالحة
ويعود الصوّاف ليؤكد وجود نية لدى رئيس السلطة أبو مازن، في تشكيل الحكومة المقبلة؛ لتكون في صالح ما يسعى إليه، معتقداً أنه لا يُريد خوض غمار المصالحة بجدية.
ويضيف الكاتب والمحلل الفلسطيني "المشكلة في العقلية التي تسيطر على أبو مازن الذي يرى في المصالحة، أنها لا تحقق أهدافه ومشروعه السياسي المعتمد على المفاوضات".
ويلفت الصواف إلى أن عباس سيخوض المفاوضات مع (اسرائيل) مجدداً، إذا وجد ما يشجعه على العودة لطاولتها، وهو ما سيأخذ المصالحة إلى أجل غير مسمى، وفق تحليله.
وتابع "العنصر الضعيف في حال العودة للمفاوضات وتجميد المصالحة هي السلطة؛ لأنها تشكو الفقر والأزمة المالية منذ عدة شهور".
وتُعوّل السلطة كثيراً على زيارة أوباما للمنطقة، في ظل الحديث عن إمكانية إحيائه عملية المفاوضات المتعثرة، لكن الصواف يرى في زيارة الأخير إنقاذاً لـ(إسرائيل) من انهيار صورتها أمام الرأي العام الدولي دون أن يُقدم شيئاً للسلطة على صعيد المفاوضات.
أمر مستحيل
في حين يعتقد عوكل بأن المبادرة السياسية الأمريكية تتطلب وجود مصالحة تضمن مشاركة حماس والكل الفلسطيني، في إطار موحد حتى لا تتعطل بسبب معارضة فلسطينية قوية.
ويستبعد أن تسد المفاوضات بدلاً عن خيار المصالحة، مستدركاً "هذا أمر مستحيل فالمفاوضات لا تُشكل بديلاً عن المصالحة، ولا يمكن نجاح المفاوضات دون وحدة وطنية".
وبين انتظار السلطة زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة على أحر من الجمر، يبقى خيار المصالحة مؤجلاً إلى أن تتضح الصورة أمام أبو مازن عقب انتهاء زيارة أوباما.