قائد الطوفان قائد الطوفان

آلام "مطيع" تحرمه من العمل وتغمره في دوامة الفقر

معاناة
معاناة

الرسالة نت - محمد أبو قمر

تجمع الأطفال حول والدهم وهو يعبر عن خشيته من انهيار سقف المطبخ والحمام بعدما تساقطت قطع من الباطون وتكشفت الأسياخ الحديدية داخل منزله الصغير.

نظرات الأطفال الحفاة حلقت في زوايا المنزل وكأنها تدفع الزائرين للنظر الى حياتهم اليومية البسيطة التي بالكاد يستطيع والدهم توفير قوتهم اليومي "من باب الله" كما يقول.

بين أزقة حي الفالوجا شمال غزة يقطن الأربعيني مطيع الشرافي مع زوجته ""وأبنائه السبعة، حيث تراجع وضعهم الاقتصادي بعدما فقد عمله داخل الاراضي المحتلة عام 48 دون أن يتمكن من إيجاد البديل بسبب المرض الذي سيطر عليه.

يعاني الشرافي من تسعة غضاريف تمتد من رقبته لأسفل الظهر حالت دون مقدرته على العمل سوى بعض الأعمال البسيطة التي لا تحتاج لجهد ، وقال " يا ريت يتوفر إلي شغل أعمل شاي وقهوة "

وبنبرات حزينة خيمت على صوته قال: "والله خايف أعمل عملية بعدها ما أقدر أطعمي الأولاد".

ويعاني اثنان من أطفال الشرافي من أمراض أحدهما لديه سرعة كهرباء مما أثر على استيعابه المدرسي ، وآخر لا زال يعاني من إصابة أدت لتجمع نقطة دم في الرأس حدت من عمل ذاكرته واستيعابه. 

في المطبخ الصغير الذي بالكاد يتسع لشخصين ، وبانت التشققات والسواد على جدرانه ، بدا خاليا من الأواني ومستلزماته.

وتعتمد أسرة الشرافي على المساعدات التي تقدمها وكالة الغوث كل ثلاثة أشهر كمصدر دخل وحيد، في حين ترفض الشئون الاجتماعية مساعدته بناء على استفادته من الأونروا.

ويحصل الشرافي على بعض الخضروات من أقاربه ، "ومن باب الله "وكما يقول لكن " اللحوم والدجاج ، ما في منه".

تغرغرت الدموع في عيني مطيع الشرافي وهو يتحدث عن همه الأكبر بصعوبة توفير مستلزمات أبنائه المدرسية ، ويقول " أبنائي يعتمدون على الكتب التي توفرها المدرسة ، ومن الصعب أوفر القرطاسية والكراسات الخارجية".

يقطع أحد أبناء الشرافي حديث والده وهو يقول " أبوي بيعطيني خمسة عالمدرسة " يعني "نصف شيقل" .

ويشير الشرافي لابنه الأكبر ستة عشر عاما الذي يرتدي ملابسه المدرسية وارتفع ""صوته بالقول " مين بيرضا يروح ابنه على المدرسة بهذه الملابس"، موضحا أن ذلك يؤثر سلبا على حالة أبنائهم النفسية،عند النظر الى زملائهم في المدرسة.

في ساعات الليل يضطر الأخوة والأخوات للنوم في غرفة واحدة نظرا لصغر المنزل، فيما بدت شوالات الدقيق التي حصلت عليها الأسرة في إحدى زوايا الغرفة بجانب دولاب قديم يحوي ملابس الأطفال.

واضطرت الأم لنشر الغسيل داخل المنزل على حبال امتدت على طول المنزل الضيق ، فيما اتجهت يد الشرافي صوب تشققات ضخمة في جدران المنزل وهو يتحدث بحسرة " كل يوم أراقب التشققات، وأخشى أن تنهار على الأولاد، وربنا يستر".  

ينتظر الشرافي مولوده الجديد بعد بضعة أيام، رغم أن ضيق الحال لم يمكنه من الحجز لولادة زوجته القيصرية.

ورغم الألم يبقى الأمل لدى مطيع الشرافي بمن يساعده في توفير عمل بسيط يتمكن من سد احتياجات أبنائه الصغار. 

 

البث المباشر