صورة جميلة رسمها قلب حنون على محيا فلسطين مفجرا ثورة الغضب النابعة من عطف أمٍ، وكم أرق هذا السلاح غير التقليدي محتلا كان يسعى لقتل روحٍ مقاوِمة، فكانت الخنساء مضحية بأغلى ما تملك في سبيل الله والوطن.
حكاية الخنساء لا تضاهيها أية حكاية أخرى؛ فمن التي تجرؤ على تسليح فلذة كبدها ومعاهدته ألا يعود إلا شهيدا لها؟، من تستطيع أن تغادر فطرة غرسها الخالق في نفسها وتقدم حق الله وفلسطين على حقها؟، من التي تعشق تراب الوطن أكثر من عشقها لسكون عائلتها؟.
فقد عظيم
وتتوالى كلمات الرثاء في الضفة لسيدة ملأت فلسطين بعطر الشهادة، ولكن الجمل مهما طالت لن توفيها حقها ولن تعدل ميزانا كم أثقلته بفعالها.
وتقول سميرة الحلايقة النائب عن كتلة حماس البرلمانية في مدينة الخليل، لـ"الرسالة نت" إنه بوفاة أم نضال فقدت الأمة الإسلامية واحدا من أعمدة التضحيات العظام والجسام، فتلك المرأة تمثل الفكرة الإسلامية قولا وعملا وتمثل فكرة الجهاد قولا وعملا وأضاءت بصمودها وثباتها وصبرها طريق السالكين إلى القدس والعابرين إلى الله.
وتضيف:" هذه السيدة لم ألتقيها وجها لوجه ولكن تشرفت بالحديث معها للاطمئنان على صحتها أو التواصل في قضايا محددة وكنت أخجل أمام صوتها الذي يربطك بالله عز وجل وبالشريعة الغراء والقضية الفلسطينية ويصغر المتحدث أمامها، فلو قبلت يدها أو رأسها لنلت شرفا عظيما وأسأل الله أن يعوضنا فيها خيرا".
وتؤكد الحلايقة بأن الحديث عن أم نضال لا يضعف النفس بل يقويها، وأنها حين كانت تتابع كلامها وتوكلها على الله كانت تأخذ منها الدروس وتتلقى في حضرتها المواقف العظيمة وتتعلم منها، لأنها تعطي درسا عظيما في التضحية والعطاء.
وتعتبر النائب بأن هذه السيدة قد تعجز أمهات فلسطين على أن يلدن مثلها ليس لأنهن عاجزات ولكن لأنها سيدة كبيرة بكل معنى الكلمة قدمت وضحت ليس بالكلمة بل بالمواقف، ناقلة عنها قولها "أسأل الله القبول، ماذا لو ملأت الأرض تضحيات ولم يتقبل الله مني؟"، وتصفها أخيرا بأنها ظاهرة مميزة في التاريخ.
قدوة
ولم تكن الخنساء مجرد صورة مشرقة في لوحة المجد الفلسطينية فحسب، بل كانت قدوة لكل أبناء الوطن أينما وجدوا ومشعل نور في طريق التحرير.
وتقول غيداء سليم إحدى طالبات جامعة بيرزيت لـ"الرسالة نت" إن أم نضال هي شهيدة فلسطين ووفاتها لا تعتبر عادية لأنها بذلت الكثير في سبيل الله وفلسطين، موضحة بأنها كانت قدوة لنساء فلسطين في صبرها وعطائها.
وتتابع:" أنا كفتاة فلسطينية أسأل الله أن يعطيني جرأة وقدرة تحمل على أن أرسل أبنائي مستقبلا إلى ساحة الشهادة كي يكونوا مقدمة لتحرير فلسطين".
بدوره يقول المواطن إسماعيل شديد لـ"الرسالة نت" إن وفاة أم نضال فرحات تحمل الكثير من المعاني الحزينة لدى نفوس أهالي الضفة الذين كانوا يتابعون وداعها لأبنائها ومواقفها المشرفة بحمل السلاح وزيارة المرابطين على الثغور، مبينا بأن فلسطين ملأى بأمثالها وسيكون لهن زمن مشرق لقيادة معركة التحرير.
ويضيف:" نحن نعجز أن نصف تلك المرأة العظيمة وندعو الله أن يكثر من أمثالها في أرجاء الوطن كي يصبح الشعب قادرا على استعادة ترابه المحتل، فهي نموذج متواضع لقائد عظيم".